الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أردوغان يوجّه ناظريه للنفط السوري، فهل يلقى مصير مصانع حلب؟

أردوغان يوجّه ناظريه للنفط السوري، فهل يلقى مصير مصانع حلب؟
أردوغان يوجّه ناظريه للنفط السوري، فهل يلقى مصير مصانع حلب؟

طلب الرئيس التركي من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التشارك في إدارة حقول النفط في دير الزور شرق سوريا بدلاً من "قوات سوريا الديمقراطية"، حيث فضحت تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة، في العاشر من مارس، نواياه الحقيقية، وحجم الأطماع التركية، والدوافع الكامنة وراء التدخل العسكري في سوريا، إذ قال أردوغان: "بدلاً من الإرهابيين الذين يستفيدون هنا (قسد)، ستكون لدينا الفرصة لإعادة بناء سوريا من عائدات هذا النفط، سيكون من شأن هذا أيضاً إظهار من الذي يسعى لحماية وحدة سوريا ومن الذي يسعى للاستحواذ عليها". للنفط السوري


وصرّح أردوغان للصحفيين على متن طائرته أثناء العودة من بروكسل: "عرضت على السيد بوتين إذا قدّم الدعم الاقتصادي فإنّه بإمكاننا عمل البنية ومن خلال النفط المستخرج هنا، يمكننا مساعدة سوريا المدمرة في الوقوف على قدميها"، وبحسب أردوغان فإنّ بوتين يدرس العرض الذي قدمه له خلال محادثات أردوغان في موسكو في الخامس من مارس، مضيفاً إنه يمكنه تقديم عرض مماثل للرئيس الأميركي دونالد ترامب.


إقرار أمريكي سابق لـ قسد


إنّ المطالب التركية التي يجري الحديث عنها مؤخّراً بالنفط السوري، من غير المعلوم تماماً مدى إمكانيّة إنجازها، خاصّة وإن الهجوم التركي على شرق الفرات في التاسع من أكتوبر العام 2019، قد لاقى معارضة غربية شديدة، مع تلميح أمريكي بعقوبات على أنقرة فيما لو واصلت سياساتها المتعارضة مع الوجود الامريكي في شمال سوريا، حيث قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال "مظلوم عبدي" في التّاسع عشر من أكتوبر 2019، بأن المنطقة الواقعة بين تل أبيض ورأس العين، ما يشملها الاتفاق المُبرم بين أنقرة وواشنطن، وإن باقي الأراضي الواقعة خارجها، لا يشملها الاتفاق، وقواتهم انسحبت من رأس العين ضمنه، وعليه فإنّ مناطق النفط السوري ليست موجودة في ثنايا الاتفاق الأمريكي التركي. للنفط السوري


إقرأ ايضاً: إيران: عندما تخشى السّلطة من فيروس على حكمها!


وفي هذا السياق، كشف عضو الكونغرس الأمريكي السابق توم غاريت، في الواحد والعشرين من أكتوبر 2019، ما وصفها بـضغوطات كبيرة تعرّض لها الرئيس ترامب لأول مرة من أعضاء جمهوريين بارزين، في وقت يعوّل فيه على الجمهوريين لإنقاذه من محاولة الديموقراطيين عزله، وفي حديث خاص لـموقع "إرم نيوز"، قال غاريت، الذي زار مناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية عدّة مرات: "إنّ ما رأيته يعرفه جيداً قادة الجيش الأمريكي، وهو أننا في الشمال الشرقي حصلنا على التجربة الأكثر استقراراً على الأراضي السورية".


وأوضح: "إنّ منطقة الشمال السوري، يحكمها عرب وكرد وسريان بطريقة معتدلة، بعيداً عن الميليشيات المتطرفة، وبعيداً عن سيطرة النفوذ الإيراني الذي يُقلق الولايات المتحدة"، وأضاف : "رأينا اتّساع مساحة المنطقة والمحاولات المكثّفة من خلايا داعش للعودة إلى أنشطتها الانتقاميّة من السكان، الأمر الذي أعطى مؤشراً بأن التنظيم الذي أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات لهزيمته، سيعود بسرعة قياسية في حال الانسحاب". للنفط السوري


وبيّن البرلماني الأمريكي السابق: "إنّ قوات أخرى ستبقي في مناطق من دير الزور السورية، ليكون النفط السوري من حصّة قوات سوريا الديمقراطية، ولمنع داعش أو النظام أو ميليشيات إيران من الاستفادة منه"، ونوّه إلى أنّه بالإضافة إلى إبقاء المئات من الجنود، ستحتفظ الولايات المتحدة بخطّ إمداد قوات سوريا الديمقراطية بالسلاح والدعم لمكافحة تنظيم داعش، وتجنّب ذهاب قوات سوريا الديمقراطية المدربة والمسلحة أمريكياً إلى التحالف مع روسيا والنظام السوري، وبيّن إنّ تركيا خسرت بتصرفاتها على المدى البعيد وتخسر ميزاتها بكونها جزءاً من التحالفات الغربية وحليفاً مقرباً من أمريكا.


إقرأ أيضاً: أربعة أعوام من الانقلاب التركيّ على شرعيّة صناديق الاقتراع!


وأكد: "إنّ هناك قناعة تنتشر في واشنطن، وهي أنّ تركيا لم تعد حليفاً، بل هي الخطر المهدّد للمنطقة والعالم، والكثير من القرارات الغير مسبوقة سنشهدها لأول مرّة في التاريخ ضدّ تركيا"، ورأى غاريت: "إنّ هجوم تركيا في سوريا لن يضرب علاقتها مع الولايات المتحدة فقط، بل ضرب مشروعها الكبير في المنطقة، الذي اتبع نفس أسلوب تجنيد وتمويل الجماعات المتطرفة في ليبيا واليمن ومصر"، موضحاً: "إنّ تركيا ودعم ديمقراطية ثنائية، باتت أمراً متناقضاً، ولن ينطلي على أحد، بعد ما حدث في سوريا، فكل الخيارات الآن بالنسبة لدول المنطقة والعالم، هي أسلم من خيار إدخال الميليشيات المدعومة من تركيا إلى أراضٍ عربيّة".


النفط السوري بين الرغبات الأمريكية، الروسية والتركية


ويُلمّح حديث البرلماني الأمريكي السابق إلى نيّة واشنطن الحفاظ على دعم قسد لمنع سقوط النفط السوري في يد النظام، فيما لم يتمّ التطرق حتى للمطالب التركية بالمشاركة في استخراجه، إلا أنّ حليف دمشق الروسي لم يُقصّر في التعقيب نيابة عنها، حيث قال نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، في الثالث والعشرين من أكتوبر 2019، إنّ منابع وحقول النفط في شمال شرق سوريا يجب أن تكون تحت سيطرة "حكومة دمشق"، وهو ما يعني أن يكون تحت النفوذ الروسي، وأن تستفيد منه روسيا، عبر جرّه وتكريره في مصفاة بانياس أو غيرها، ضمن مناطق نفوذ النظام.


ليأتي الردّ الأمريكي سريعاً، في اليوم التالي، على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال ربما حان الوقت أن يتسلّم الأكراد في شمال سوريا المسؤولية عن حقول النفط، عبر تغريدة على تويتر، كتب فيها: "لقد استمتعت حقاً بمحادثتي مع الجنرال مظلوم عبدي، (القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية)، إنّه يقدّر ما فعلناه، وأنا أقدّر ما فعله الأكراد، ربما حان الوقت للأكراد لبدء التوجه إلى منطقة حقول النفط"، (وذلك عقب إجراء اتصال هاتفي مع عبدي). لتعلن على إثره وزارة الدفاع الأميركية، نهاية أكتوبر 2019، إنها خططت لتعزيز وجودها العسكري في شمال شرقي سوريا لحماية حقول النفط هناك من السقوط مجدداً بيد تنظيم «داعش»، وقال أحد مسؤولي الوزارة، في بيان: "أحد أهمّ المكاسب التي حققتها الولايات المتحدة مع شركائها في الحرب ضدّ تنظيم (داعش) هو السيطرة على حقول النفط في شرق سوريا، وهي تُعدّ مصدرَ عائدات رئيسيّ للتنظيم"، مضيفاً دون كشف هويته: "الولايات المتحدة ملتزمة تعزيز موقعنا في شمال شرقي سوريا، بالتنسيق مع شركائنا في (قوات سوريا الديمقراطية)، عبر إرسال دعم عسكري إضافي لمنع حقول النفط هناك من أن تقع مجدداً بيد تنظيم (داعش) أو فاعلين آخرين مزعزعين للاستقرار"، وأكّد: "إنّه يجب أن نحرم (داعش) من مصدر هذه العائدات، لضمان عدم عودة التمرد". للنفط السوري


أنقرة الطامعة في نفط سوريا كما مصانع حلب


وعقب سيطرة قواته والمليشيات السورية المتحالفة معه على المناطق الممتدة بين رأس العين وتل أبيض، قال أردوغان، في كلمة أمام منتدى في ماليزيا في التاسع عشر من ديسمبر 2019: "إنّ القوى العالمية تحرص على إرسال السلاح إلى سوريا أكثر من حرصها على دعم الخطط التركية لإقامة «منطقة آمنة» تعتزم أنقرة إعادة توطين ملايين اللاجئين السوريين فيها، بعد تطهيرها من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية"، وهي الخطة التي كانت ترمي تركيا إلى تطبيقها عبر توطين اللاجئين السوريين في تلك المنطقة والحصول على تمويل "غربي"، اتّسم موقفه بالرفض، لإدراكه بأنّ الهجوم التركي على مناطق شمال سوريا قد كان بهدف تهجير مكوّنات المنطقة الأصلية كالكُرد والسريان والآشوريين والأقليات العرقية والدينية الأخرى، ومن ضمنها العشائر العربية الرافضة للمطامع التركية بالأرض السورية.


إقرأ أيضاً: اللاجئون: مُبرر تركي لسلب السوريين أرضهم وجلب الأموال الأوروبية!


وطالب أردوغان حيذاك بدعم دولي لمشروعه لإقامة منطقة آمنة لاستيعاب نحو مليوني لاجئ سوري ممن يعيشون في تركيا، كما طالب بإنفاق عائدات النفط السوري على بناء مدن لاستيعاب هؤلاء اللاجئين، قائلاً: "إنّه طرح هذه الخطط على قادة العالم خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2019، وعلى قادة دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال قمّتهم في لندن لكنّه لم يتلقَّ ردّاً. للنفط السوري


ومن الواضح أنّ الجانب التركي لا يزال عاجزاً عن تمويل المدن والمستوطنات التي لطالما تحدّث عنها في مناطق شرق الفرات، بغية ما يدّعي بأنها تهدف لإيواء اللاجئين، مُتجاهلةً أنّها تُتاجر بهم لابتزاز أوروبا وحضّها على "دفع الجزية" على شكل مساعدات إنسانية، أو الاستعداد لاستقبال مئات آلاف اللاجئين، الذين أضحوا "كُرة" تتقاذفها أنقرة في ملعب تلهو فيه وحدها، فترمي بهم تارة في شرق الفرات، وتارة توصد أبوابها أمامهم، وتارة تدفعهم باتجاه اليونان، فيغرق منهم من يغرق ويعود من يعود، حتى يقتنع السلطان التركي بفشل خطته فيحجم عنها، ويبحث عن مكرٍ جديد قد يمكّنه من رمي اللاجئين في اتجاه جديد قد ينفعه.


وربما يكون النفط السوري الحلقة القادمة من مسلسل الاتجار التركي بالسوريين، عبر محاولة إقناع موسكو أو واشنطن بتقاسم النفط معها، لتشفط آباره، بحجج الإنسانية المزعومة، كما فعلت مع حلب، التي سُرقت غالبية معاملها وبيعت إلى تركيا، من قبل مليشيات كانت تدعي "الثورة" على "نظام فاسد"، ليبقى السؤال، هل يمكن أن يُبرّر السوريون سرقة وطنهم من قبل أنقرة بذريعة معارضة النظام؟ وهل دروس حلب وحمص ودمشق ليست كافية لتعلم مادة "الحصة التركية من الكعكة السورية"؟  


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!