الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • أردوغان وإسرائيل.. مُزاودات بالأخلاق ومُنافسة على الجرائم

أردوغان وإسرائيل.. مُزاودات بالأخلاق ومُنافسة على الجرائم
عفرين - الشيخ جراح - تركيا - اسرائيل

بغض النظر عن خلفيات وحقيقة قضية حي الشيخ جراح التي يدرك الفلسطينيون والإسرائيليون حيثياتها أكثر من أي شخص آخر، كان لافتاً أنّ دولةً هجرت قرابة المليون سوري من مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض شمال البلاد، بسبب الخلفية القومية "الكُردية" لغالبهم، جالبةً عوضاً عنهم مئات الآلاف من المناطق الداخلية، كأرياف دمشق وحمص وحماه وإدلب وغيرها، بعدما هجروا منها بتوافقات تركية-روسية، وببصمة إبهام من النظام السوري. الجرائم


(كان لافتاً) أنّها تستنكر تهجير مئات الفلسطينيين، رغم أنّها من حيث الفعل تجاوزت إسرائيل بمراحل، وتفوقت على ما تعلمته من تل أبيب بجدارة، في التهجير والتنكيل بالسوريين، واللعب بهم كـ"ورقة جوكر"، ضمن مخططاتها التوسعيّة في الشرق والغرب، عقب أن باتوا مرتزقة مأجورين يتحركون كيفما تُشير الأصبع التركية.


مواجهات القدش


تيقّظ إسرائيلي للمُخططات التركية


يدرك كل المتابعين أنّ أنقرة تتاجر بالقضايا، وتتخلى عنها بين ليلة وضحاها، رغم أنّها تتشدق بالدفاع عن الحق المزعوم من وجهة نظرها، والتي كان آخرها تخلّيها عن جمال خاشقجي، وما فلسطين إلا واحدة من قضايا الإتجار التركي، فالنظام التركي لم يتوانَ خلال الفترة الماضية، عن محاولاته لاسترضاء تل أبيب، التي كانت متيقظة لما يحاك لها.


ففي الرابع من أبريل الماضي، قالت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، في تحليل سياسي عن علاقة إسرائيل بتركيا: ” يجب على إسرائيل أن تكون حذرة دائماً من التقارير الصحفية التي ترسل عادة إلى وسائل الإعلام من أعلى المستويات في أنقرة حول المصالحة”، وأضافت أنّ “الهدف الوحيد لتركيا تحت حكم الرئيس رجب طيب إردوغان خلال العقد الماضي هو عزل إسرائيل".


اقرأ أيضاً: المُتاجرة بخاشقجي.. التخلّي التركي بُرهان جَليّ على زيف المزاعم (الجزء 4)


وتابعت الصحيفة، أنّ “تركيا استخدمت إدارة ترامب لتهديد حلفاء الناتو ومضايقة فرنسا وإرسال المرتزقة إلى ليبيا وسوريا، وبعد خسارة ترامب قررت تركيا أنّ السبيل الوحيد لتقليص التحالف الناشئ بين إسرائيل واليونان والإمارات ومصر، هو محاولة عزل إسرائيل بعيداً عن أصدقائها الجدد”، وسألت “كيف يمكن لدولة أن تتظاهر بأنها تريد التطبيع مع إسرائيل في نفس الوقت الذي تحاول فيه عزل إسرائيل وإفساد صداقات إسرائيل مع اليونان وقبرص والإمارات؟”.


ولتحسين العلاقات، قالت جيروزاليم بوست إنّ على إردوغان “أن يعدل عن وصف إسرائيل بأنها دولة نازية”، وأضافت أنّه “يجب على أنقرة طرد أعضاء حماس ووقف المغازلة مع الجماعات المتطرفة المعادية لإسرائيل، سواء كانت هذه الجماعات في إيران أو غزة”. الجرائم


الطعن في أول فرصة


المخاوف والشكوك والريبة الإسرائيلية من الجانب التركي كانت مُبررة، فالأخير لطالما استخدم تقنية الذئاب التي تظهر الوداعة واللطف، لكنها لا تتوانى عن الطعن بالظهر عند أول فرصة تسنح لها، وهو ما يؤكده نظام أردوغان في كل مرة، فعقب أن صدّت تل أبيب أبوابها في وجهه، رافضة منحه شيكاً على بياض النوايا، عاد أردوغان إلى مهاجمة إسرائيل.


ففي منتصف أبريل الماضي، هاجم الرئيس التركي، إسرائيل بسبب الغارات الجوية على قطاع غزة الفلسطيني، وذلك في إطار محاولته دغدغة مشاعر الفلسطينيين والمسلمين عموماً، بعد امتناع تل أبيب، عن مصالحته قبل تحقيق شروطها، وعلى رأسها قطع علاقته مع حماس، لكنه وبالتوازي، كان يرسل رسالة سرية إلى تل أبيب، يخيرها فيها ما بين المواجهة او المصالحة.


اقرأ أيضاً: العنصرية التركيّة تُحارب بالمياه.. من شرق الفرات إلى عفرين


إذ ذكرت هيئة البثّ الرسمية "كان"، في الثاني والعشرين من أبريل، أنّ وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتس، تلقّى دعوة رسميّة من وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، لحضور مؤتمر سيعقد في يونيو في أنطاليا، ولفتت الهيئة الإسرائيلية إلى أنّ الحديث يدور حول "مؤتمر دبلوماسي رسمي تحت رعاية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".


وعلّقت هيئة البث الإسرائيلي على الحدث بالقول إنّها "المرة الأولى التي يتم فيها مثل هذا التحرك منذ أن قامت تركيا باستدعاء سفيرها من إسرائيل عام 2018، بعد مظاهرات العودة في قطاع غزة، وأدى ذلك لاحقاً إلى مغادرة السفير الإسرائيلي"، ووصفت الدعوة بأنّها "تهدف لمحاولة التقارب مع إسرائيل، من بين الأمور الأخرى بالخلفية هناك الصراع على الغاز في البحر المتوسط، والذي تجد فيه تركيا نفسها خارج اللعبة، حيث إنها ليست عضواً في منتدى الغاز الذي أنشأته إسرائيل، مصر ودول أخرى".


استغلال أحداث القدس


ولأنّه ماهر في اصطياد الأحداث لقلب الحقائق وتزييف المعطيات وخداع شعوب المنطقة، سعى أردوغان على الدوام للسبق بالتصريحات، والظهور بموقع المدافع عن شؤون المسلمين، وعليه دعا، في الثامن من مايو الجاري، العالم والدول الإسلامية، للتحرك من أجل وقف اعتداءات إسرائيل على المقدسات والفلسطينيين في مدينة القدس، زاعماً وقوف بلاده الدائم مع المسلمين في كل فلسطين. الجرائم


وأضاف: "العالم الذي لا يحمي القدس والمسلمين.. خان نفسه وآثر الانتحار، إسرائيل دولة إرهاب وظالمة تعتدي على مسلمين يحمون مقدساتهم ويحافظون على وطنهم ومنازلهم التي يتوارثونها منذ آلاف السنين في القدس"، وهي تصريحات قوية، لكن مشكلتها الوحيدة أنّها صادرة عن أردوغان، فالأخير لم يقلها إلا لأنه يدرك بأنّ الحديث مجاني، ولا رقيب عليه، وهو ما تدركه إسرائيل أيضاً.


اقرأ أيضاً: ترامب.. الرئيس الذي حوّل أنظار الأمريكيين إلى الإرهاب الداخلي


ولأنّ الموقف مواتٍ للاستغلال، علّه يكسر العزلة التركية في المنطقة العربية من جهة، ويظهر أردوغان بالمكان الأكثر قرباً لقلبه، كأمير للسلطنة العثمانية الجديدة، لم يتأخر عن الاتصال مع قادة الدول العربية، فتواصل، في العاشر من مايو، مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، بينما توجه وزير الخارجية تشاوش أوغلو بزيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية، إضافة إلى الاتصال مع نظيريه، الأردني والمصري، بذريعة مواجهة العدوان الإسرائيلي وآخرين.


لكن واقع الحال يقول، إنّ أنقرة لو كانت صادقة فيما تدّعي، لكانت أوقفت صادرات الحديد والإسمنت إلى المستوطنات الإسرائيلية، وألغت الاتفاقات العسكرية مع تل أبيب، وكفت عن استخدام أسلحتها في قمع شعوب المنطقة من شمال سوريا إلى ليبيا، وصولاً إلى أرمينيا، حيث تدرك أنقرة أكثر من غيرها، بأنّه لولا التقنيات العسكرية الإسرائيلية والتعاون معها، ما كنت لتتمكن من تصنيع قطعة من طائراتها المُسيرة (التجميعية) القاتلة للسوريين والليبيين والأرمن وغيرهم. الجرائم


ليفانت-خاص ليفانت


إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!