الوضع المظلم
الأحد ٢٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • هل يقود اعتقال نافالني الشارع الروسي لإسقاط القيصر الجديد؟!

هل يقود اعتقال نافالني الشارع الروسي لإسقاط القيصر الجديد؟!
نافالني وبوتين

مرهف دويدري - ليفانت - خاص



 



لم يدّخر الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" جهداً ليظهر نفسه بمظهر "القيصر"، سواء من خلال البروباغاندا التي رافقت صعود نجمه إعلامياً، من خلال الظهور بمظهر المروّض لحيوانات شديدة الافتراس، إلى الصيت الذي يرافق كلبه الشهير، وما أشيع عن استخدامه كأداة ضغط على مفاوضيه؛ هذه الصورة التي رافقها حراك سياسي على الصعيدين الداخلي والخارجي، حوّلا روسيا إلى إمبراطورية للرعب، وثقب أسود يخفي كلّ معارضي سياسات "القيصر بوتين".



غير أن المعارض الروسي أليكسي نافالني، نال من هيبة القيصر مراراً، وتمكّن من الخروج خارج الثقب الأسود، الذي ابتلع الحراك الروسي المعارض والمظاهرات مراراً، واستطاع أن يكبح جماح جميع المحاولات لشقّ عصا الطاعة من قبل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، فكان درس أوكرانيا والثورة البرتقالية، التي عادت خلالها روسيا إلى المشهد من نفس الباب.


كاد "نافالني"، الزعيم غير الرسمي لحزب التحالف الشعبي المعارض، أن يدفع حياته ثمناً لمواقفه السياسية، حيث أن الاهتمام الإعلامي بالمعارض الروسي، ازداد بعد أن وصل إلى حافة الموت، جرّاء تعرّضه لما قيل أنّه محاولة تصفية جسدية، من خلال تسميمه، وفق مراكز أبحاث ألمانية، وهو ما أيّدته مراكز بحثية سويدية؛ الأمر الذي فتح الباب واسعاً على أسئلة حول انتهاكات النظام الروسي الحاكم، وسيطرتها على مساحات جغرافية جديدة بالحديد والنار.


نافالني


اليوم يعود "نافالني" إلى موسكو ليواجه "بوتين" الذي بادر على الفور إلى اعتقاله، دون أن يلقي بالاً للتقارير الدولية التي اتّهمته بشكل مباشر عن المسؤولية بمحاولة اغتياله في وقت سابق، فيما بدأت المواقف الدولية المستنكرة تغزو وسائل إعلام، لتسلّط الضوء على قضية هي الأهم، وهي "هل يكترث بوتين لوسائل الإعلام والمواقف الدولية؟!"



نافالني المعارض الذي هزّ عرش "القيصر الجديد"



اكتسب ألكسي نافالني شهرة كبيرة في روسيا، وخصوصاً في وسائل الإعلام الروسية، كناقد للفساد، وبشكل خاص انتقاده للرئيس الروسي فلاديمير بوتين. حيث استغل مدونته على موقع "لايف جورنال" لتنظيم مظاهرات واسعة النطاق لمعالجة هذه القضايا، وأشار في أكثر من مقال له، أن نظام بوتين السياسي يضعف بسبب الفساد، لدرجة أن روسيا قد تواجه تمردًا على غرار الربيع العربي في غضون خمس سنوات، وكانت قد اتهمته السلطات الروسية بالتخطيط لسرقة 16 مليون روبل من شركة أخشاب مملوكة للدولة أثناء عمله مستشارًا لحاكم منطقة كيروف عام 2009، وذلك على خلفية ترشحه لانتخابات عمدة موسكو، التي كان حزب "روسيا الموحّدة" الموالي للرئيس الروسي، ويدعم سياساته الداخلية والخارجية، وكان قد طالب ممثلو الادعاء توقيع عقوبة السجن بنافالتي لمدة ست سنوات لهذه التهمة، حيث حكمت إحدى محاكم كيروف في 18 يوليو، بسجنه 5 سنوات مع دفع غرامة قدرها 500 ألف روبل.


هذه القضية التي اتهم فيها نافالتي أثارت ردود فعل داخل روسيا وخارجها، فقد قال ميخائيل غورباتشوف آخر زعيم للاتحاد السوفيتي إن "استخدام القضاء في الخلاف ضد خصوم سياسيين غير مقبول" وقال أن مجمل القضية "تؤكد مع الأسف أنه ليس لدينا قضاء مستقل". وقالت كاثرين آشتون مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي آنذاك، إن "الحكم يطرح أسئلة خطيرة حول وضع حكم القانون في روسيا".



محاولات اغتيال نافالني الفاشلة



قال المعارض الروسي ألكسي نافالني إنه تعرّض للتسميم عن طريق لمس زجاجة، مؤكداً إن غاز الأعصاب لم يكن داخل الزجاجة، بل عليها، و تعهد آنذاك بالعودة إلى روسيا، رغم كل ما يبذله الكرملين لمنعه من ذلك، حيث بدأت القضية في 20 آب/أغسطس 2020، وبينما كان نافالني يستقل طائرة من سيبيريا إلى موسكو، فقد وعيه واضطرت الطائرة للهبوط حيث نقل نافالني إلى مستشفى الطوارئ بمدينة أومسك الروسية، حيث وضع بعدها على جهاز تنفس اصطناعي، وتحدثت ناطقة باسمه عن شبهة تسمم تعرض لها. وذكر نائب مدير المستشفى بأن الأطباء يفعلون ما بوسعهم "لإنقاذ حياته"، وأنه لم يتم تشخيص حالته بالتسمم بعد ولكنها وصفت بالخطيرة، وفي 21 أغسطس 2020، سمح أطباء المستشفى بنقل نافالني على متن طائرة إلى ألمانيا لتلقي العلاج، وذلك بناءاً على طلب من زوجته "يوليا نافالنا" تقدمت به إلى الرئيس الروسي، حيث تم نقله على متن سيارة إسعاف من المستشفى ترافقها سيارات الشرطة إلى المطار، وكانت حالة الناشط الروسي مستقرة ولكنها حرجة.


اقرأ المزيد  نافالتي: بوتين يطلب من موظفيه أن يفعلوا كل شيء حتى لا أعود


فيما كشف تقرير استخباراتي أن المعارض الروسي أليكسي نافالني تعرض لمحاولة اغتيال ثانية في الوقت الذي كان يرقد في غيبوبة إثر سقوطه مغشياً عليه خلال رحلة جوية داخلية في سيبيريا في أغسطس الماضي، وكانت قد نقلت صحيفة "التايمز" البريطانية عن مصادر استخبارات غربية أن عملاء الكرملين استهدفوا نافالني، عبر اللحاق به إلى مستشفى في مدينة أومسك الروسية حيث تم نقله بعد تعرضه لهجوم بغاز الأعصاب القاتل.


بوتين


أما المحاولة الاغتيال الفاشلة الثانية، فقد وقعت قبل نقل المعارض الروسي جواً من روسيا إلى ألمانيا لتلقي العلاج، وأشار أحد المصادر المقرّبة من نافالني: "كان ذلك يهدف لموت نافالني بحلول الوقت الذي يصل فيه إلى برلين"، فيما رجح التقرير نجاة نافالني بعد تلقيه عقار الأتروبين على متن سيارة الإسعاف التي نقلته إلى مستشفى أومسك.



آخر الديمقراطية الروسية "الاعتقال"



اعتقل المعارض الروسي ألكسي نافالني ثلاث مرات في 2017 لأنه نظم تظاهرات غير مصرح بها، وضمت أحياناً آلاف المشاركين في جميع أنحاء روسيا، وتخللها اعتقال المئات، وكان نحو عشرة رجال شرطة قادوا نافالني بالقوة إلى داخل شاحنة ذات زجاج داكن بعيد انضمامه إلى مناصريه في تظاهرة في شارع تفيرسكايا في وسط العاصمة الروسية موسكو، لكن الشرطة الروسية أطلقت سراح نافالني بعد اعتقاله لفترة وجيزة خلال تظاهرات ضد الانتخابات الرئاسية والتي وصفها بـ"الخدعة" حيث كرّست بوتين رئيساً لروسيا حتى 2024.


وفي 17 كانون الثاني/يناير 2021، اعتقلته مصلحة إنفاذ القانون الروسية فور وصوله مطار شيريميتييفو الدولي في العاصمة الروسية موسكو قادماً من ألمانيا بموجب مذكرة سابقة صادرة بحقه بتهمة الاحتيال، وقال نافالني "أنا لست خائفاً أنا أعرف أني على حق.. وأن القضية الجنائية المرفوعة ضدي ملفقة"، وكانت سلطات السجون الروسية حذّرت من أنها لن تتردد في اعتقال نافالني (44 عاما) ما أن يصل الى روسيا، بحجة أنه انتهك خلال إقامته في ألمانيا في الأشهر الأخيرة شروط عقوبة بالسجن مع وقف التنفيذ صدرت بحقه العام 2014.



أوروبا وأمريكا تنددان باعتقال نافالني.. ومطالب بالإفراج عنه



تسارعت ردود الفعل الدولية على اعتقال المعارض الروسي أليكسي نافالني بعد عودته إلى بلاده قادما من ألمانيا، وفي أول رد فعل أوروبي، اعتبر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، في تغريدة أن اعتقال نافالني بعيد عودته إلى موسكو أمر "مرفوض"، داعياً إلى "الإفراج الفوري" عنه.


اقرأ المزيد  بومبيو مستنكراً اعتقال نافالني: القادة الواثقون لا يخافون الأصوات المعارضة


فيما قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو "القادة الواثقون لا يخافون الأصوات المعارضة، ولا حتى العنف ضدهم أو يحتجزون المعارضين السياسيين قسرا، فالشعب الروسي، كما الشعوب في كل مكان، يستحق حكومة تدعم سوقا مفتوحة للأفكار وحكما يتسم بالشفافية والمحاسبة ونظاما قضائيا مستقلا، والقدرة على ممارسة أبسط حقوق الإنسان في التعبير عن الرأي دون الخوف من العقوبة".


واعتبر جايك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن أنه "ينبغي الإفراج فورا" عن نافالني. وكتب سوليفان على تويتر أن "هجمات الكرملين على نافالني ليست انتهاكا للحقوق الإنسانية فحسب، بل إهانة للشعب الروسي الذي يريد أن يكون صوته مسموعا".


ودعت فرنسا السلطات الروسية إلى "الإفراج فورا" عن نافالني الذي اعتُقل بعيد عودته من ألمانيا. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الفرنسية أن "فرنسا أخذت، بقلق بالغ، علما بتوقيف أليكسي نافالني في روسيا. وهي تتابع وضعه مع شركائها الأوروبيين، بأقصى درجات اليقظة، وتدعو إلى الإفراج عنه فورا".


من جانبها قالت مديرة مكتب منظمة العفو الدولية في موسكو ناتاليا زفياجينا إن اعتقال نافالني لدى وصوله إلى مطار شيريميتو في موسكو "دليل آخر على أن السلطات الروسية تسعى إلى إسكاته". وأضافت أن اعتقاله "يسلط الضوء على الحاجة إلى التحقيق في مزاعمه بأنه تعرض للتسميم على يد عملاء دولة وبناء على أوامر صادرة من أعلى المستويات".

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!