الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
السهل والجبل.. مرة أخرى على شفير الهاوية والفتنة
بصرى الشام

لا يمكن أن يخفى على أحد الدور التخريبي الممنهج التي تقوم به ميليشيات إيران والأجهزة الأمنية، التي توالي الاحتلال الإيراني في سورية، فقد باتوا ينفذون مشاريعهم علناً ودون أي رادع، فمنذ عشر سنوات وهذه الميليشيات تستثمر في الفوضى التي تعم البلاد، وبنت ومكّنت نفوذها على احتمال الفتنة التي تمسك بشرارتها وتغذيها وقت ما شاءت. 


وهنا الحديث يدور عن بصرى الشام والقريا، فحسب شهود محليين وتقارير موثقة، قام حزب الله في الفترة الماضية بتقديم الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، والتي فاقت 1500 قطعة سلاح، بالإضافة لمنظومات اتصال وتجسس لفصيلي (الدفاع الوطني) و(كتائب البعث) في المنطقة التي تشهد توتراً كبيراً في جنوب غرب السويداء، المحاذية للفيلق الخامس المدعوم من روسيا. والمتمركز في بصرى الشام، جنوب شرق محافظة درعا، مترافق مع إشاعات حول افتعال معركة جديدة مع الفيلق.


تأتي خطورة تدخل حزب الله بهذه القضية لعدة أسباب أهمها: أنّه طرد من بصرى الشام عام 2015، على يد فصيل شباب السنة بقيادة أحمد العودة حينها، والذي بات من قوام الفيلق الخامس بعد اجتياح درعا 2018، ولكن الأخطر أنّه سيستخدم ويستقدم في هذا التحرك الجديد مقاتلين من بصرى الشام، من الطائفة الشيعية (المتاولة)، والذين هجروا منها مع حزب الله، آنذاك، ولكن تبقى النسبة الأكبر من فصيلي الدفاع الوطني وكتائب البعث من أبناء محافظة السويداء.


كل الدلائل تشير إلى أنّهم سيقومون بافتعال معركة مع الفيلق الخامس، ثأرية الطابع، يتم استثمار فيها أحداث 27/3 الفائت، التي راح ضحيتها وقتها 15 شاباً من أبناء القرية على أرضية الخطف والخطف المضاد بين المحافظتين وقتها، كما وثقناه في تقارير سابقة، الموضوع الذي لم يحلّ لليوم رغم كل جهود المصالحة التي حاولها المعنيون بالشأن الوطني في المحافظتين. ولكن هذه المعركة بالنسبة لحزب الله هي مهمة لتثبيت مواقع لهم على خط دمشق الجنوب حتى الحدود الأردنية، والذي هو خط تهريب المخدرات الأهم باتجاه الخليج.


السؤال الأهم، هل روسيا غافلة عن هذا التحرك الذي يقوم به حزب الله ضد الفيلق الخامس الذي تدعمه، أم أنّها تنتظر اشتعال الحريق لتتدخل وتطفئه وتفرض شروطها على الجميع؟


من المعروف أنّ أكبر فصائل السويداء، حركة رجال الكرامة، تقيم علاقات وصفت بالتنسيقية الحذرة مع الروس، ولكن ليس لدرجة الانصياع لها وتنفيذ مطالبها. وبالمقابل عند حدوث كارثة واراقة الدماء في معركة الكل فيها خاسر من جانبي الأهالي في درعا والسويداء، والكل سيهرع للضامن الروسي الذي يجنّب الجميع الصدام والمصائب ، ولكن بعد أن تكون الواقعة قد وقعت وتعاظم الجرح الكحلي بين الجارين وبات علاجه أصعب.


وبالمحصلة، لا روسيا ولا إيران ولا حزب الله ولا هذا النظام المتأكل يهتم لما ستؤول إلية الأمور في المنطقة في حال اشتعلت الفتنة بين السهل والجبل مجدداً، بقدر تحقيق مصالحهم العسكرية والسياسية. فحتى وإن كانوا قادرين على إطفاء نار الفتنة والاستفادة من مجرياتها كل حسبما يريد، ولكن إلى ماذا ستؤسس هكذا كارثة بين الطرفين، إن كان في درعا أو السويداء ستحتاج إلى جيل وربما أكثر لتبريد قلوب المكلومين والثكالى والأيتام من الطرفين، وهذا ما على الفاعلين العسكريين والسياسيين من أبناء المحافظتين العمل على درئه وتفويت الفرصة على تلك الميليشيات التي لن تخدم الا مصالحها وفقط. 


 – سلامة خليل  

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!