الوضع المظلم
السبت ٢٠ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
ماذا لو تعايشت إيران؟
خالد الجاسر

ماذا لو تعايشت إيران؟ و"حبة السُم" التي بذرها ترامب قبل رحيله، وعرقلت جهود خلفه، جو بايدن، لإحياء الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015. والذي وصل إلى طريق مسدود، وهي من ضمن أكثر من 1000 عقوبة فرضها ترامب على إيران خلال فترة رئاسته، مع مطالبة طهران الإدارة الأمريكية الحالية بإلغاء تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية منذ عام 2019، وتعارض جميع العناصر الفاعلة في المشهد السياسي الأمريكي تقديم أي تنازل فيما يخص الحرس الثوري، علماً بأن الغالبية العظمى من أعضاء الكونغرس والشعب الأمريكي لا يعترفون بوجود أي اختلاف بين الحرس الثوري الإيراني و«فيلق القدس» التابع له.

بل ويرغب عدد من أعضاء الحزب الديمقراطي داخل مجلس النواب في أن يتخذ بايدن موقفاً أقوى ضد إيران وتوسيع نطاق الاتفاق ليشمل إلزام إيران بوقف مساعيها لزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط، التي يقودها الحرس الثوري الإيراني وتطاولهُ على النفط العالمي باستهداف السعودية.

ماذا لو تعايشت إيران؟ واستغلالها دول الجوار لاحتلال ما لا حق لها فيه، لترسم منذ 2011 و2015، المشهد بطريقتها الخاصة بفرض الأمر الواقع على الأرض، بما يضمن هيمنتها الإرهابية، فأهلكت الشعب الأبي السوري، والآن تأكُلهُ "بعضاً من كُل"، كما فعلت بلبنان وتدمير مرفأ بيروت، وتقسيم العراق بقروض ضخمة مقابل استيراد سلع وبضائع إيرانية، واستحوذت على عقارات ومشاريع عبر صفقات مشبوهة تجارياً واجتماعياً لهندسة المشهد كما تراها ثورتها الفاشلة، داخلياً وخارجياً، والتي أودت بشعبها للهلاك والموت جوعاً، حتى وقفت لها بالمرصاد روسيا، بأنّه لا مشاريع كُبرى ولا استثمارات لها في سوريا، ليكون الواقع السوري باباً للتنافس مع إيران في بلد منهوب، تتآكل موارده بفعل الحرب.

ماذا لو تعايشت إيران؟ وأطماعها التي زادت بسقوط أفغانستان التي تشترك معها في حدود بطول 900 كيلومتر، وتجديد الرئيس الإيراني روحاني النبرة التوسعية، ادعاءاته بأن شعبه يعلم جيداً أنه قبل 205 سنوات، ومروجاً من خلال شعاراته "الأممية الإسلامية" المزعومة، أن الكثير من دول الجوار الإيراني كانت "أراضٍ إيرانية تم اقتطاعها من الوطن الأم"، بما فيها جميع أراضي الخليج وأجزاء من العراق وتركيا وكردستان وأفغانستان وأذربيجان والقوقاز ودول آسيا الوسطى. فمثلاً قبل 191 عاماً فصلوا جزءاً آخر من الأرض الأم، وفي 172 سنة اقتطعوا جزءاً كبيراً من شمال غرب إيران بعد انهيار الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي (أذربيجان وأرمينيا وجورجيا)، ودول الجوار الشرقي الإيراني (أفغانستان وبلوشستان باكستان)، ومناطق شمال شرق إيران (تركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان)، إذاً ما زالوا على الضلال وإرهاب دول الجوار ثُم الاحتلال الشامل.

ماذا لو تعايشت إيران؟ وطموح طهران لاستغلال تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا لتعزيز نفوذها في آسيا الوسطى، مع تغير الرهانات الدولية، بتغيّر طبيعة الواقع السوري والإقليمي؛ خاصة بعد مجيء إدارة جو بايدن، الشبيه السياسي أو المُحاكي السياسي لإدارة باراك أوباما، فعمقت طهران تدخلاتها المُتغطرسة بتموضعها الاستراتيجي في الشرق الأوسط من البوابة السورية، بهدف "حماية حديقتها الخلفية" للعراق، وضمان الطريق الأوحد والربط بين بغداد وبيروت و"حزب الله" عبر العاصمة السورية، وتأسيس موطئ قدم تُطل منه على إسرائيل، وتصل إلى المياه الدافئة على البحر المتوسط.

وهو ما قطعتهُ أمريكا بتواجدها العسكري في قاعدة التنف لقطع (الطريق، المياه، والكهرباء) عن حديقة الشيطان، التي اقترح عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان، إبراهيم رضائي، إقامة مركز تجاري إيراني في دول الجوار كإحدى نقاط قوة الحكومة الثالثة عشرة في الدبلوماسية الاقتصادية.. وهذا هو الاحتلال.

ماذا لو تعايشت إيران؟ وهي بالأصل دولة قائمة على عدة مكونات شعبية غير فارسية، مثل: (الفرس والترك الأذريين والكرد والعرب والبلوش واللور والمازيين والجيلانيين)، ونمّت الانتماءات القومية بين تلك الشعوب بعد انحسار المد الديني، ووصلت في بعض الأحيان إلى مُطالبات انفصالية، ولعل أبرزها الآن شعب الأحواز المقهور.. فكيف يتحدث روحاني عن القوميين الفرس المُتطرفين المعارضين للنظام الديني؟ وكذلك أمثاله من القوميين الفرس ذوي النزعة الآرية.. كاشفاً تابعيته علناً وللعالم، ليكون ما يتفوه به من تُراهات توسعية تؤكد أن إيران واهية، يُطلق عليها في أدبياتهم "أم القرى الإسلامية"، وكُلُها أكاذيب خاصة في معاداة العرب، وهذه النزعة ستبقى تؤجج الخلافات مع دول الجوار.

 

ليفانت - خالد الجاسر

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!