-
فاجعة السليمانية ونيجيرفان بارزاني
كتابة كلمات أو أسطر في صفحة من صفحات التاريخ عن كارثة كبيرة أحزنت جميع الكوردستانيين من زاخو إلى خانقين، وعموم محبي الإنسانية، ليس سهلاً، خاصة لشخص أعلن عن هذا المأتم من بيته، وجلس أمام شاشات التلفاز لساعات طوال وهو يتحسر ويذرف الدموع مع كل جثة تنتشل من تحت ركام البناية المتهدمة إثر الانفجار الذي حدث في منزل في حي كازيوه بمدينة السليمانية العزيزة.
لذلك لا أحاول طرح التفاصيل وكشف الحقائق والأسرار التي لا تتراءى ولا تظهر للعيان، لأن البعض من القنوات الإعلامية، كما هي شأنها، أجادت إدارة لعبة التحول من ناقل للخبر إلى أيقونة التحليل والسير وسط التلال الرملية المتحركة، ولم تبتعد عن فضائل الواقعية والاتزان والاعتدال الإعلامي الذي يجب أن يلازم كل من يخوض غمار الشأن الإعلامي المتعلق بالأفراد أو العائلات أو حتى الأحزاب والمكونات. ولكني سأتحدث عن عميد الدبلوماسية، ومهندس الإعمار والبناء، والشخص البارع في فكّ شفرات السياسة وفتح الأبواب المغلقة، والساعي الدائم الى الوئام والسلام، الذي هو نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كوردستان الذي زار السليمانية للمشاركة في مراسم العزاء.
هذا البيشمركه بدأ حياته النضالية مبكراً على يد والده الشهيد إدريس بارزاني الذي كان مفعماً بروح الكوردايتي والتسامح، والذي تجمعت فيه كل الكوردستانيين. وأتقن لغة وفنون السياسية الحقيقية من عمه البيشمركه والرئيس مسعود بارزاني الذي مارس السياسة في ضوء علاقة الأماني والرغبات القابلة للتطبيق والحقائق الثابتة بالظروف الوقتية والواقعية التي تساعد على التغيير في إطارٍ الممكن. وخلال رئاسته لحكومة ورئاسة الإقليم تفادى الصراع وصنع واقعاً سياسياً غير مسبوق في العراق وعموم المنطقة، ومارس السياسات العقلانية الواقعية وهو يمزج بين رجاحة العقل وخصوبة الفكر وقوة التصميم والإرادة وتمحيص الأمور بوعي وبصيرة.
منتصر، يصرّ على أن يتفوق في كل مكان وزمان، وخلال لقائه بالإعلاميين في مستشفى (شار) في السليمانية الجريحة، وبعد المشاركة في مراسم العزاء المقام على أرواح ضحايا الانفجار والاطلاع عن كثب على أحوال الجرحى الراقدين في المستشفى، أسهب في التعبير عن تعازيه ومواساته ومشاطرة أحزان السليمانيين خصوصاً والكوردستانيين عموماً، ولم يخفِ حزنه الشديد تجاه ما حصل للعائلة الكريمة.
كما أعلن، برؤيته الثاقبة المستندة إلى فكره الاستراتيجي الخصب ووعيه التاريخي العميق، عن دعم بلا حدود لتوحيد خطاب وموقف القوى الوطنية وحرق كل الاختلافات، والميل للحلول الوسطى لتجسير الهوة الفاصلة بين الأحزاب الكوردستانية بشأن موعد وقانون الانتخابات التشريعية المقبلة في الإقليم وخدمة التطلعات الكبرى، وإضافة انتصار آخر إلى سجل تجربته السياسية المديدة عبر قراءة الواقع وتوازناته العميقة، مصحوباً بالإمكانيات وقوة التصميم والإرادة التي تدخل في صنف الواقعية الخلاقة، قائلآً: (سنفتح صفحة جديدة وندشن حواراً، ونزور الأحزاب، وستكون هناك محاولات جادة لحل الخلافات كافة بالحوار وعلى طاولة الحوار). وقال: (الشرط الوحيد لنجاحنا هو وحدة الكلمة. ويجب أن تكون مصالح إقليم كوردستان فوق كل الاعتبارات الحزبية وفوق كل شيء آخر).
صبحي ساله يي
حول الكاتب
- صبحي ساله يي
- كاتب عراقي
لمحة
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!