-
عالم الفضاء فاروق الباز لـ”ليفانت”: العرب سيغزون الفضاء خلال 10 سنوات
الإمارات تقود العالم العربي نحو الفضاء.
الإماراتيات أكثر النساء مكانة عربياً والفضل للقائد المؤسس الشيخ زايد.
الشباب الإماراتي يلعب دوراً في مشاريع وعلوم الفضاء عالمياً مستقبلاً.
من يرون مشروعات الفضاء رفاهية “جهلاء”.. وعلى العلماء تبسيط العلوم.
فوز جو بايدن لن يغير السياسية الأمريكية في الشرق الأوسط.
الشعوب العربية لفظت الإخوان ولن يعودوا للمشهد السياسي.
لا “صراع” على ثروات الفضاء والحياة على المريخ “ممكنة”.
جائحة كورونا ستنتهي قريباً والعلماء سينقذون البشرية.
حاورته: هاجر الدسوقي
لم يكن الحوار مع قامة علمية بحجم عالم الفضاء المصري فاروق الباز، يسيراً في ظل شواغل معرفية كثيرة يشهدها مجال العلوم والفضاء، غير أن البروفيسور الذي يشغل حالياً منصب مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن، بالولايات المتحدة الأمريكية، لم يجد حرجاً في تفنيد تلك الظواهر وتوضيحها، مهما بدت متجددة، ومتشعبة، وغير حاسمة.
الباز (83 عاماً)، وفي مقابلة خاصة مع “ليفانت” توقع أن تشهد العشر سنوات المقبلة نشاطاً ملحوظاً في العالم العربي بالنسبة لعلوم الفضاء، بعد الإنجازات التي حققتها دول عربية في هذا المضمار، معتبراً دولة الإمارات تقود العرب نحو الفضاء.
ويستشهد الباز خلال حديثه بالمشروع الإماراتي، مسبار الأمل، الذي يصفه بالإنجاز العربي، وصولاً للإعلان عن بناء القمر الصناعي “MBZ-Sat”، دون أن يغفل الحديث عن دور الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فيما وصلت إليه دولة الإمارات.
ومع تشعب الظواهر، كانت لنا وقفات حول مستقبل علوم الفضاء، وهل سنشهد صراعاً على ثروات ذلك العالم الخارجي؟ وتأثير التغير المناخي على المنطقة العربية، وهل يمكن لفيروس كورونا المستجد أن يؤثر على سير مشروعات الفضاء؟ وماذا عن مصير الوباء في ظل تجارب اللقاح؟
لم يخلُ الحوار الذي استمر نحو ساعة عبر برنامج “سكايب” من مقر إقامته بالولايات المتحدة، من تساؤلات حول المرشح الذي انتخبه “الباز” فى الانتخابات الأمريكية، ورؤيته لمستقبل الشرق الأوسط في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، وكذلك مصير جماعات الإسلام السياسي مع عودة الديمقراطيين للحكم.
وأجاب “الباز” الذي عمل مع وكالة “ناسا” ضمن برنامج التخطيط لاستكشاف القمر جيولوجياً، واختيار مواقع الهبوط لبعثات “أبولو”، على السؤال الأصعب “أمريكا إلى أين قبل الوصول إلى يوم 20 يناير/كانون ثاني المقبل؟” في ظل رفض الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب لنتائج الانتخابات.
● بداية ما تقييمك للمسارات البحثية الحالية في مجال علوم الفضاء بالنسبة للعالم العربي؟
لم ندخل هذا المجال كعرب كثيراً، لكننا بدأنا، فمصر والسعودية والإمارات يعملون على مشروعات قيّمة في مجال الفضاء، لذا ستشهد العشر سنوات القادمة نشاطاً في العالم العربي بالنسبة لعلوم الفضاء.
● كيف استقبلت مشروعات الفضاء الإماراتية بداية من إطلاق مسبار الأمل، لاستكشاف المريخ، وصولاً للإعلان عن بناء القمر الصناعي “MBZ-Sat”؟
الإمارات العربية المتحدة قررت البدء في مشاريع الفضاء والتخصص فيها والتركيز على الشباب ودعمهم في دخول مجال الفضاء، وهذا ما فعلته ناسا عندما دعمت الشباب في دخول علوم الفضاء وتكنولوجيا الفضاء، ولهذا سبقت أمريكا روسيا في هذا المجال.
في رأيي الإمارات سوف تنجح في دعم مشاريع الفضاء وسوف يشارك عدد كبير جداً من شباب الإماراتيين في مشاريع وعلوم الفضاء عالمياُ مستقبلاً.
● وما هو تقييمك لمشروع مسبار الأمل على وجه الخصوص؟
مسبار الأمل إنجاز عربي ممتاز جداً، لأنه صمم بأيادي وعقول إماراتية، وعندما تبدأ دولة في علوم الفضاء مثل دولة الإمارات فهذا يعني أنها سوف تستمر وتتقدم وتزداد رفعة، الإمارات تقود العالم العربي في مشاريع الفضاء، لأنه إضافة للتصوير الفضائي أرسلت قمراً صناعياً يمدنا بالمزيد من المعلومات عن الطبقات العليا للغلاف الجوي للمريخ، وهذه بادرة إماراتية لم تقم بها أي دولة عربية من قبل.
● التقيت الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، 3 مرات قبل رحلات فضائية، ما الذي لا تنساه عنه؟
المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان رجلاً عظيماً، نجح في تأسيس دولة تجمع الإماراتيين كي يكون لهم مكانة في المنطقة والعالم. لم يكن متعلماُ، لكن كان لديه رؤية وفكر، كان يهتم بتعليم الشباب ودعمهم.
أذكر أول مرة التقينا قلت له أنني بصدد إلقاء محاضرة للشباب في المدرسة الثانوية بأبوظبي عن نتائج رحلات أبولو، سألني باستغراب وماذا عن الفتيات؟ كان يرغب في تعليمهم وأن يكون جميع الإماراتيين ذكوراً وإناثاً لهم مكانة، وفعلاً تحقق ما أراد فأكثر النساء مكانة في العالم العربي هنّ الإماراتيات.
● ماذا يحمل لنا المستقبل في علوم الفضاء؟ هل ترى المستقبل مبشر؟
منذ رحلات أبولو للقمر، هناك اهتمام علمي عالمي في كل دول العالم الأوروبية والعربية، حيث بدأت جميعها تهتم بعلوم الفضاء والفلك، وكيف تساهم هذه العلوم في الحياة اليومية كاستخدام الأقمار الصناعية في دراسات الأرض والإنتاج الزراعي، مثلما حدث في الهند، وتوصلنا لكيفية مباشرة إنتاج الغذاء من الأقمار الصناعية.
نعم المستقبل مبشر، وهناك تقدم ممتاز في علوم الفضاء للتعرف على الكون، إضافة للحصول على منفعة للإنسان، وهذا في نظري سيستمر على الدوام.
● هناك أناس في المجتمعات العربية لا يرون أهمية لمشروعات الفضاء، بل بعضهم يحاربون نظريات علمية، ما رأيك؟
كل هذا جهل وخلل فكري، الناس التي لا تعلم تقول هذا الرأي لأنها لا تقرأ ولا تتعلم ولا تعرف ما الذي يحدث في العالم وما نتائجه. هناك الكثير من العقول في العالم العربي مجمّدة لا تستطيع أن تتفهم أي شيء، هذا يرجعنا للخلف كثيراً ويؤثر على التنمية في العالم العربي.
● قد يعاني بعض الناس من صعوبة في فهم العلوم، خاصة مع تعقيدات الدوريات وأبحاث العلوم الأساسية، ما رأيك؟
من يعتقد أنه هناك صعوبة في نتائج الأبحاث هو الجاهل بعينه لأنه لا يقرأ، ليس ضروري أن يعرف الإنسان ما يحدث في المعادلة الكيميائية أو الفيزيائية، لكن يمكن أن يطلع على الأبحاث ونتائجها المنشورة ويستفيد منها. وجزء من مهمة العلماء إخبار الناس بما توصلوا له بطريقة مبسطة.
● كيف ترى تأثيرات التغيّر المناخي في المنطقة العربية؟
التغيرات المناخية تتحكم في الحياة على الأرض بشكل عام، كان هناك جسم من الفضاء ارتطم بالأرض ونتيجة لذلك ظهرت أتربة في الغلاف الجوي حجبت الشمس وماتت الحيوانات الكبرى، هذا معناه أنه ممكن جداً أن تصل من الفضاء كتلة صخرية للأرض تؤثر على مناخ الأرض كله. وقارة أفريقيا التي كانت أقرب لخط الاستواء حيث كانت تصلنا أمطار غزيرة في الماضي، ثم نزحت أفريقيا شمالاً، وهكذا تكونت الصحارى بعدما جفت الأنهار وقل وصول السحب. وبالتالي المنطقة العربية تأثرت تأثراً بالغاً في الماضي، وشهدت تغيرات كبيرة، أثّرت على الجو والمناخ وممكن أن تستمر وتؤثر على الحياة في الأرض، لذا علينا فهمها والتعامل معها.
● هل يعني حديثك أن التغيرات المناخية تشكل خطراً على حياة الإنسان الذي يتحمل المسؤولية الأكبر في ذلك التغير؟
لا أظن أن هناك خطر على الإنسانية أو على الأرض أو شيء من هذا القبيل، لأن التغيرات المناخية لم تصل إلى هذا الحد. صحيح أن علماء المناخ نصحوا بضرورة التأهب وتغير الوضع الحالي لكي نقلل من انبعاث غازات الكربون، لكن يجب أن نستوعب أن التغيرات التي تحدث بسبب عمل الإنسان قليلة للغاية، مقارنة بالتغيرات التي تحدث نتيجة للطبيعة في حد ذاتها، لذا ضروري أن يحد الإنسان من استخداماته التي تسبب هذه التغيرات كي تبقى الحياة كما هي ويبقى المناخ كما هو.
● هل تعتقد أننا سنشهد صراعاً على ثروات الفضاء مستقبلاً؟
لا أعتقد. هناك بعض الناس يعتقدون أن هناك أشياء سوف تأتي من الفضاء، لكن هناك اتفاقية في هيئة الأمم المتحدة تنص على عدم استخدام الفضاء في مشاريع عسكرية على الإطلاق.
لكن عندما نبدأ في جلب أشياء من الفضاء، لابد أن تكون لخدمة الإنسان، وعلى الدول التي تستطيع أن تتحكم في أشياء كثيرة في الفضاء مشاركة باقي الدول.
● لكن هل هذه الأشياء أو ما يسمى بالعينات يمكن أن تمنح دولة “قوة” إضافية؟
ما تقولينه وارد. قيل أن الولايات المتحدة ستذهب للقمر لجمع بعض العينات التي يمكن الاستفادة منها. مثال: في الأرض عندما نعثر على صخور نسبة التيتانيوم بها تكون من 4 إلى 7%، نراها خامة ممتازة ومصدر ربح، لأن عنصر التيتانيوم هام وله استخدامات عديدة، لذا لو عثرنا على القمر على صخور تصل فيها نسبة التيتانيوم من 7 إلى 11%، فهذا مكسب كبير، لذا وارد أن نستفيد مادياً من ثروات القمر وما إلى ذلك.
● العيش على القمر.. هل تراه أمراً ممكناً؟
طبعاً الأمر مطروح. يمكن العيش على القمر، ويمكن أن نرسل مجموعة تعيش على سطح القمر حتى تستطيع جمع معلومات عن الكون لا نستطيع تجميعها من الأرض بسبب التشويش، أيضاً يمكن في حال حدوث شيء على الأرض أن يكمل بعض الناس الحياة على سطح المريخ.
● هل تعتقد أن فيروس كورونا قد يؤثر على سير عمل مشاريع الفضاء؟
إلى الآن لم يؤثر فيروس كورونا على سير مشاريع الفضاء التي كان مخطط لها أن تستمر، سواء في الاتحاد الأوروبي أو أمريكا. ليس من المحتمل أن يحدث هذا مستقبلاً، الفيروس قد يؤثر على حياة الرواد فقط، ولا يمكن لرائد فضاء أصيب بكورونا أن يذهب للفضاء.
● العالم في مرحلة تجارب لقاح كورونا حالياً، هل تعتقد أن العلماء بصدد القضاء على الوباء؟
ليس هناك من شك، أعتقد أنه كما حصل في الماضي مع فيروسات أخرى، حيث نجح الأطباء في إنقاذنا سوف ينجح الأطباء ومراكز البحوث في القضاء على الفيروس المستجد وإنقاذ البشرية مستقبلاً.
● تعيش في الولايات المتحدة منذ عقود.. من انتخبت في الانتخابات الأمريكية الأخيرة؟ ولماذا؟
انتخبت جو بايدن، لأني أعتقد أنه يمكن أن يقود الولايات المتحدة أحسن مما كان، وعلاقته بالدول الأخرى سوف تكون أفضل.
● لكن هناك مخاوف لدى البعض من عودة حكم الديمقراطيين وما قد تؤول إليه الأوضاع في المنطقة العربية؟
تغييرات ما بعد فوز جو بايدن لن تكون في السياسيات الأمريكية الأساسية، بل على العكس ستبقى هذه السياسيات مستمرة، ولن تتغير تغييراً كبيراً، ولن يكون هناك تأثيرات كبيرة على منطقة الشرق الأوسط على الإطلاق.
● ألا تخشى من عودة الإسلام السياسي؟ وخاصة الإخوان المسلمين للمشهد بعد عودة الديمقراطيين للحكم؟
لا أعتقد أن جماعات الإسلام السياسي ستعود، لأنها تكسرت وظهرت حقيقتها للناس، ولا أعتقد أن لهم مكان فقد فهم الناس أعمالهم التخريبية، قولاً واحداً العالم العربي لفظ الإخوان الذي فاق تخريبهم الحدود.
● كيف ترى مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية في عهد بايدن؟
سوف تستمر العلاقات المصرية الأمريكية كما هي ولن تتأثر على الإطلاق، لأن هذه العلاقة هي جزء من السياسة الأمريكية العادية التي لن تتأثر بهذه التغييرات (فوز بايدن).
● البعض يطرح السؤال الأصعب: أمريكا إلى أين قبل الوصول إلى يوم 20 يناير المقبل في ظل رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنتائج الانتخابات؟
ما يحصل في أمريكا حالياً مسألة مرحلية، هناك عراك كلامي على الأقل بين الطرفين (الجمهوري والديمقراطي) في الوقت الحالي. لكن في حقيقة الأمر كل ولاية لها قوانينها التي تسري بكل حكمة، وسوف يصبح كل شيء على ما يرام. والمشهد برمته لن يحدث فيه تغيرات لأن القانون فوق الجميع.
● هل ترى تمويل البحث العلمي في المنطقة العربية كافياً؟
تمويل البحث العلمي في المنطقة العربية غير كافي ولابد أن يزداد، دولة مثل مصر تخصص 0.5% من ميزانيتها للبحث العلمي، هي نسبة أقل أربع مرات مما هو لازم مقابل ما تنفقه أوروبا وأمريكا على البحث العلمي (من 2 إلى 3.5% من الميزانية).
وهناك إسرائيل مثلاً تخصص 4.6% من الميزانية لهذا المجال، معنى ذلك أن الدول التي تتقدم اقتصادياً وحربياً وسياسياً وإنتاجياً، تنفق أكثر على البحث العلمي.
● تتحدث عن الولايات المتحدة كمثال لدعم مسار البحث العلمي، لكن بعض العلماء يرون أن هناك حاجة لمزيد من التمويل؟
الولايات المتحدة تنفق حوالي 3% من الميزانية أو أقل في بعض السنوات وهذا معقول، لكن هذا لا يكفي للتقدم العلمي الدائم مثلما حدث في ماليزيا والصين، ويحتاج اهتمام ودعم من القادة للباحثين ودعم التعليم في الشباب.
● هل تعوّل على الإدارة الأمريكية الجديدة في مزيد من الدعم للعلوم؟
نعم، هناك اهتمام من جو بايدن بالعلم والمعرفة والأبحاث العلمية، نراه قبل أن يتكلم في الطب أو المناخ، يجلس مع العلماء، في رأيي سيعيد بايدن مكانة أمريكا في الهيئات الدولية العالمية في العلوم والمناخ.
● ما نصيحتك لشباب الباحثين العرب؟
لا تكتفي بما تفهمه وتقرأه وتعلمه في العالم العربي. اقرأ كل ما يمكنك من كل أنحاء العالم واستمر في جمع العلم والمعرفة لأننا لو اكتفينا بما لدينا سنفشل ونتأخر.
فأنا مثلا عمري تخطى الثمانين عاماً ومازلت أقرأ من 3 إلى 4 ساعات يومياً قراءة جديدة في أي شيء، كتاب، جريدة أو عبر الإنترنت.
● هل ترى إمكانية منافسة العلماء العرب على جوائز نوبل؟
طبعا المجال مفتوح ويمكن المنافسة على جميع جوائز، نوبل مستقبلاً، ولقد أثبتنا ذلك من قبل ولدينا 3 مصريين حصلوا عليها، ونحن لدينا أفضل العلماء في الوطن العربي.
● معظم الذين حصدوا جوائز نوبل لم يتوقعوا الحصول عليها، ماذا عنك؟
أتوقع نوبل لي؟ لا..على الإطلاق… لا أعتقد ذلك نحن نعمل في مجال العلم والمعرفة ولا ننتظر أي جوائز. وفي رأيي أي شخص ينتظر جائزة هو ضعيف الشخصية والعقل ولن يكون له مكانة يستحقها.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!