-
مساعدة إياد الغريب لسهير الأتاسي..ألغاز محيرة تكشف عنها المحكمة
ليفانت- لونا وطفة
في جلستها الثامنة عشر بتاريخ السادس من شهر تموز لعام 2020، استدعت المحكمة الشاهد السوري (ع.ع) وهو ابن خالة المتهم إياد الغريب، طبيب أسنان وكاتبٌ وصحفيٌ كما عرَّف عن نفسه أمام المحكمة. إياد الغريب
بدأ الشاهد بالحديث عن اهتمامه القديم بالشأن السوري والوضع السياسي، ومشاركته الخاصة بداية العام 2000 و 2001 بحضور المناقشات السياسية، التي انتشرت بفترة ربيع دمشق، وخاصة في منتدى جمال الأتاسي، وعن تقديمه محاضرة عن المجتمع المدني لبعض الأصدقاء حينها. أصبح للشاهد علاقاته الخاصة مع بعض شخصيات المعارضة حينها وبدأ بكتابة بعض المقالات عن الوضع السوري، بداية العام 2007.
عندما بدأت ثورات الربيع العربي في تونس ومصر كان متحمساً، كما قال لتبدأ الثورة في سوريا، وكانت أول مشاركة له في مظاهرة بتاريخ 25.03.2011 بمدينة دوما في ريف دمشق. بتاريخ 08.04.2011 اعتُقِل الشاهد، بعد مظاهرة حاول المشاركة فيها وفرقتها قوات الأمن والشبيحة، ذهب بعدها لمقهى انترنت وكتب عن المظاهرة على صفحته في فيس بوك ليتم اعتقاله من المقهى. كان الاعتقال لصالح فرع فلسطين واستمر من الساعة الثانية ظهراً وحتى الساعة الثانية عشر ليلاً، حيث لم يتم تعذيبه أو ضربه بل كانت مجرد إهانات لفظية حينها، وتم التحقيق معه وصديقه بكل احترام كما قال. إياد الغريب
تحدث عن رؤيته لمعتقلين لم يتجاوز عددهم الثلاثة داخل الفرع كان يتم ضربهم بشكل متكرر من قبل العناصر.
بدأت أسئلة القاضي الرئيسية حينها عن علاقته بالمتهم إياد، فأخبرها الشاهد أنهما أقارب ولكن كل منهما يسكن بمدينة مختلفة، وأنهما لم يكونا يلتقيان إلا لمدة أسبوع في إجازة الصيف، بيد أن علاقتهما أصبحت أقوى بعد عام 2001 عندما قام الشاهد بافتتاح عيادته في منطقة الدحاديل جنوب دمشق حيث كان يسكن المتهم وكثيرٌ من أقربائه أيضاً.
الذي كان يعرفه عن إياد أنه مدرب رياضة بمنطقة نجها ومن ثم تم نقله لقسم الأديان، وأكد أنه لا يعرف أكثر من ذلك. وحين تم سؤاله عن طبيعة عمل إياد بقسم الأديان ذكر أن إياد أخبره عن تقرير كان يعمل عليه “والحادثة قبل الثورة بكثير” عن مجموعة تدعى “الإيمو” وكان لدى إياد لقاءات مع إمام مسجد ورجل دين مسيحي وبروفيسور جامعي بعلم النفس مع معلومات عامة، وقال بأن هذه الحادثة هي مستوى معرفته بطبيعة عمل إياد في هذا القسم. إياد الغريب
قال الشاهد أن إياد كان مؤيداً للثورة منذ بدايتها، وأنه أراد الانشقاق فوراً، بيد أن العائلة طلبت منه التمهّل ريثما يستطيع تأمين عائلته خارج سوريا، وأنه في إحدى زيارات إياد للشاهد في عيادته قبيل بداية الثورة بأسابيع قليلة، سأل الشاهد إياد عن وضع الأفرع الأمنية، فقال له إياد أنهم مستنفرون لأنهم كانوا متأكدين أن هناك ثورة ستبدأ في سوريا وأنه شخصياً -أي إياد- يتمنى ذلك.
شاهد يؤكد أن الغريب أنقذ سهير الأتاسي من الاعتقال
أكّد الشاهد أن لا معرفة دقيقة لديه عن طبيعة عمل المتهم، برغم أنه في التحقيق الذي أجرته معه الشرطة الجنائية في الشهر التاسع من العام 2019، ذكر أن عمل إياد الروتيني اختلف بعد بداية الثورة، وأنه كان يزور المساجد ويكتب التقارير ويعمل لأوقات متأخرة. بيد أنه في المحكمة قال أنه لم يقل ذلك تحديداً، بل قال أنه يعلم بخروجهم أيام الجُمع لمراقبة الأماكن التي تحدث فيها المظاهرات، وأنه لايعرف أي شيء عن عمل المتهم الروتيني ضمن الفرع.
سُئل الشاهد بعدها من قبل القاضي الرئيسية إن كان سمع اسم فرع الخطيب من المتهم، فأجاب بالنفي، وأن إياد كان يقول له كلمة الفرع فقط. ثم تم سؤاله عن فرع الأربعين فأجاب أنه لايعرف عنه سوى أن إياد ذكر حافظ مخلوف كثيراً وتحدث عن قسوته وجبروته وتهديده للعناصر -ومنهم إياد- بضرورة الولاء للنظام، وأنه أخبره عن حادثة إطلاق النار بدوما التي ذكرها إياد في التحقيق الذي أجري معه، وذكرناها سابقاً في تقريرنا عن الجلسة السابعة من المحاكمة، وحين سؤاله كيف عرف أن رئيس الفرع أربعين هو مخلوف قال أن المُتابع للأفرع الأمنية يعلم رؤسائها وهي معلومة يعرفها الكثيرون. كما قال الشاهد أن إياد أخبره “ربما أو أحداً غيره كما قال” أن النظام لم يعد لديه ثقة بالعناصر السُّنَّة بعد الثورة وأن إياد شخصياً قال له أنه تم سحب السلاح منهم لأجل ذلك وكان ذلك صيف عام 2011، كما يذكر الشاهد، ولم يكن متأكداً. إياد الغريب
توالت بعد ذلك المواقف التي استشهد بها الشاهد عن محاولات إياد مساعدة بعض المطلوبين، بإخبارهم قبل اعتقالهم بضرورة هربهم لأنهم مطلوبون للنظام. ومن بين تلك المواقف ذكر أنه تحدث مع أحد اشقاء المتهم إياد قبل أسبوع من استدعاء الشاهد إلى المحكمة وكانا يبحثان عن صور مفقودين لهما في ملف قيصر، وتطرّقا للحديث عن محاكمة إياد وكان شقيق إياد لا يعلم أبداً أن ع.ع سيكون شاهداً في هذه المحكمة، كما يقول.
علم بوجود الشاهد من متابعته لتغطية ليفانت نيوز
سأل الشاهد الشقيق عن معرفته بتقديم أحد الشهود شهادة عن إياد “ويقصد الشاهد م.ع” ففوجئ الشقيق وأخبره بعدم معرفته. بعد ذلك قال الشقيق أنه يتمنى لو أن أحداً يستطيع تأكيد حادثة مساعدة إياد للسيدة سهير الأتاسي، النائب الأسبق لرئيس الائتلاف السوري المعارض، عندما أوصل لها خبراً عن طريق مختار منطقة المخيم، أنه سيتم اعتقالها في مجلس عزاء كانت قد قررت حضوره هناك، فساعدها كي لا يتم اعتقالها.
المحكمة توقفت كثيراً عند هذه القصة، لأنها أرادت على مايبدو تأكيد أنه لم يتم الاتفاق المسبق بين شقيق إياد والشاهد على الشهادة لصالح إياد، فطلب الشاهد الإذن بإحضار جواله لعرض المحادثة على المحكمة وهذا ما تم. سألته المحكمة حينئذ من أين عرف هو بذلك الشاهد؟ فقال من تقرير صحفي لصحفية تغطي جلسات المحكمة لصالح ليفانت نيوز.
الشاهد لم يكن يعرف رتبة إياد العسكرية بالضبط، حين تم سؤاله عنها، فأجاب هو إما مساعد أو مساعد أول، وأخبر المحكمة أنه بعد انشقاق إياد لم يلتقه إلا الآن في المحكمة، ولم يجرِ بينهما أكثر من اتصالين خلال كل تلك السنوات.
انتهت هنا أسئلة القاضي الرئيسية، لتبدأ أسئلة قاضٍ آخر، ركز فيها على فكرة تناقض موقف الشاهد بقوله أنه معارضٌ للنظام، وقبوله بأن أحد أقاربه يعمل مع النظام بأفرعه الأمنية، وأن الشاهد لم يكن لديه مشكلة في ذلك، فأكد الشاهد عدة مرات عدم معرفته بتفاصيل عمل المتهم، وأن إياد أيَّد الثورة منذ بدايتها وأنه يعلم أن إياد لن يؤذي أحداً أبداً.
سأله القاضي عن معرفته أن إياد كان يعمل لدى أمن الدولة، فأجاب أنه يعلم، لكن أمن الدولة تابع لوزارة الداخلية. فسأله القاضي ماذا يعرف عن أمن الدولة؟ فقال أنها ظاهرياً لحماية الأمن العام ولكنها عملياً لمراقبة الناس والحفاظ على السلطة وكرسي الحكم.
ثم ذكر الشاهد بعض المواقف التي حضرها بنفسه عن طريقة تعامل الأمن السوري مع المظاهرات، وكان من بينها حادثة جامع الرفاعي بمنطقة كفرسوسة في الشهر الخامس من العام 2011، وكيف تم إغلاق بوابة المسجد الرئيسية على المتظاهرين، وضربهم بطريقة لم يشهد مثلها أبداً، واعتقال أعداد كبيرة منهم. إياد الغريب
أعاد القاضي مراراً وتكراراً فكرة التناقض بين موقف الشاهد ودفاعه عن إياد، رغم عمله مع الأفرع الأمنية، إلا أن الشاهد أكد أن إياد كان مع الثورة، وساعد الكثيرين، وأن إياد لم يخبره أنه ساهم باعتقال أحد، وأنه افترض شخصياً أنه من المستحيل أن يقوم المتهم بذلك.
سأله القاضي حينها: “ألم يكن لديك فضول لتعلم بالضبط ماكانت طبيعة عمل إياد؟” فأجاب الشاهد بأن معرفته أن إياد مع الثورة كان يكفيه حتى لا يسأل عن المزيد. أكمل القاضي بسؤاله: “ألم تكن تريد معرفة ما إن كان قد شارك بعمليات قمع؟” أجاب الشاهد: “أرى صيغة السؤال خاطئة، إياد أيَّد الثورة وبالتالي لم يكن في موقع اتهام بالنسبة لي”.
توجهت أسئلة القاضي بعد ذلك للاعتقال الذي طال الشاهد، وسأله لماذا لم يتعاملوا معه بعنف؟ فقال الشاهد أنه ببداية الثورة لم يكن هناك دائماً تعامل بعنف مع المعتقلين، وأن وتيرة العنف ارتفعت تِباعاً، وأنه كان محظوظاً أنهم تعاملوا معه بهذه الطريقة، فسأله القاضي: “هل من الممكن أنك أخبرتهم أن أحد أقاربك يعمل مع المخابرات؟” فأجاب: “لا لم أخبرهم”.
انتهت أسئلة القاضي، وسأل المدعي العام الشاهد سؤالاً واحداً فقط عمَّا إن كان يعرف شخصاً بإسم “م.الغريب” وهو الشخص الذي هدّد الشاهد السابق “م.ع” الذي كتبنا عنه سابقاً فأنكر الشاهد معرفته تماماً بهذا الإسم.
في نهاية الجلسة تم توجيه بضعة أسئلة استفسارية لبعض مما قاله الشاهد من قِبَل محامي المتهم إياد، وبعده من محامي الإدعاء وانتهت الجلسة تمام الساعة 12:15 ظهراً.
فيما تواصلنا مع السيدة سهير الأتاسي لإطلاعها على الحادثة التي ذكرها الشاهد وسؤالها عن الأمر فأجابت: “بالطبع كانت تصلنا تحذيرات ممن يعملون ضمن الأفرع الأمنية، لكن لا أذكر حالياً وبعد مرور كل هذا الوقت الأسماء المحددة التي تواصلت معي لهذا الغرض، ولكنني استطيع القول أنه في فترة التواري عن نظام الأسد والتي بدأتها في نهاية نيسان عام ٢٠١١ كانت تصلني تحذيرات وكان إحداها أن النظام سيداهم المنزل الذي أتواجد فيه، ومرة ثانية جائني تحذير من أحد عناصر أمن الدولة قال فيه أنه علي الحذر وعدم التنقل لأن النظام يريدني حية أو ميتة. لا أستطيع الآن نفي أو تأكيد أنه كان إياد الغريب أم أحدٌ غيره، لكن ربما كان هو، فبالتأكيد ليس بإمكان من يتعاون معنا من داخل النظام التصريح عن نفسه”.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!