الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
عاصفة الحزم.. هل حققت أهدافها؟
خالد الزعتر


بينما تعيش الحالة اليمنية عامها الخامس منذ انطلاق “عاصفة الحزم” بقيادة المملكة العريية السعودية، ومن بعدها “عملية إعادة الأمل”، ظهرت عدد من الأصوات التي تتساءل “هل حققت عاصفة الحزم أهدافها؟”، وهو بلا شك سؤال في غاية الأهمية تستهدف العمل على تقييم هذه المرحلة المهمة، وبلا شك بعيداً عن محاولات البعض للقفز على الإنجازات التي تحققت، ومحاولة تعمد إسقاط عاصفة الحزم في مربع الفشل وبأنها لم تحقق أيّاً من أهدافها، وذلك في محاولة مكشوفة النوايا لاستهداف هذه المرحلة المهمة في تاريخ العمل العربي المشترك.


على صعيد الأرض نجد أنّ عاصفة الحزم، ومن بعدها عملية إعادة الأمل ببعدها العسكري، استطاعت أن تحرر مايقارب الـ80% من الأراضي اليمنية، وهي نسبة بلا شك تعكس حجم وقوة الإنجاز العسكري لقوات التحالف العربي، خاصة وأنّها لا تواجه جيشاً نظامياً، بقدر ما تواجه ميليشيات إرهابية، لا تتقن سوى حرب الشوارع، وتعرف جيداً الطبيعة الجغرافية للأرض اليمنية التي تتميز بالجبال والكهوف، وتعمل على استخدام الأبرياء والمدنيين كدروع بشرية، وتتحصن داخل المباني السكنية في محاولة عن عمد وإصرار من أجل تعريض حياة المدنيين للخطر، وذلك للعمل على عرقلة الحسم العسكري لقوات التحالف العربي.


لكن النجاح الذي حققته عاصفة الحزم، بلا شك لم يكن محصوراً، فقط على المدى القصير، وهو تحرير الأرض اليمنية من الانقلاب الحوثي، واستعادة الشرعية اليمنية، وإنما كان له تأثير سياسي على المدى الطويل، حيث استطاعت عاصفة الحزم أن تفرض تغييراً في معادلة القوة الإقليمية والدولية، وأن تؤثر على المسار السياسي الدولي، وهو ما قاد المجتمع الدولي ومنظماته إلى العمل على استصدار عدة تقارير تدين الجرائم الحوثية، وكذلك تدين المحرك الرئيسي لميلشيات الحوثي وهي إيران، واستصدار قرارات تجرم تهريب السلاح للحوثيين، وهو بالتالي ما يعكس حالة التأثير السياسي الهام لـ”عاصفة الحزم” على المسرح، السياسي الدولي.


وبالتالي فإنّ النجاح الذي حققته “عاصفة الحزم” في تغيير ميزان القوى على الصعيد الدولي في الملفات الهامة للدول العربية لصالح المنظومة العربية ككل، هو بلا شك يجعل من هذه العملية مرحلة مهمة في تاريخ العمل العربي المشترك، حيث تؤكد “عاصفة الحزم” مدى فاعلية تفعيل كافة الخيارات العربية في التعامل مع الملفات العربية، ومدى القدرة والتأثير العربي الكبيرين على توجيه البوصلة الدولية وتحريكها وفق مايخدم الأهداف والملفات العربية، وهو بلا شك خطوة تقطع الطريق أمام استمرارية الحالة الراهنة في عدد من الملفات العربية، والتي تعيش داخل دوامة العبث من قبل المنظمات الدولية التي أثبتت هذه المنظمات أنّها تتقن فقط “إطالة أمد الأزمات “وليس” الدفع باتجاه حل هذه الأزمات.


وبالتالي فإنّ “عاصفة الحزم” هي خطوة لا تتوقف تأثيراتها السياسية على الملف اليمني، بل هي تتخطى ذلك ببعيد، إلى إعادة هيكلة العمل العربي المشترك، وإخراجه من مرحلة خطاب التنديد والاستنكار والذي انعكس بشكل كبير على تقييد دور الجامعة العربية التي تخلت عن القواعد التي تأسست عليها، وأصبحت تمارس فقط دور المراقب، ومن هنا فإنّ “عاصفة الحزم” هي خطوة مهمة في إعادة ترتيب البيت العربي واستعادة دور وفاعلية وتأثير الجامعة العربية لتصبح منظومة فاعلة ومهمة في الملفات العربية والذي سينعكس تأثيرات ذلك على عدد من الملفات العربية، ليس فقط الملف اليمني، بل وأيضاً الملف السوري والليبي.


والذي بدا واضحاً أنّ غياب الموقف العربي ساهم في أن يجعل هذه الملفات عرضة للتدخلات الخارجية، تتنازعها أطراف دولية وأصبحت ساحة لمشروعات توسعية لدول إقليمية استفادت كثيراً من حالة الشلل في الموقف العربي، وذهبت إلى الاستمرار في العمل على استنزاف الأمن القومي العربي، والذي لن يتوقف تأثيرات ذلك على الملف السوري والليبي بقدر ما يتخطاها إلى المساس بالأمن القومي العربي بأكمله، بخاصة في ظلّ استمرار دول مثل تركيا، تسعى للاستثمار والتوظيف السياسي للتنظيمات الإرهابية في الملف السوري والليبي.


ليفانت – خالد الزعتر







 



النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!