-
طموحات الطالب السوري تقتل تحت ضغوطات النظام
بعد قرار تعيين النظام السوري مكتباً للتجنيد في الجامعات السورية العام المنصرم تلتحق جامعة تشرين بأخواتها دمشق وحلب والبعث، في سابقة غريبة ضمن سير عمل الجامعات في العالم فلم يكن كافياً بعد للطالب السوري كل تلك الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها النظام في البلد خلال ٩ سنوات مضت، والتي أثرت بشكل مباشر على سير العملية التعليمية في سوريا، بل ما لبث النظام السوري أن يلحق عامل الخوف والرعب الذي يشكله هاجس تجنيدهم في صفوف الجيش، وبذلك أصبح الضغط أكبر لدى الطالب بهدف إخراجه كلياً من طموحه التعليمي وإلحاقه بخط جبهات الموت وهذا ليس اتهاماً بل واقعاً وسياسة لإفراغ الجامعات السورية من الطلاب الذكور وقتل طموحاتهم قبل أجسادهم من أجل بقاء الديكتاتور وسلطة نظامه.
أذا أردت التأجيل فعليك بالدفع
لم يكتفي ضباط الجيش وموظفيه من سرقة أموال وأثاث الشعب السوري عند أي مدينة أو قرية دخلوها، بل ما لبثوا أن يتفننوا بأشكال سرقتهم بزجهم لقوانين ملزمة تجعل الطالب السوري بين نارين، إما سلب الطموح التعليمي أو سلب ماله ومنها قصة تسجيل طلاب التعليم المفتوح في جامعاتهم. في العام الدراسي 2013 – 2014 حين صدر قرار من مجلس التعليم العالي في سوريا، القائل بأنه "لكي يكمل خريج الثانوية إجراءات تسجيله في نظام التعليم المفتوح في جامعات سوريا، عليه الحصول على ورقة بيان وضع من شعبة التجنيد يفيد عدم تخلفه عن الخدمة الإلزامية. كذلك الأمر بالنسبة للطلاب القدامى الذين انقطعوا عن الدراسة لمدة عام أو عامين أو ثلاثة أعوام". وعند مراجعة الطلاب لشعب التجنيد من أجل وثيقة بيان الوضع الطارئة يتفاجأون بأن عليهم دفع أتاوات ورشاوي باهظة تتراوح بين 50 – 100 ألف ليرة سورية حسب مواليد الطالب. الجدير بالذكر أن هذه الوثيقة لم تكن موجودة أبدًا ولم تكن مطلوبة ضمن أوراق التسجيل في أنظمة التعليم المفتوح في السابق، بل تم إقحامها لزج الطلاب قسرًا في عملية التجنيد الجديدة التي يفرضها النظام على شباب سوريا وطلابها
ويقول ( ب . أ) 21 عاماً طالب في جامعة تشرين قسم الترجمة في التعليم المفتوح لليفانت: "ماذا يريدون منا فلم نعد قادرين على سداد رسوم التسجيل والمواد حتى يأتوا بقانون التأجيل ووثيقة بيان الوضع، أهلي لا يستطيعون مساعدتي لسوء حالهم وبين عملي الشاق ودراستي لم أعد أستطيع الاستمرار فلم يعد يكفي المال الذي أتقاضاه من عملي لسداد أجورات الجامعة والتأجيل لقد صرت أفكر ملياً بالهجرة وترك أهلي ومدينتي مرغماً ولعدم وجود خيار آخر لإستكمال أحلامي هنا".
أما عن ( أحمد إبراهيم ) ٢٧ عاماً طالب في كلية الهندسة المدنية في جامعة تشرين يقول لليفانت: "حاول أن تدخل إلى الجامعة في جميع الكليات وأسال الطلاب هل تريد مواصلة التعليم أم الذهاب للجيش سيقول أريد أن اكمل تعليمي ولكن سيكون حظك جيد إن أكملته في سوريا فلقد تركت جامعتي دون اكمال السنوات الثلاثة المتبقية لي بسبب استنفاذي والهروب من شبح التجنيد ففي السابق كان دفع الرشاوي مقتصراً على الدكاترة ضمن منظومة فساد محدودة، اما الآن فأصبح لكل أستاذ قسم " مفتاح"، وهو ضابط يكون وسيلة لإرغام الدكاترة أو رؤساء الأقسام على تنجيح فلان أو ترسيبه فلم أستطيع اكمال دراستي وأجبرت أن أهرب خارج سوريا".
وهكذا أصبح ضباط الجيش والمخابرات يتحكمون بطموحات ورقاب الطلاب في الجامعات السورية فقد وُضع أخيرًا سلم من القوانين للتعامل مع طلاب الجامعات من مختلف المواليد حتى المستجدين منهم. وبموجب هذا السلم لم يعد مسموحًا للطالب أن يرسب أكثر من مرة في السنة الواحدة. وفي حال رسوبه أكثر من مرة لا تقبل وثيقة التأجيل الدراسية الممنوحة من الجامعة في شعب التجنيد، ويبدأ مسلسل ابتزاز الطلاب من أجل دفع الرشاوي والأتاوات، ومن يستطيع دفع هذه الرشاوي يفلت من قبضة التجنيد، أما من لم يستطع ذلك فوداعًا لمقاعد الجامعة.
قوانين الجيش والطلاب
في كل عام تسري شائعات في سورية تفيد بأنه قريبًا سيقوم النظام بإعلان حالة الاستنفار العام، ويبدأ بأخذ الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 – 45 إلى الخدمة العسكرية. الجدير بالذكر أن القوانين العسكرية السورية تسمح للقائد العام للجيش والقوات المسلحة بتجنيد طلاب الجامعات في حالة الحرب الداخلية أو الخارجية.
ويعيش الطلاب حالة ذعر وخوف شديد بسبب هذه الشائعات، خاصة وأن القوانين العسكرية السورية تسمح بسحبهم إلى العسكرية في حال صدور قرار بذلك. لذلك أغلب طلاب الجامعات "من الذكور"، يعملون على مغادرة البلاد تباعًا، ويستطيع أي زائر لجامعة تشرين مثلًا أن يلاحظ انخفاض نسبة الطلاب الذكور بكل وضوح في ظل ارتفاع أعداد الطالبات. أمام هذه الوقائع ، لا يعود الحديث عن تفريغ الجامعات السورية من طلابها وهجرتهم الجماعية خارج البلاد أمرًا غريباً.
ويذكر بأن التصنيف العالمي للجامعات السورية مازال يأخذ سلم النزول ضمن أسوء الجامعات ترتيباً حول العالم فيما تحل جامعة تشرين المرتبة 4824 حسب أخر تصنيف لويب ماتريكس العالمي للجامعات.
محمد اللاذقاني
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!