الوضع المظلم
الأحد ٢٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • شرارة.. معلمة إيرانية تختصر مطالب المعلمين المحتجين في إيران ( خاص ليفانت)

شرارة.. معلمة إيرانية تختصر مطالب المعلمين المحتجين في إيران ( خاص ليفانت)
معلمون محتجون في إيران. IRN-HRM> أرشيف. متداول

وائل سليمان

   تحقيق - خاص

  • معتقلون... أحكام إعدام
  • احتجاجات عامة وقمع من السلطات... أصفهان
  • المعلمون يحتجون... باقة من المطالب
  • ليفانت من موقع الحدث... تصرح  لليفانت الأستاذة والناشطة النقابية
  • قمع وحشي... معلمون ومزارعون دعم متبادل

يستقبل الإيرانيون العام الجديد مع شريط إخباري معتاد يبدأ بوفاة السجين السياسي الإيراني عادل كيانبور أول أمسِ السبت بعد أسبوع من الإضراب عن الطعام دون تلقي رعاية طبية في سجن بالأهواز بمحافظة خوزستان. دخل السجين السياسي عادل كيانبور في إضراب عن الطعام منذ 25 ديسمبر 2021 احتجاجاً على حرمانه من حقوقه الأساسية في إجراءات التقاضي السليمة.

ليست المرة الأولى التي يفقد فيها معتقل سياسي حياته في إيران بعد اعتزاله الطعام وإهمال مقصود من مسؤولي السجن. في ديسمبر 2018، توفي وحيد سيادي ناصري، الناشط السياسي المسجون بسبب رسائله على وسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن أمضى 60 يوماً في مضرباً عن الطعام. وكان اتُهم بإهانة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. "IRN-HRM".


هناك أيضاً، الكاتب الإيراني المسجون بكتاش أبتين الذي أصبح في حالة صحية حرجة بعد حرمانه عمداً من العلاج الطبي في الوقت المناسب. لقد أُصيب بـ Covid-19 في السجن، لكن سلطات السجن أرسلته إلى المستشفى بعد تأخيره 10 أيام، لقد صرخ المساجين ومنظمات حقوق الإنسان من أجل تشديد النظام للرعاية الصحية في السجون لكن تُركت الأمور مفلوتة، ففقد معتقلون سياسيون حياتهم في بداية الجائحة.

مشهد آخر يستفتح به نظام الحكم في إيران العام الجديد، جُلِدَ علي أفساري 40 عاماً  في سجن يزد المركزي وَسْط إيران في 26 ديسمبر وكشف للعلن أول أمسِ السبت، بتهمة "نقل حيازة مشروبات كحولية". واعتقل قبل ثلاث سنوات بنفس التهم وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات و 75 جلدة. "IRN-HRM"

هذه الإجراءات القمعية والتأديبية السابقة ولاسيما الإعدامات الكثيرة التي حصلت خلال السنة الفائتة، رافقها صيحات رافضة في عموم إيران كانت تأتي في سياقات مطلبية ووقفات احتجاجية فكان عام 2021 مزدحماً بالتظاهرات والاحتجاجات في إيران، أشهرها تلك التي كانت في أصفهان احتجاجاً على تحويل مياه نهر المدينة إلى مناطق تستثمرها الحكومة الإيرانية والحرس الثوري في مشروعات خارج إطار العملية الإنمائية ما سبب جفافاً في المنطقة.

ضابط إيراني يجلد رجلاً أدين بالاغتصاب في مدينة سابزيفار شمال شرق إيران، الأربعاء 16 يناير 2013.
ضابط إيراني يجلد رجلاً أدين بالاغتصاب في مدينة سابزيفار شمال شرق إيران، الأربعاء 16 يناير 2013.

تظاهرات مطلبية أخرى كتلك في خوزستان للنقابات العمالية، ولاسيما عمال معامل السكر أو النفط، وأخرى داعمة لها في بقية المناطق كشيراز خلال العام الفائت.  تكررت التظاهرات على اختلاف مطالبها في 2021 حتى تلك التي نادت بإلغاء فتوى الخميني ضد اللقاح الغربي لكورونا التي كانت سبباً بموت الألاف ولاقت انتقادات واسعة ليصار إلى استيراد اللقاحات الغربية لاحقا. اختُتم العام بتجدّد تظاهرات المعلمين التي لاقت مواجهة عنيفة من قبل قوات الأمن.

اهتمّت وسائل الإعلام العالمية ومنابر الإعلام المعارض في إيران بهذه الاحتجاجات، التي يتصدرها المعلمون ليس فقط من أجل ما احتوته من شعارات مطلبية تخصصية وإجرائية تتعلق بسير العملية التعليمية أو الإشغال الوظيفي وتحديده في الراتب والصفة التعاقدية؛ بل أيضاً لأنها تبنّت شعارات المطالبة بالحرية والإفراج عن المعتقلين ووقف أحكام الإعدام والتعذيب.

اقرأ المزيد: إيران والانحناء أمام التحالف الأذربيجاني التركي.. بذريعة "حسن الجوار"

منذ سنوات، يمر على إيران ظروف معيشية صعبة مستمرة بسبب مآلات سياسة النظام الحاكم التي كانت سبباً في تراجع التنمية وارتفاع التضخم وانتشار البطالة والفقر. وجلبت سياسات النظام على البلاد مواجهات محتدمة مع الدول الكبرى أدت إلى عقوبات اقتصادية قاسية، بسبب أجندات السلطة الحاكمة الدينية في التدخل بدول الإقليم ودعم جماعات دينية بالمال والسلاح خارج إطار الشرعية الدولية في اليمين كالميليشيات التابعة لآل الحوثي، وتصدير الثورة كما تتهمها دول الإقليم والخوض في برنامَج الصواريخ البالستية والبرنامج النووي الإيراني في تطور يتعارض مع النشاط السلمي كما اعتبرته الدول الغربية. 

جملة هذه الاعتبارات جعلت الإيرانيين يحتجّون مراراً وتكراراً، على رأسهم المعلمين، في احتجاجات سلمية على الظروف المعيشية الصعبة المستمرة منذ سنوات بسبب تأخّر دفع أجورهم لأشهر، والظلم في تعديل أجورهم مع تكاليف المعيشة، وعدم وجود تأمين طبي، فينشغل المعلمون في إيران بتلبية احتياجاتهم ما يؤدي لتراجع العملية التعليمية.

ما تزال رواتب المعلمين الإيرانيين تصل لربع أو ثلث خط الفقر. يواجهون ظروف معيشية صعبة ما يضطرهم للعمل في وظائف إضافية بمردود ضعيف أيضا. يحصل المعلمون ذوو الوظائف الدائمة على راتب متوسط ​​قدره 4 ملايين تومان شهريا في حين أن خط الفقر في إيران هو 14 مليون تومان في الشهر. يتلقى المعلمون ذوو العقود المؤقتة ما بين مليون ومليوني تومان شهرياً بشكل متقطع.

وإلى مزيد من التفصيل في مطالب المعلمين تلخص المعلمة شرارة أوميدي لليفانت اللندنية جملة المطالب التي تدعو إلى: "تطبيق قانون إدارة الخدمة المدنية، والإسراع في التنفيذ خُطَّة التصنيف والتطبیق وتحسين نوعية التعليم، وضرورة مجانية التعليم للطلاب.

"مطلبنا الأهم هو إطلاق سراح السجناء السياسيين والمدرسين والطلاب المسجونين"

منذ عام 2014 نظّم المعلمون العديد من التظاهرات على مختلف المستويات، بأقصى كثافة وعلى مستوى البلاد، من قبل المجلس التنسيقي للتشكيلات النقابية للمعلمين. تعرّضت هذه التظاهرات والتجمعات بشكل متكرر للتصدي والقمع من قبل قوات الأمن. تقول أوميدي.

بيد أن الأشهر الثلاثة المنصرمة، كان هناك 6 تجمعات كبيرة وضخمة، ونحن الآن في الذروة، ما استدعى مجلس الشورى لتمرير قانون تصنيف المعلمين بعد انتفاضة 13 كانون الأول. لم يحل تمرير هذا القانون أي مشكلة، في‌ الحقيقة الحكومة لا ترید ولم تستطع آن تعالج مشكلاتنا. تضيف أوميدي.

لم يكن نجاح إبراهيم رئيسي المحتوم فألاً حسناً بالنسبة للمحتجين، فهو المتهم بجرائم ضد الإنسانية باعتباره كان أحد المسؤولين الأساسيين في مجزرة عام 1988 كعضو في "لجنة الموت"، وهي المجزرة التي راح ضحيتها آلاف السجناء السياسيين في إيران، معظمهم من المنتمين إلى منظمة مجاهدي خلق. 

بسبب تعيينه، بعث أكثر من 400 أكاديمي واختصاصي إيراني – أميركي في أيلول 2021 برسالة إلى الرئيس الأميركي، جو بايدن طالبوا خلالها بمحاكمة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي على خلفية اقترافه جرائم "ضد الإنسانية" ولاقى تعيينه تحفّظاً من دول غربية وإدانات من منظمات حقوقية مستقلة.

مع هذا المعطى حول البراديغم الراديكالي الذي يعتنقه رئيسي، لا تستبعد أوميدي في ردها على سؤالنا عن عهد رئيسي القادم، عن سيناريو الردود القمعية القاسية، وترى أوميدي أن تعيين إبراهيم رئيسي يعني أن الحكومة تريد قمع أي احتجاجات من أجل الحفاظ على سلطتها وقبضتها وهيمنتها.

وتعتقد المعلمة  التي وجهت رسالة خاصة مصورة عبر جريدة ليفانت اللندنية، إذا أرادوا حل المشاكل الاقتصادية للشعب، "كان عليهم أن يجلبوا وزراء متعلمين وذوي خبرة وتخصص "تكنوقراط"، في‌ الحد الأدنى من عناصر التعلیم والتربیة، لا أن يضعوا على رأس النظام الحاكم قاتل" في إشارة إلى الرئيس الإيراني الجديد، ولا أن يعينوا قائد من الحرس الثوري الإيراني في إدارة كل محافظة. لقد صُمّم هذا النظام فقط للحفاظ على القوة والقمع ولا شيء غير ذلك.

قمع وحشي .. معلمون ومزارعون دعم متبادل

في الأشهر الأخيرة ولاسيما ديسمبر 2021، نزل مدرسون إيرانيون إلى شوارع أكثر من 119 مدينة في جميع أنحاء إيران يطالبون برفع رواتبهم لتصل إلى 80٪ من رواتب الكلية العلمية. يريد المعلمون المتقاعدون موازنة رواتبهم مع معدلات التضخم الجديدة.

في 13 ديسمبر هاجمت قوات الأمن تجمعاً للمعلمين في بعض المدن الإيرانية. وأظهرت مقاطع فيديو لاحتجاجات المعلمين في طِهران وساري أن قوات الأمن تعتقل المعلمين المحتجين. لقد تعرض رسول بوداغي، وهو ناشط مدني وعضو في مجلس تنسيق نقابات المعلمين الإيرانيين، للضرب على أيدي قوات الأمن في أثناء اعتقاله في منزله في 11 ديسمبر / كانون الأول.

لقد أثار تاريخ قمع الاحتجاجات السلمية والتعامل مع المجتمع المدني والنقابات والنشطاء السياسيين في السنوات الأخيرة مخاوف  في حال استمر المعلمون في الاحتجاج، فستشهد البلاد إجراءات أمنية أكثر قسوة على هذه الاحتجاجات.

أظهرت صور ومقاطع فيديو من الاحتجاجات كيف يحمل المعلمون لافتات كتب عليها "التعليم المجاني حق لجميع الطلاب"، و"السجن ليس مكاناً للمعلمين"، و "أخلوا سبيل المعلمين المسجونين"، و"إضرابات، مسيرات، والنقابات هي حقوقنا غير القابلة للتصرف "،" الترتيب حقنا غير القابل للتصرف "،" المعلمون يقظون ويكرهون التمييز "،" المعلمون يعارضون التمييز والظلم والفقر ".

كانت هذه الاعتصامات والتجمعات أكبر الاحتجاجات تنظيماً منذ 40 عاماً من حيث مشاركة المعلمين. وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي اشتباكات مع قوات الأمن. عندما اندلعت انتفاضة المزارعين في أصفهان، دعم المعلمون انتفاضة أصفهان في تظاهراتهم. وفي‌ تظاهرات المعلمين دعمتهم مدینة أصفهان وكذلك الطلاب على وجه الخصوص وطبقات اجتماعية أخرى تدعم المعلمين بشكل خاص.

لقطة عامة مركبة لمجموعة من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية للمعلمين في إيران
لقطة عامة مركبة لمجموعة من التظاهرات والوقفات الاحتجاجية للمعلمين في إيران. أرشيف. متداول

توضح أوميدي لليفانت: "مشكلتنا الرئيسة وأزمتنا هي قرار مجلس الشورى. يريد النظام أن يقول مجلس شورى النظام هو من أقر قانون حقوق ورواتب المدرسين، ولکن هم مرروا هذا القانون بشکل سطحي ولم یعالج أية مشكلة من مشكلاتنا.

وأكّدت أوميدي أن المعلمين سيستمرون بالنزول إلى الشوارع للاحتجاج والتظاهر حتى تحقيق الأهداف المرجوة، "نحن نعرف بأنه لا توجد طريقة أخرى للحصول على حقوقنا سوى النزول إلى الشوارع للاحتجاج."

اقرأ المزيد: قفزن في حفرة ممتلئة بالجثث... قصة ناجيات من مسيرة الموت النازية

لا يوجد لدى أوميدي في الوقت الحالي معلومات موثقة لعدد المعلمين المسجونين تقول لليفانت، بيد أنها تعرف كثر من المعتقلين منهم. السيد هاشم خاستار 70 عاما، إسماعيل عبدي والسيدة نصرت بهشتي، وهما في حالة حرجة بسبب معاناتهما من أمراض العيون والقلب. والسيد مهدي فتحي، السيدة ناهید فتحعليان، محمد رضا رمضان زاده، زينب همرنغ ومعصومة عسكري.

وأكّدت أوميدي باسم المعلمين إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين والمعلمين والطلاب المسجونين. ودعت المجتمع الدَّوْليّ إلى دعم انتفاضة المعلمين وبقية الطبقات الاجتماعية المضطهدة الأخرى في إيران. وختمت بالقول: "ضعوا جانباً الاسترضاء مع النظام الدموي والسماح للشعب الإيراني بإسقاط هذا النظام بنفسه.

 

ليفانت نيوز _ المرصد الإيراني لحقوق الإنسان _ إيران إنترناشيونال _ متابعات
 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!