-
حياة الماعز.. شجرة مُحرمة
شجرة مُحرمة لا يتحرج الإنسان - ليس كل إنسان - من الأكل منها بنهم، لأنه يخال بأنه توجد خلف شجرة التعصب، فالظلم مؤذن بخراب العُمران كما ذكر ابن خلدون في مقدمته، فحتى الفدرالية جاءت مكتسية بعباءة القبلية، فلا تحدثوني عن ثروة أي بلد وأهله وشعبه مشحونون بالحقد والعنصرية والمناطقية والجهل، فنيجيريا من أكثر الدول غناءً بالثروات والمعادن ومن اكبر دول العالم المصدرة للبترول، ولكن انظر الى السبب، وما وراؤه؟!، فالإنسان فيها يعيش بالأحقاد والدونية وعدم الرضا ومحمل بالهموم والكراهية، وتلك العنصرية القبلية.. هكذا يساعد الصوماليون في خراب دولتهم!
فيقول الكاتب الصومالي محمد الساعدي عن الفدرالية: "الفدرالية الصومالية هي تخصيص ولائي قبلي؛ والذي يعني حرفيا أن القبلية الفلانية هي الحاكمة الأبدية والمتحكمة الرئيسية على تلك الولاية؛ وأما البقية من هم قليلو العدد؛ فهم مواطنون من الدرجة الثانية؛ ولا يشاركون في القرارات، ولا نصيب لديهم في المناصب فهم مجرد مقيمون لا حق لهم؛ سوى الوجود وإن لم يتم طردهم وإجلائهم، فهو استعمار بين أبناء الوطن"..
وينطبق ذلك على ما يتصف به البدوي -القارئ- عموماً بانغلاقه وانقياده الأعمى لقائد الانتماء الذي يتعصب له أو للمنظومة الفكرية التي ينتمي لها، فلا يعدو دوره فيها على كونه مُتلقياً لاقطاً يسعى للدفاع عن كل ما تنادي به هذي العصبية التي أساسها رابط قرابة الدم، فالأصل في كل قبيلة أنها تعود إلى جد واحد، كما أن البداوة نقيض الحضارة. وهو ما يجعلنا نتساءل: هل البداوة قائمة على ركيزتي العصبية القبلية ومكان الإقامة وهذا خاطئ.
والصحيح أن للبداوة ركائز ثلاث هم (عصبية الانتماء والانقياد الأعمى لشخص أو مجموعة، ورفض تقبل أي جديد ما دام مصدره خارج منظومة العصبية المنتمي لها، ومثلثهما الاعتماد على التلقي الشفهي للمعلومة وتصديقها دون تثبت) وهو ما حدث في فيلم حياة الماعز، وتسليط الضوء على مشكلات حقيقية تستدعي الإصلاح منها نظام الكفالة الذي صدحت به القلوب الواهنة وانتهى عصره بعد الإصلاحات الأخيرة للأنظمة والقوانين ووفق رؤية المملكة 2030 وطموح مهندسها البار ولي العهد -حفظه الله-.
لقد أساء الفيلم ولا خلاف لدول بعينها بالمنطقة العربية ليسقط في فخ التعميم والتحيز، متناسياً أن تلك الأرض مركز الكون الذي حفها الله ببيته الحرام وأنارت برسله وأنبياءه الظلمات حتى جاء النبي المختار وأخرج البشرية لا المنطقة من الجهل والظلام والعبودية للنور والحرية، ولا خلاف في ذلك.
وللتذكير أن الفيلم يروي قصة في بداية (التسعينيات) عن رجل يسافر للسعودية بحثا عن فرصة عمل، لتتشابك الأحداث مصورة بأنه وقع تحت رحمة رجل (زعم) أنه كفيله ثم اقتاده إلى الصحراء ليرعى الأغنام في ظروف قاسية، ويعيش الجحيم على مدى ( 3 ) سنوات، لا يستطيع فيها الفرار.. وهنا وضعنا أقواس على مفترقات أولها زمني وقد كانت المنطقة كلها في حروب واستعمار حتى أوروبا نفسها من تدعي الحضارة كانوا يعملون في دولنا بدليل حياتهم الطويلة في مصر، فكان منهم "الجارسون والصرماتي والبقالي وأدنى المهن"، بل وكانوا بدول الخليج يرجون خيراتها حتى أرادوا غزوها، والثانية (زعم) في عدم التأكيد، وهو محل الشكوك في النوايا والأعمال التي لا يعلمها إلا الله -عز وجل- وأخيراً فترة عملهُ بالأعوام الثلاث قصيرة، مقابل أناس يعيشون ربع قرن ولم يشتكوا المذلة في بلاد الحرمين، بل هناك من عاش واستثمر وتزوج وأنجب ومات ودُفن فيها..
فالشعوب المتخلفة فقط هي التي ما زالت تنظر لباطن الأرض وما فيها من خيرات، ومن الذي يستخرجونه كي يعيشون به ويعتمدون عليه، في الوقت الذي أصبح فيه الانسان في الاستثمار الناجح والاكثر ربحا، بدليل السعودية ورؤيتها التي انهت اعتمادها طوال سنين وأعوام وأعمار مضت على الذهب الأسود ووصمونا بالتخلف، لتثبت بأنها الريادة في أحلك الظروف، والشاهد أنها الدولة الوحيدة التي قادت العالم في وباء كوفيد 19، ورئاستها للقمم العالمية، لتخرج منها قوية، بل وفي مصائب الفائدة الفيدرالية والتضخم العالمي ومصائب الاقتصاد العالمي.. يكفينا أننا غزونا العالم بفكرنا وصناعتنا فصرنا الدولة الجاذبة للاستثمارات، والأعظم في استكشاف الثروات الطبيعية والسياحية والترفيهية والرياضية و... إلخ، والأولى في المؤشرات العالمية بكافة المناشط والمجالات..
وختامًا: فعفواً فاقدي الأهلية الفكرية من صُناع الفيلم لاسيما المخرج الذي أشار في مقدمة الفيلم ملاحظة تقول: “الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب”، ولسنا ضد حرية الإبداع ولكن الطريقة في الطرح كانت شبه مقصودة، ويكفينا فخراً أن تلك الأرض وترابها أنجب خاتم الأنبياء والمرسلين، وأعظم من أنجبت الدنيا.. فهل تعلم أن سنغافورة تلك الدولة التي بكى رئيسها ذات يوم، لأنها بلد لا توجد فيها مياه الشرب واليوم تتقدم بلاده على اليابان..، بل هل تعلم ان اثرياء العالم لم يعودوا اصحاب ثروات طبيعية؟.
ليفانت: إبراهيم جلال فضلون
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!