الوضع المظلم
السبت ٠٤ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
جيش الإسلام.. معركة دمشق واختطاف رزان ورفاقها
غسان المفلح

قبل الحديث عن جيش الإسلام، لابد لنا من الوقوف عند دور الإخوان المسلمين في تغطية الاجتياح الجهادي للمشهد العسكري للثورة، هذه الممارسة الإخوانية كان لها دور في بعثرة التمثيل العسكري ومن ثم السياسي للثورة، هو أنّ إعلامهم يحرص على ظاهرة الجيش الحر، بينما في الحقيقة كانت الجماعة تعمل لتشكيل قواتها العسكرية الخاصة، بعيداً من تمثيلات الجيش الحر وتبنّي التحالفات مع قوى جهادية. إعلامهم غطّى مع المموّل الخارجي، بشكل أو بآخر، قيام الشخصيات السلفية الجهادية، التي أطلق سراحها الأسد بعد الثورة، في تشكيل فيالقهم الخاصة: جيش الإسلام وأحرار الشام وفيلق الشام. جيش الإسلام


هذه الحركة بمساعدة بعض الدول، أدّت إلى استبعاد ضباط الجيش الحر والمنشقّين عن جيش النظام، وإنهاء دور المجلس العسكري الحر للثورة، بما يعني ذلك من شرذمة التمثيل العسكري للثورة. سياسياً وبموازاة ذلك، حاول الإخوان السيطرة على كل مفاصل الثورة، بدءاً من العمل الإغاثي المدني وانتهاء بالائتلاف. دخول القاعدة إلى سوريا، صحيح أنّه تم بفعل دول داعمة، لكن الصحيح أيضاً أنّه تم بفعل الفضاء الذي كرّسته السياسة الإخوانية في مفاصل الثورة. حذرنا من أنّ هذا احتلال، وأنّ أية راية غير راية الثورة هي احتلال ومشاريع غير سورية. بقي سلوك الإخوان، على رغم كل التحذيرات، كما هو.


غطّى سلوك جيش الإسلام بزعامة زهران علوش، كما غطى سلوك أحرار الشام التي لعبت دوراً سيئاً في تسليم الرقة للنصرة ومن ثم لداعش. حتى إنهم لم يتدخلوا في قضية اختطاف رزان زيتونة وسميرة الخليل وناظم حمادي ووائل حمادة، من قبل جيش الإسلام. بقيت تركيا حتى اللحظة مرجعية للجماعة. محاولة إظهار تفهمهم الدائم للسياسة التركية، أدخل المعارضة في تناقضات كثيرة. الآن نحصد نتائجها 2014. هذه المقدمة كتبتها منذ سبع سنوات في مادة خاصة، كنت قد تعرّضت قبلها لجيش الإسلام في إيقافه لمعركة دمشق 2012-2013، حيث كان النظام الأسدي يعاني ما يشبه الانهيار العسكري. هنا لابد أن أشير إلى قضية لم أتأكد منها بالوثائق، لكنها شغلتني في حينها. وما وصلت إليه، أنّ إيقاف معركة دمشق كان أيضاً للشيخ معاذ الخطيب ومن معه في الوصول إلى مساومة مع قيادة جيش الإسلام بألا يحاول دخول دمشق، لهذا كانت مدائح الشيخ معاذ لا تنتهي بزهران علوش. من باب الإنصاف، أيضاً، يمكن الحديث عن وجاهة عدم السماح بتدمير دمشق كونها عاصمة ومكتظة بالسكان، فوق الخمسة ملايين نسمة يعيشون فيها، والنظام مستعد لتدميرها عن بكرة أبيها.


الشيخ معاذ نفسه لم يتدخل في قضية رزان ورفاقها، أيضاً، رغم ما تربطه من علاقة قوية مع قادة جيش الإسلام. هذا أيضاً ما تسرّب لي عن مباحثات جرت في القاهرة بين رجل الأعمال الدمشقي الأسدي محمد حمشو، ومع أنس الكزبري، رجل أعمال أسدي آخر، والشيخ معاذ أثناء توليه رئاسة الائتلاف.


في هذه الاجواء، تمكّن زهران علوش، ومعه قيادة جيش الإسلام، من بناء إمارة في الغوطة، عاصمتها دوما، والانتظار ريثما يأتي الطيران الروسي والجحافل الإيرانية لقتل أهلنا في الغوطة 2018. فيما بعد تم اغتيال زهران علوش، يمكن للقارئ الكريم العودة لكلمة الشيخ معاذ الخطيب في تأبين زهران علوش 29.12.2015، بنى إمارته -هو وقيادته- بأجواء من المساومات أيضاً، وكان لا بد ألا يبقى أي تنظيم آخر في المنطقة غيرهم. حاول وقياداته من بعده تصفية أية جهة أخرى، مثل فيلق الرحمن، ونشبت معارك ضارية بين الطرفين راح ضحيتها 700 شاب من أهل المنطقة. هذه جريمة موثقة أيضاً.


كل المحاولات في حلّ قضية اختطاف رزان ورفاقها لم يرضخ لها زهران علوش وقيادته من بعده، وأصرّوا على الإنكار. أيضاً هذه جريمة لا يمكن لقيادة جيش الاسلام أن تفلت منها. الجريمة الثالثة هي عندما وضع نساء من سكان ضاحية عدرا في أقفاص في الشارع. أيضاً هذه جريمة موثّقة.


بعيداً عن كل الوقائع والمعطيات التي قدّمها ذوي المخطوفين، والتي هي قرائن. رفض حتى الاعتراف بمسؤوليته لناحية أنّه هو من كان يسيطر على المنطقة. رغم أنّ رزان ورفاقها كانوا تحت أنظار علوش وقيادته. تحت الرقابة الدائمة، خوفاً من شعبية رزان ورفاقها في دوما. بالتالي أي كلام عن تملصهم من المسؤولية هو قرينة أخرى تؤكد تورّطهم في الاختطاف. لا يمكن لأية جهة أخرى أن تدخل المنطقة وتختطف المجموعة دون أن تمر برقابة جيش الإسلام، على فرض أنّ هنالك جهة أخرى.


هذه الجرائم الثلاث التي ذكرتها تجعل من البديهي أن يقدّم كل قياديي جيش الإسلام لمحاكمة. أما عن قضية مجدي نعمة المعتقل في فرنسا، والمعروف سابقاً باسم إسلام علوش، فهي رهن القضاء الفرنسي. وإذا كان تعرّض لتعذيب فهو أمر مدان.


يجب الضغط على القيادة الحالية لجيش الإسلام من أجل تبيان مصير رزان ورفاقها. لكون محاكمتهم الآن تبدو صعبة. وهذه مطالبة للحكومة التركية. الدفاع عن قيادة جيش الإسلام هو دفاع عن قضية باطلة.


بقي ملاحظة أخيرة، أنّ الدعم لجيش الإسلام كان سعودياً بالدرجة الأولى، إضافة أنّ السعودية تعرضت لضغط شديد من أوباما لكي تضغط على جيش الإسلام وبقية الفصائل، من أجل وقف معركة دمشق.


بعد هذا الاستعراض السريع لقوى محسوبة على تيارات إسلامية متنوّعة، وكيف تعاملت مع الثورة وقيمها، التي تجلّت في التظاهرات شكلاً ومضموناً. وتجييرها لإسلاميات متعددة ومتناقضة الولاءات السياسية أحياناً. وليس لإسلام واحد، كما تزعم كل جهة منها على حدا.


لهذا قلت يجب أن يحاكم قادة جيش الإسلام في كل ما هو منسوب إليه من جرائم. من جهة أخرى لابد من القول: لو نظرنا إلى من أطلق الأسد سراحهم أول الثورة من السلفيين الجهاديين، بالمعنى الشخصي والعام، "حقهم فرنك مصدي بسوق الغلا"، كما يقول المثل، لولا الداعم الخارجي. جيش الإسلام


غسان المفلح


ليفانت - غسان المفلح 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!