الوضع المظلم
الإثنين ٢٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
توكل كرمان في المكان الخطأ
عبد الناصر الحسين

نشوة الانتصار الغبيَّة دفعت القيادية في حزب الإصلاح الإخواني «توكل كرمان» إلى الاحتفاء بإعلانها الانضمام إلى «مجلس الإشراف العالمي» على محتوى ما ينشر على منصتي «فيسبوك» و«انستغرام» للتواصل الاجتماعي.


حتى وهي تعلن عن مركزها الجديد لم تتنازل «كرمان» عن نبرتها الهجومية ونهجها التحريضي، وكأنها تذيع بلاغاً حربياً، حيث كتبت على صفحتها في «فيسبوك»: "يسعدني الانضمام إلى مجلس الإشراف العالمي لمحتوى فيسبوك وانستغرام، الذي لم يعد احتكار الحكومات لوسائل الإعلام والمعلومات ممكناً بفضل منصات التواصل الاجتماعي".


قد لا يكون مستغرباً كثيراً حصول «توكل كرمان» على «جائزة نوبل للسلام» لعام 2011، على اعتبار أنها قدمت نفسها كناشطة حقوقية تقف مع مجاميع الشعب اليمني إبان الثورة اليمنية ضد «علي عبد الله صالح»، مع أن السبب الأهم في فوزها بالجائزة الحلم هو تلك الحملات الدعائية الرهيبة التي قام بها فريق «شبكة الجزيرة» القطرية، يضاف إليها شبكة معقدة من العلاقات العامة التابعة لقطر وتركيا والمدعومة مالياً بسيل من الدولارات.


لكن المستغرب أن يقع اختيار شركة فيسبوك وانستغرام على كارمان لتكون في مجلس الإشراف، والذي يدعو للتساؤل عن المقاييس والأسس التي اعتمدتها الشركة في تعيين القيادية في حزب الإصلاح اليمني الإخواني، الذي كُشفت علاقته بتنظيمي «القاعدة وداعش» الإرهابيين.


فقد كشف مؤسس جهاز الاستخبارات العامة القطرية، «اللواء محمود منصور»، أنَّ كرمان هي أحد الأبواق التي تستخدمها الاستخبارات القطرية لبث سموم الكراهية والفوضى في دول المنطقة العربية، فقد لعبت- وفق قوله- وحسبما أورد «مركز المرجع للدراسات» دوراً مشبوهاً لإثارة القلاقل والاضطرابات في وطنها اليمن؛ الأمر الذي ترتب عليه تدهور الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية على الساحة اليمنية، وأسفر ذلك عن وقوع اليمن تحت براثن «الميليشيات الحوثية» التي بسطت سيطرتها على «العاصمة صنعاء» وبعض المناطق الأخرى بقوة السلاح، ومازال اليمن يئن حتى الآن من تداعيات الدعاوى التحريضية التي تطلقها كرمان بين الحين والآخر.


ويكشف حصول كرمان على منصب في مجلس الإشراف على «فيسبوك» مدى الاختراق الإخواني بدعم قطري وتركي للمؤسسات الإعلامية ومراكز الدراسات ومنظمات حقوق الإنسان، هذا بالإضافة الى دعم الدوحة لكرمان، وهو ما كشفت عنه «صحيفة الاتحاد الإماراتية»، التي أكدت أنّ كرمان لديها صندوق بريد مسجل في «بنك قطر الوطني» برقم «PO.BOX 23123».. وهو عنوان بريد مشترك تابع لجهاز الاستخبارات القطرية، كما أنَّ لديها حساباً بنكياً برصيد يبلغ أكثر من 35 مليون ريال قطري في بنك قطر الوطني يحمل رقم «234442220001».


يبدو أنّ انتماء «توكل كرمان» إلى جماعة الإخوان المسلمين كان كفيلاً بتضخيم دورها، وتحويلها إلى مناضلة دائمة الظهور على قناة الجزيرة القطرية، شاشة الإخوان التي توزع الألقاب على نزلائها بالمجان؛ تبعاً للدور الذي يقومون به. مانحة النجومية لمن تشاء، حتى لو كانت النجوم مجرد حجارة تضرب نوافذ المنطقة العربية، بتكليف من جهات مارقة.


وهناك سبب آخر يقف خلف شهرة كرمان، هو عمل أختها «صفاء كرمان»، كمراسلة لقناة الجزيرة في العاصمة اليمنية صنعاء؛ وهي أول مراسلة للقناة في اليمن، الأمر الذي عجَّل من صعود توكل، متجاوزةً آلاف النشطاء والناشطات ممن هم أكثر علماً وفصاحةً وحِرَفية منها.


تعكس شخصية كرمان المتناقضة منهج مدرستها الإخوانية القائمة على التناقض والتلون، فهي ناشطة في حقوق الإنسان لكنها داعمة للإرهاب بشكل أو بآخر، وهي التي أيدت عملية «عاصفة الحزم» ضد الحوثيين يوم انطلاقتها، لتعود وتنقلب على العاصفة ودولها بعد انسحاب «قطر» منها، وهي التي قامت بزيارة إلى سفارة بلادها في الرياض، والتقت الرئيسَ اليمني هادي، ووصفته بالأخ الرئيس المناضل، في 2 نيسان (أبريل) 2015، قبل أن تنهال عليه وعلى التحالف العربي الذي يدعم شرعيته، بحملات السب والتشويه.. وهي التي هاجمت ايران وحزب الله على دورهم الداعم للإرهاب في سوريا والعراق، لتعود وتصمت تماماً عن جرائم هذا المحور المتحالف مع الخط الإخواني.. وتفسير ذلك التناقض الكبير في مواقف كرمان يعود إلى عمق انخراطها في محور الفوضى والتخريب في المنطقة العربية.


استنكر آلاف الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي تعيين «توكل كرمان» منصب في مجلس الإشراف على منصتي «فيسبوك» و«انستغرام»، مطالبين المسؤولين بإعادة النظر في هذا القرار المثير للجدل، متسائلين: كيف لمن يدعم الإرهاب ويثير الفتن والزوابع وينحاز انحيازاً سافراً لمحور يعادي محوراً آخر أن يكون قيِّماً على أفكار الناشرين وتوجهاتهم؟.


المؤكد أن كرمان لن تصمد طويلاً في منصبها الجديد!. حالها كحال «الإخوان المسلمين» حين يصلون إلى الحكم ثم سرعان ما يسقطون، لدى مواجهة أقرب استحقاق سياسي مهم. فالتاريخ أثبت أن الإخوان بارعون فقط في إثارة الفوضى والقلاقل لكنهم فاشلون في إدارة الدول.


فأمام كرمان أحد خيارين: إما أن تراجع إدارة فيسبوك قرارها الخاطئ فتعزلها. أو أن تسقط كرمان ذاتياً أثناء أدائها لعملها، وهي تتعمد شطب آلاف الحسابات الداعمة للاعتدال والتسامح وحقوق الإنسان. وإلا فهي مضطرة أن تصطدم مع المحور الإخواني الذي دعمها، وتنقلب عليه، شاطبة حسابات الإرهابيين وكل من يدعو إلى العنف والتطرف.


 عبد الناصر الحسين.     


 

كاريكاتير

قطر تغلق مكاتب حماس

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!