-
تركيا الرافضة لإقرار ترامب بيهودية "القدس" أقرت قبله بذلك!
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الثلاثاء، عن "خطة السلام" المقترحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمعروفة بـ"صفقة القرن"، وذلك بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقال ترامب في مستهل إعلانه: "اليوم إسرائيل تأخذ خطوة كبيرة نحو السلام"، موضحاً أن "خطته للسلام تتألف من 80 صفحة وهي الأكثر تفصيلاً على الإطلاق"، وأكد أن "خطة السلام المقترحة بين الإسرائيليين والفلسطينيين هي مسار قوي للأمام"، مشيراً الى أن "رؤيتي لخطة السلام ضمن إطار حل الدولتين".
ونشر الرئيس الأمريكي، خريطة تُظهر حدود "دولة فلسطين"، وكشف ترامب عن صورة عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر، تظهر خريطة "دولة فلسطين" وعاصمتها أجزاء من القدس الشرقية، وفي السياق، علّق المتحدث باسم حزب "العدالة والتنمية"، الحاكم في تركيا، على خطة السلام الأمريكية، اليوم الأربعاء، وقال عمر جليك إن "خطة السلام المزعومة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هي خطة احتلال تتجاهل كافة المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني"، وأضاف، في مؤتمر صحفي عقده في العاصمة أنقرة: "خطة السلام المزعومة تعد الفلسطينيين بآلية لتشكيل إدارة تحت الاحتلال وبتوجيه من إسرائيل"، وتابع "أنقرة ستواصل السعي من أجل إقامة دولة فلسطين على الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس".
الخلافات بشأن القدس..
تُعد القدس من أهم قضايا النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين حيث تؤوي المدينة مواقع مقدسة تخص المسلمين والمسيحيين واليهود، خاصة في القدس الشرقية، واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في حرب 1967، وتعتبر المدينة بكاملها عاصمة لها، فيما يؤكد الفلسطينيون على أن القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية، بينما تنص اتفاقيات 1993 على التفاوض بشأن وضع المدينة في آخر المراحل من مسار السلام بين الطرفين، حيث لا يعترف المجتمع الدولي بسيادة إسرائيل على القدس، وتحتفظ معظم الدول بسفاراتها في تل أبيب.
مُزايدات أردوغانية..
ويبدو الخطاب الرسمي التركي اليوم مًكرراً لما ذهب إليه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما قال إن “القدس خط أحمر بالنسبة للمسلمين” في ديسمبر العام 2017، قبيل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وذلك اعترافًا من الولايات المتحدة بأن القدس عاصمة لإسرائيل.
ولكن بعيداً عن كل تلك التصريحات الحماسية، نقلت صحيفة "زمان التركية" في العاشر من ديسمبر العام 2017، تقريراً أرجع قرائه إلى ما أعلنته تركيا في 28 أغسطس/ آب من العام 2016، من خلال اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حيث تم التوقيع عليه بين أنقرة و”القدس”، لحل المشاكل العالقة بين الطرفين بسبب حادثة سفينة مافي مرمرة، وتضمنت وثيقة الاتفاق أنه “قد تم هذا الاتفاق بين أنقرة والقدس”، وذلك بدلاً من ذكر عاصمة إسرائيل وهي تل أبيب! ما يعني اعترافاً قديماً من أردوغان بأن القدس عاصمة لإسرائيل.
وتضمن الاتفاق دفع إسرائيل 20 مليون الدولار أمريكي لأسر ضحايا سفينة مافي مرمرة الذين قتلوا على يد القوات الإسرائيلية في 31 مايو عام 2010، وعودة التنسيق الاستخباراتي والتعاون الأمني بين البلدين، واستمرار إسرائيل في صيانة الطائرات الحربية التركية والعودة لإبرام عقود أسلحة متطورة، وإعادة السفراء إلى أنقرة وتل أبيب، وتعهدًا مشتركًا بعدم إقدام أحدهما على عمل يضر الآخر.
أما أهم ما تضمنته “وثيقة الاتفاق بين تركيا وإسرائيل”، والتي أختصرت في عبارة “لقد تم هذا الاتفاق بين أنقرة والقدس”، فيبدو أنها كانت الثمن لمصالحة بين الجانبين عقب ست سنوات من القطيعة، وهو ما أشار إليه نجل نجم الدين أربكان الراحل شيخ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فاتح أربكان، الذي أكد أن هذه الاتفاقية بمثابة اعتراف صريح ورسمي من حكومة أردوغان بأن القدس عاصمة لإسرائيل، وذلك من خلال عقد الاتفاق في “القدس” من الجانب الإسرائيلي وأنقرة من الجانب التركي.
في حين انتقد الكاتب بصحيفة (ستار) المقرّبة من الرئيس أردوغان وهو صلاح الدين جكيرجيل في مقال له نشرت في الصحيفة في عشرين من أغسطس عام ،2016 الاتفاق المبرم بين تركيا وإسرائيل، وقال جكيرجيل إن هذه الاتفاقية أصابت الشعب التركي المتدين بالدهشة وجرحت مشاعره، وخاصة في إتمام الاتفاقية في القدس، معتبراً أنه بمثابة اعتراف ضمني من السلطات التركية بأن القدس عاصمة لإسرائيل، نظًراً للتوقيع على الاتفاق في القدس وأنقرة، مطالباً الرئيس أردوغان بإلغاء الاتفاقية على الفور، كما اعتبرت أيضاً جمعية الفرقان المعروفة في تركيا بتوجهاتها الإسلامية، وثيقة الاتفاقية اعترافًا صريحًا من تركيا بأن القدس عاصمة لإسرائيل.
العلاقات التجارية تكشف المستور..
وعقب توقبع الاتفاقية التي أقرت من خلالها تركيا ضمنياً بيهودية القدس، ازدهرت العلاقات التجارية بين الجانبين، بمستوى متقدم للغاية، كاشفة بعض جوانب الخداع البصري التي سعى الجانبان التركي والإسرائيلي إلى إبرازها عن خصومتهما المفترضة، حيث أظهرت إحصائية مُقارنة مُعدة في نهاية العام 2019، أن تركيا تحتل مركز الشريك الأول لإسرائيل في حجم التبادل التجاري على مستوى الدول الإسلامية والعربية.
وأشار التقرير الذي أعده مركز الزيتونة الفلسطيني للدراسات والاستشارات، أن الصادرات الإسرائيلية لتركيا خلال 2017، بلغت 1.4 مليار دولار، وفق ما نقله موقع إرم نيوز، في مقابل واردات إسرائيلية من تركيا بحوالي 2.9 مليار دولار، وهي في اتجاهي الصادرات والواردات، تزيد عن 4 بلايين دولار وتتجاوز كثيرًا دولًا أخرى مثل، أذربيجان ونيجيريا ومصر وأندونيسيا والأردن التي تأتي بعد تركيا في حجم الصادرات الإسرائيلية لها.
كما تتصدر تركيا قائمة الدول الإسلامية في حجم الواردات الإسرائيلية منها، وينوّه التقرير إلى أن حركة التجارة بين تركيا وإسرائيل شهدت تعزيزًا إجرائيًا، في أعقاب فوز الرئيس رجب طيب أردوغان بولاية ثانية، وقد تمثل ذلك كما قالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، بوصول ملحق تجاري تركي جديد لإسرائيل هو هوثمار آينمز، بعد أن كان هذا المنصب شاغرًا لسنوات، في السفارة التركية، حيث أشارت الصحيفة، إلى أن العلاقات التجارية مع تركيا منتعشة، رغم الحديث الإعلامي التركي مرتفع النبرة، الذي يوصف بأنه نهج لأردوغان في الترويج السياسي لشخصه وسياساته، والذي يهدف منه إلى كسب تأييد شعبي لسياساته.
ويبدو أن التصريحات التركية لمسؤولي حزب العدالة والتنمية والتي تهاجم إسرائيل في كثير من الأوقات ليست موضع أرتياب في تل أبيب، التي يبدو أنها متفقة ضمناً على ممارسة تلك الداعية الإعلامية لصالح الجانب التركي، يراها مراقبون بأنها محاولة لتعزيز مواقع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التركية، وتعزيز صورته في العالم العربي والإسلامي بدعوى أنه "عدو إسرائيل"، بغية تنصيب نفسه قائداً للعالم الإسلامي، وهي جهودٌ فيما لو نجح فيها، لربما أرضى تل أبيب أكثر من أي وقت مضى بالمزيد من الصفقات على حساب شعوب المنطقة وأرضها.
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!