-
تداعيات انتخاب بايدن على سورية والمنطقة
طبعاً لم تعلن النتائج بشكل رسمي بعد، ولا نعلم ماذا ستكون ردة فعل ترامب، لكن الأمور تتجه لفوز بايدن بالانتخابات واستمرار سيطرة الديموقراطيين على مجلس النواب وسيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ.
ماذا سيفعل ترامب في فترة الشهرين المتبقية له؟ سؤال أيضاً مهم لكن يصعب الجواب عليه فهو لم يكن يحسب حساب الخسارة، وقد يرتجل بعض الأمور كما عودنا في بداية عهده والتي جعلت الأمريكيين يشعرون بغياب الدولة والمؤسسات لصالح التفرّد بالسلطة، لكن لن يستطيع اتخاذ أي اجراء خارجي مهم بعد خسارته فذلك مخالف للعرف السياسي الأمريكي.
في أمريكا سيكون وضع اللاجئين والفئات الدنيا في المجتمع أفضل والبلاد أقل عنصرية، وهذا في صالح العرب والمسلمين هناك، لكن تداعيات أزمة الاقتصاد المتفاقمة بسبب كورونا ستكون كبيرة وتتظاهر بضعف خارجي كبير ومتزايد.
سيزداد اهتمام أمريكا بالخدمات الاجتماعية وفي التزاماتها الدولية، شكلاً مع غياب المضمون بسبب الأزمة المالية، ستكون العلاقات مع أوروبا أفضل مما سيعطي فرصة أكبر لاستمرار الاتحاد الأوروبي، فنزعة الأنانية الأمريكية التي فاز بسببها ترامب لن تستمر في السلطة لكنها ستستمر تطبيقاً رغم ادعاء عكسها، فلا نتوقع أي دور فاعل لأمريكا في الشأن الدولي إذا كان يتطلب منها وضع موازنات وصرف أموال، أما العلاقة مع الروس فسوف تتراجع، ومع الصين سوف تتحسن.
في المنطقة سوف تتراجع العلاقة مع تركيا أردوغان، وسوف تزداد فرص الإطاحة به بسبب الحلف الأوروبي الأمريكي المضاد له علناً، كما ستتقلص العلاقات الخليجية الأمريكية بشكل عام دون تمييز بين محاورها، لصالح عودة التفاهمات الأمريكية الإيرانية، والتي تطمح لإحداث تغييرات داخلية في إيران متمثلة بسيطرة الجناح المعتدل، من دون تقليص حجم ونفوذ إيران في المنطقة الذي تعتبره الإدارة الديموقراطية منذ عهد أوباما ضرورياً لإحداث توازن بين الوهابية والصفوية، كطرفين إسلاميين متشددين يجب أن ينشغلا ببعضهما، وسوف يزداد التعاون الأمريكي الأوروبي من أجل المضي قدماً في طريق إنشاء دولة كردية في المنطقة تضعف بقية الأطراف وتشغلهم بها، وتنقل المعركة لداخل دولهم، وهذا سيكون في صالح الشعب الكردي.
في سورية سيحاول النظام وإيران إنجاز تقدّم ما باتجاه إدلب في هذه الفترة، لكن الروسي سيكون أقل حماساً بسبب انزياح إيران والنظام باتجاه الغرب، وستكون الفرصة مناسبة للتركي لتحقيق نصر عسكري يزيد من أوراقه في القضية السورية.
في إسرائيل وكما عودتنا، تتغير الحكومة مع كل انتخابات أمريكية، ويأتي للسلطة من يمكنهم التفاهم مع الإدارة الجديدة، أي سيسقط ناتنياهو، ويحكم تحالف يمين الوسط المقرب من الديموقراطيين واليهود الروس بزعامة ليبرمان، وستقوى العلاقات مع الروس، من دون عداء ظاهر مع الولايات المتحدة.
الأسد الذي راهن على إيران سيفقد الدعم الروسي أكثر فأكثر بمقدار حصوله على القبول الأوروبي والأمريكي، وسيصبح موضوع ازاحته أكثر سهولة، نتيجة عدم تمسك الروسي به، خاصة وأنّ أحداً لا يستطيع الدفاع عنه بعد كل ما ارتكبه من جرائم، سيكون التعاون الروسي الإسرائيلي العربي ضد إيران هو عنوان تغيير السلطة في سورية، بحيث تزداد فرص قيام سلطة انتقالية جديدة بدل الحفاظ على النظام الذي يعني ترسيخ نفوذ إيران، ولن يستطيع الأمريكي الاعتراض كون ذلك هو أساس تفاهمات جنيف وقرارات الأمم المتحدة، كما سيكون إيقاف تطبيق قانون سيزر بمثابة فضيحة بعد كل ما نشر من جرائم، وبعد موافقة كلا كتلتي الكونغرس عليه.
الإخوان سيفعلون تواصلهم السري مع إيران، وهنا سيتضح تناقض مواقفهم، ويصبح عليهم أن يختاروا بين أحد المحورين، وسيضيق هامش مناورتهم بالتدريج، وقد يخرجون من المعادلة بسبب رهانهم المزدوج الذي عودونا عليه، وفقدانهم للرصيد الشعبي واعتمادهم على الوكالة للخارج.
بينما سيزداد دور المعارضة الانتهازية التي لا لون ولا طعم لها، والتي ستتصدّر المشهد الذي تناسبه هكذا شخصيات، وتصبح هي الشريك لمجموعة وصوليين وانتهازيين يختارهم الروس من النظام لقيام السلطة الانتقالية المنشودة، وكما هي العادة في كل الثورات، سوف ينتصر الانتهازيون.. لكن سيسقط النظام.
د. كمال اللبواني
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!