الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • انتهاء مهلة أردوغان وخيار التهديد بورقة اللاجئين

انتهاء مهلة أردوغان وخيار التهديد بورقة اللاجئين
زارا صالح

انتهت اليوم المهلة المحددة التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بخصوص انسحاب قوات النظام السوري من المناطق التي سيطرت عليها مؤخراً ومن محيط نقاط المراقبة ال12 وعودتها إلى حدود الاتفاق الموقع في أيلول 2018 في سوتشي بين روسيا وتركيا.


لكن الأمور تبدو أنها سائرة بعكس التوقعات والتهديدات التركية الذاهبة أدراج الرياح خاصة بعد التصعيد الأخير بقتل 33 جندياً تركياً ليضع أردوغان أمام خيارات صعبة بعد الفشل في التوصل لتفاهمات مع بوتين حول الالتزام باتفاقية سوتشي أولاً ومن ثم تحديد مصير إدلب التي تصر روسيا على فرض شروطها والإقرار بالأمر الواقع الحالي لمناطق سيطرة النظام ومن خلفهم روسيا وإيران. بكل تأكيد لايمكن لأردوغان الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا رغم أنه يعلم جيداً بأن ما يحدث اليوم في مناطق إدلب هو تخطيط روسي رغم الظاهر المعلن لجهة النظام السوري ولهذا تخشى تركيا من هكذا سيناريو محتمل يضعه أمام الدب الروسي بعد أن فشل أيضاً في كسب الدعم العسكري من أعضاء حلف الناتو واولهم أمريكا والتي بدورها اكتفت بتصريحات لم تتجاوز الدعم السياسي واستنكار الهجمات الروسية وقوات الأسد على المدنيين في إدلب.


بقاء أردوغان وحيداً في مواجهة قدره المحتوم لاسيما وإن المعارضة التركية أيضاً وجهت انتقادات لاذعة لسياساته الخارجية التوسعية ومغامراته الإقليمية وخارج الحدود التركية مما جعله يبحث عن مخرج لحفظ ماء الوجه والوصول لاتفاقية مع بوتين وبرعاية دولية من خلال محاولة عقد قمة مع روسيا بمشاركة فرنسية وألمانية، والتي كان من المتوقع عقدها في الخامس من آذار في استانبول لكنه لم ينجح في ذلك نتيجة التهرب الروسي وإدارتهم للعبة وفق شروطهم من أجل تفردهم بالملف السوري خاصة في مناطق إدلب حيث الخطة الروسية التي بدأت منذ اتفاقيات سوتشي-استانا والتي تسير وفق الاستراتيجية الروسية الهادفة إلى استعادة السيطرة على معظم الشمال السوري بالتنسيق مع نظام الأسد, حيث أن السيطرة والتحكم بالطريق السريع م4 م5 بات من الأولويات الضرورية بالنسبة لروسيا من أجل ربط حلب مع اللاذقية وكذلك حلب مع العاصمة دمشق، ولهذا تحاول جاهدة استعادة سيطرتها الكاملة على سراقب الآن بعد أن دخلت قوات المعارضة المدينة بدعم تركي وكانت قبلها قد سيطرت على بلدة معرة النعمان الاستراتيجة كجزء من خطتها في التحكم بالطرق الرئيسية داخل سوريا.


في ظل هذا الواقع الذي فرضه بوتين على أردوغان حاول الأخير مرة أخرى استخدام ورقة اللاجئين السورين وتقديمهم قرابين على مذبح أجنداته الشخصية والحزبية ليكون الدم السوري في بازار سياساته كما فعلها أكثر من مرة لكي يساوم ويبتز أوروبا والغرب، بفتح بواباته الحدودية أمام الملايين من اللاجئين السوريين للتدفق نحو أوروبا وهو بذلك يقوم بتهديدهم بفيض جديد من المهاجرين وكذلك التلويح بإرسال الآلاف من العناصر الجهادية وداعش الموجودون على الأراضي التركية ودفعهم بالذهاب إلى بلدان أوروبا وذلك من أجل حصول تركيا على دعم مادي أولاً، وكذلك محاولة الحصول على دعم عسكري من أعضاء الناتو والضغط عليهم للدفع بهم لمساعدته في مواجهة الجانب الروسي.


وبالفعل وبعد ساعات من إعلان تركيا عن نيتها فتح حدودها مع اليونان وبلغاريا فقد تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين نحو الحدود اليونانية رغم البرودة الشديدة وهم يقيمون حالياً في العراء وهناك أنباء عن حالات وفاة بين اللاجئين الذين كما يبدو سيواجهون ظروفاً قاسية نتيجة الطقس البارد أولاً وكذلك بسبب المعاملة القاسية من حرس الحدود اليونانية وقد يواجهون بالفعل كارثة إنسانية جديدة كما يبدو متلازمة مع الهجرة والتغريبة السورية.


ومما لا يستبعد الشك فإن خيارات أردوغان باتت أغلبها صعبة خاصة لجهة إيجاد تفاهم مع بوتين حول مصير إدلب وقضية التراجع والعودة إلى الاتفاقيات السابقة لأن روسيا مصممة بشكل قاطع للمضي في خطتها الحالية ولن تقبل التنازل أو أية شروط تركية وهذا ما قد يفرض على أردوغان الاكتفاء بالتصريحات الإعلامية في انتظار ضوء أخضر روسي للبحث في إمكانية عقد اتفاق جديد يلغي عملياً تفاهمات سوتشي-أستانا ويكون ملائماً للمصلحة والشروط الروسية والتي قد تتمخض باستمرار العمليات العسكرية لحين استعادة سراقب ومن ثم الاتفاق على خطة جديدة حول إنشاء مراكز مراقبة روسية-تركية مشتركة أو تفعيل الدوريات المشتركة خاصة في شمال الطريق السريع م4 مع التحكم الكامل ب م5 أي بمعنى ستكون التفاهمات القادمة بادارة واملاءات روسية، وبالتالي قد تكون المدخل نحو تنفيذ هدف بوتين في الدفع بتركيا إلى العودة والالتزام ببنود اتفاقية أضنة 1998 والتي بموجبها يسمح لتركيا دخول الأراضي السورية بعمق 5 كيلومترات تحت بند محاربة الإرهاب ومن ثم العودة ويحاول الجانب الروسي فرض اتفاقية مؤقتة دون شرعنة دائمة لتركيا للبقاء في سوريا وهذا الخيار الروسي قد يكون الأخير في حال فشل التوصل لاتفاقيات حول القضايا الحالية العالقة لاسيما وإن عامل الثقة بين الطرفين قد أصبح غائباً في أكثر من موقعة.


ليفانت - زارا صالح 

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!