-
الشمال والانفجار القادم
تبدو الأجواء ملبدة بغيوم اليأس. تدخل قضية السوريين مرحلة السبات، حيث وضعت إدارة بايدن قضيتنا في أسفل أولوياتها، فتبدو نهاية النفق غير واضحة، ويجمد الصراع ضمن الثلاثية الجغرافية إلى أمد غير منظور.
تشهر الولايات المتحدة الفيتو تجاه أي حسم في المنطقة، فهل تؤجل التدخل إلى اللحظة الحاسمة بعد استنزاف الجميع؟ وهل هو انتظار لإعلان نعي هذه البلاد إرضاء لجواره الإسرائيلي في الجنوب أم هو انتظار لاستكمال تحول السنة إلى خانة الأقليات أم انتظار كمال الفوضى الخلاقة كحال عراقنا الجريح؟
في دمشق الفيحاء وحلب تنتشر الرايات السوداء ومواكب اللطم في الشوارع والساحات منادية "يا حسين". يفتح الأسد الباب على مصراعيه للطاعون الأصفر. تسابق إيران الزمن لتستكمل السيطرة ومعها الإفقار والتهجير والتجويع. يفتح ذاك الباب واسعاً للهيمنة على أراضي وأسواق ومقادير البلاد. فهل يعيد التاريخ نفسه؟ التراجيديا الفلسطينية تعاد من جديد. الأرض يلتهمها الغرباء.
يغلي المحرر على نار الفقر والتشرد والحرب، ينتشر الجهل ومعه الأمية والفقر وأشياء عديدة على امتداده، فهل ينفجر القدر المضغوط يوماً. ستصل شظاياه إلى كل مكان.
لا يهتم الغرب بمأساة السوريين وأحزانهم، يريح ضميره بتقديم الخيام وصناديق الإغاثة وبرامج الجندرة. يتناسى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة وما ورد في مكنوناته أن منع التطرّف العنيف يستلزم التصدّي للبطالة والتهميش والتمييز وسوء الإدارة وانتهاك حقوق الإنسان وعدم سيادة القانون، والنزاعات طويلة الأمد والنزاعات التي لم تتم تسويتها ونشر الفكر المتشدد. لا نعدم أي من تلك العوامل في سوريا ذات المقاطعات الثلاث.
تذكرنا اليونيسف أنّ الأمية عادت لسوريا، فنصف الأطفال السوريين في الشمال تسربوا من المدارس، تبين رويترز أنّ أربع دول، بينها سوريا، هي الأكبر في عدد الأطفال الجنود في العالم، ليس ثمة مدارس تنتظرهم بل شوارع ومخيمات بائسة قد تزرع في رؤوسهم فكراً يخلق منهم في ظروف سوداء قنابل موقوتة لا نعرف أين تنفجر.
تداهمنا الصدمة والإحباط، فليس المحرر كما حلمنا يوماً، أرض العدالة والكرامة والحرية. حطمت مجتمعه التصدّعات والتشوهات الاجتماعية والأمراض النفسيّة والجسدية وانتشار ثقافة السلاح والاعتداء على حقوق الآخرين وانخفاض التآزر المجتمعي والفوارق الطبقية الواسعة. تصبح إدلب مدينة مطاعم النجوم الخمسة ومرافق الرفاهية للطبقة الجديدة، تكثر في شوارعها سيارات السانتافيه، تظن أن مصنعها قرب إدلب، تمتد الطبقة المسحوقة على مساحة المحرر، ينذر الوضع بانفجار اجتماعي قادم، في الليل ينام الكثيرون على بطون خاوية بعد أن أصبح رغيف الخبز حلماً لهم، .يواجهون البرد بحرق الأحذية وروث الحيوان وأشياء شتّى في مدافئهم الصغيرة.
يهاجمنا السؤال: هل الانفجار قادم بعد غليان؟ وهل يخاف الغرب من قدومه؟ ليس ثمة حدود مغلقة في هذا العالم.
ليفانت - مأمون سيد عيسى
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!