الوضع المظلم
السبت ١٢ / أكتوبر / ٢٠٢٤
Logo
  • استهداف دمشق وإخراج الإيرانيين: سيناريوهات وتداعيات قطع الممرات اللوجستية الإيرانية

استهداف دمشق وإخراج الإيرانيين: سيناريوهات وتداعيات قطع الممرات اللوجستية الإيرانية
شيار خليل

 

في ظل التوترات المتصاعدة في سوريا والمنطقة، يبدو أن التركيز ينصب الآن على احتمالية استهداف دمشق كجزء من جهود إقليمية ودولية تهدف إلى الحد من النفوذ الإيراني المتزايد، فالحديث يدور حول سيناريوهات محتملة، سواء كانت عسكرية أو سياسية، تهدف جميعها إلى إزالة الميليشيات الإيرانية المحلية والإقليمية وتغيير ميزان القوى في سوريا، حيث تأتي هذه التحركات في وقت حساس، تسعى فيه إيران جاهدة للحفاظ على ممرها اللوجستي الممتد من طهران إلى بغداد ودمشق وصولاً إلى بيروت، والذي يشكل شريانًا حيويًا لتمكينها من الوصول إلى البحر المتوسط علما عليه إيران عبر سنوات. 

عملية عسكرية شاملة تستهدف دمشق

أحد السيناريوهات المطروحة من قبل المحللين العسكريين والسياسيين في المنطقة هو تنفيذ عملية عسكرية كبرى في دمشق تهدف إلى تفكيك الميليشيات الإيرانية وإجبار القيادات السورية التابعة للنظام السوري على إعادة تموضعهم، فوفقًا للتقارير الأخيرة، تم إرسال رسالة إلى ماهر الأسد، المسؤول العسكري الرئيسي في سوريا، تعرض عليه خيار الانسحاب إلى الساحل السوري بضمانات روسية أو مواجهة تصفية عسكرية.

هذا السيناريو يشير إلى إمكانية حدوث مواجهة مباشرة تهدف إلى استهداف النفوذ الإيراني، حيث يمكن قطع الممرات اللوجستية التي تتيح لإيران توصيل السلاح والإمدادات من طهران عبر العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان. إذا نجحت هذه العملية، ستتعرض استراتيجية إيران الإقليمية لضربة قوية، إذ سينهار “الهلال الشيعي” الذي تعتمد عليه لتعزيز وجودها العسكري والسياسي في المنطقة.

في هذا السياق، قد تلعب روسيا دورًا محوريًا، فهي تسعى إلى الحفاظ على نفوذها في سوريا مع تقليص الدور الإيراني الذي يتسبب في توترات مع القوى الدولية والإقليمية، وهنا من المحتمل أن تقدم موسكو ضمانات لقيادات النظام السوري، مثل ماهر الأسد، لتسهيل انسحابهم إلى الساحل السوري، وبالتالي إعادة توزيع القوى داخل النظام بشكل يحد من نفوذ طهران دون إسقاط النظام بالكامل.

حل سياسي مدعوم دوليًا

أما السيناريو الثاني وحسب المعطيات الحالية هو دفع الأمور نحو حل سياسي شامل يقضي بإخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا وتنصيب رئيس جديد لسوريا يتوافق عليه المجتمع الدولي، وبكل تأكيد في هذا السيناريو، سيكون على إيران مواجهة ضغط دولي متزايد للتخلي عن طموحاتها اللوجستية في سوريا والعراق، حيث أن الممر الاستراتيجي من طهران إلى البحر المتوسط سيصبح عرضة للانهيار.

هذا الحل السياسي قد يكون مدعومًا بتفاهمات بين روسيا والولايات المتحدة، اللتين تتشاركان رغبة في إعادة الاستقرار إلى سوريا دون استمرار الاعتماد على الميليشيات الإيرانية، فقطع هذا الممر سيؤثر بشكل مباشر على حزب الله في لبنان والعراق، الذي يعتمد على هذه الشبكة لتأمين الدعم العسكري واللوجستي من إيران. وبالتالي، فإن الانسحاب الإيراني سيضعف موقف طهران في الصراع السوري ويحد من قدرتها على التأثير في الملفات الإقليمية الأخرى.

استمرار الوضع الراهن مع تجميد التصعيد

في حين أن السيناريو الثالث والأضعف قد يكون تجميد الوضع الحالي بشكل مؤقت، حيث تفضل القوى الكبرى عدم التصعيد في هذه المرحلة، وفي هذا السيناريو، يستمر النظام السوري في السيطرة على دمشق مع بقاء النفوذ الإيراني في بعض المناطق الاستراتيجية، ما يتيح لإيران الحفاظ على بعض ممراتها اللوجستية. ومع ذلك، فإن هذا الخيار قد يكون هشًا، إذ أن التوترات الداخلية والخارجية ستظل تفرض ضغوطًا على الأطراف المعنية لإيجاد حل نهائي للأزمة السورية.

تداعيات قطع الممرات اللوجستية الإيرانية

من الناحية الاستراتيجية، قطع الممرات اللوجستية الإيرانية يعني توجيه ضربة قاسية لطموحات إيران الإقليمية، هذا الممر الذي يربط طهران ببغداد ودمشق وبيروت هو شريان حيوي يتيح لإيران إيصال الأسلحة والإمدادات إلى حلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم حزب الله في لبنان، وإذا تم استهداف دمشق بنجاح وتمت إزالة الميليشيات الإيرانية، فإن هذا الممر سيصبح غير قابل للاستخدام، مما سيعزل إيران بشكل كبير ويحد من تأثيرها في الشرق الأوسط.

علاوة على ذلك، فإن قطع هذا الممر سيعيد ترتيب التوازنات الإقليمية، حيث ستفقد إيران قدرتها على استخدام سوريا كقاعدة انطلاق لعملياتها في المنطقة، مما سيؤدي ذلك إلى إضعاف موقف طهران في العراق ولبنان، حيث يعتمد حلفاؤها بشكل كبير على الدعم اللوجستي الإيراني. كما أن فقدان الوصول إلى البحر المتوسط سيحرم إيران من تحقيق حلمها الجيوسياسي بالتحول إلى قوة إقليمية ذات تأثير مباشر على مسارح العمليات في البحر المتوسط.

 مستقبل دمشق ومصير النفوذ الإيراني

هذا ومع تصاعد التوترات في دمشق وتزايد الحديث عن استهداف النظام السوري والميليشيات الإيرانية، يبدو أن سوريا قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من الصراع الداخلي والدولي، سواء تم تبني سيناريو المواجهة العسكرية أو الحل السياسي، فإن المستقبل يحمل في طياته تحديات كبيرة لإيران، التي قد تجد نفسها مضطرة للتخلي عن مشروعها الإقليمي في حال تم قطع ممراتها اللوجستية.

في نهاية المطاف، يبقى نجاح هذه السيناريوهات مرهونًا بالتوازنات الدولية والإقليمية ومدى تغييرها بحسب المصالح والاتفاقيات الجديدة، خاصة في ظل التوترات المستمرة بين القوى الكبرى وتضارب المصالح في سوريا والمنطقة بشكل عام.

شيار خليل-ليفانت نيوز

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!