الوضع المظلم
الجمعة ٢٦ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • احتجاجات مستمرة في أصفهان... اعتقالات وجرحى وآثار جفاف تتحمل مسؤوليته إدارة فاشلة

احتجاجات مستمرة في أصفهان... اعتقالات وجرحى وآثار جفاف تتحمل مسؤوليته إدارة فاشلة
احتجاجات مستمرة في أصفهان... اعتقالات والجفاف تتحمل مسؤوليته إدارة فاشلة

تشهد مدينة أصفهان في وَسْط البلاد تظاهرات منذ أكثر من أسبوعين 9 نوفمبر، احتجاجات على الجفاف الحاد الذي تعانيه المنطقة منذ أعوام، حيث الاحتجاجات بدأت فعلياً منذ سنوات. ويتهم السكان السلطات بتحويل حصتهم من المياه  لإمداد محافظة "يزد" المجاورة التي تعاني نقصاً شديداً في المياه.


اندلعت الاشتباكات في أصفهان بعد أسبوعين من الاحتجاجات والاعتصامات التي قام بها مزارعون وبدأت في 9 نوفمبر يطالبون بحصتهم من المياه من نهر "زياندر". أساس المشكلة أن النظام الحاكم حوّل مسار النهر إلى مشاريعه الفولاذية والنووية والصاروخية، مما أدى إلى جفاف هذا النهر الصاخب في وَسْط إيران. "irn-hrm"


لقد اعتقلت الشرطة الإيرانية وَفْقاً لـِمصادر رسمية، ما يقارب 70 شخصاً أمسِ السبت في أصفهان، التي تبعد حوالي 340 كيلومترا جنوبَ العاصمة طِهران خلال تظاهرة للاحتجاج على جفاف نهر زياندر، ونقص المياه في مدينة أصفهان. لكنّ المرصد الإيراني لحقوق الإنسان سجّل إصابة ما لا يقل عن 100 شخص بجروح خلال هجوم قوات النظام الإيراني على نفس التظاهرة السلمية للمزارعين وأهالي مدينة أصفهان. وشهدت التظاهرة اشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين. ووثّق المرصد اعتقال ما يزيد عن 300 شخص خلال الاحتجاجات.


واستمرت مواجهات الكر والفر بين المتظاهرين وقوات النظام حتى منتصف الليل في مختلف أنحاء أصفهان حيث سمع دوي إطلاق نار. واشتبك المتظاهرون مع الحرس الثوري الإيراني، وقوات الباسيج، وقوات أمن الدولة، مما أجبرهم على التراجع في العديد من المناطق. وأطلقت قوات الأمن التابعة للنظام الإيراني النار على المتظاهرين في محيط جسر خاجو في أصفهان، وأصيب كثيرون في الوجه والعينين.


تعرّض المتظاهرون للرد بعنف من قبل السلطات الأمنية والشرطية الإيرانية، وجرى إطلاق القنابل المسيلة للدموع على جموع المتظاهرين وقدّر عددهم بــأكثر من 3000 شخص. يقول نور الدين سلطانيان، الناطق باسم مستشفى جامعة أصفهان، أمس: "إن من بين المحتجين الجرحى اثنين في حالة خطرة"، ولم يذكر أي وَفَيَات. وأصبح نهر زايندة رود، الجاف منذ 2000 الذي يمر عبر ثالث أكبر مدينة في البلاد، مكان التجمع الرئيس للمتظاهرين.



وروى أحد سكان المنطقة أمس، أن "الوضع كان هادئاً في مجرى نهر زايندة رود والشوارع خالية، لكنني سمعت عن انتشار شرطة مكافحة الشغب على جسر خاجو، الذي يمر عبر هذا النهر". والخميس، تم التوصل إلى اتفاق بين المزارعين في منطقة أصفهان والسلطات يقضي بتوزيع 50 مليون متر مكعب من المياه، بحسب وكالة فارس.


ووفقا للوكالة نفسها، دُمّر أنبوب ينقل المياه من محافظة أصفهان إلى يزد ليل الخميس الماضي بجرافة، كما تم تدمير ثلاثة خزانات مياه. ونتيجة لذلك، انقطعت مياه الشرب في بعض المناطق في محافظة "يزد". وكتبت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية أن "سبب الموجة الجديدة من الاحتجاجات هو عدم ثقة المتظاهرين بالحكومة لحل المشكلات" لكنها قالت بوجود عناصر تخريبية ضمن المتظاهرين لصبغ الاحتجاجات بطابع مؤامراتي. وتعاني إيران جفافاً مزمناً منذ أعوام، وهو أمر أدى إلى فيضانات متكررة ناتجة عن مزيج من تصلب التربة وهطول أمطار غزيرة إلى حد ما.


وأظهرت مقاطع مصورة بثت على مواقع التواصل الاجتماعي رجال أمن في المدينة الواقعة في وَسْط إيران، يطلقون فيما يبدو طلقات الخرطوش على محتجين في قاع نهر زياندة رود، الذي جف، وهو أكبر نهر في المنطقة التي تعاني الجفاف، كما أطلقوا طلقات في الشوارع القريبة.


https://twitter.com/IranAlhurra/status/1463984518130454536

كما بُث مقطع مصور على مواقع للتواصل الاجتماعي، ردد خلاله المحتجون عبارة "حرام عليكم". ويحتج المزارعون في إقليم أصفهان منذ أعوام على معاناتهم الجفاف وتهديد سبل عيشهم. وبحسب وسائل إعلام إيرانية، يتعرض خط أنابيب ينقل المياه إلى إقليم "يزد" لأضرار على نحو متكرر. وقال ساكن في أصفهان "إن خدمة الإنترنت على الهواتف المحمولة قطعت فيما يبدو في أحياء أصفهان، فيما بدا أنها محاولة لوقف نشر مزيد من المقاطع المصورة عن الاشتباكات".


وفي تموز (يوليو) مع سيناريو جفاف مشابه، اندلعت احتجاجات في الشوارع، بسبب نقص المياه في إقليم خوزستان المنتج للنفط في الجَنُوب الغربي، وتمر البلاد بموجة جفاف قاسية لكن السكان يحمّلون السلطات مسؤولية التقصير وسوء الإدارة في اتخاذ تدابير لمواجهة الظاهرة الملازمة للبلاد والشرق الأوسط منذ سنوات ولاسيما ترتيب الأولويات لمصلحة مشروعات للنظام على حساب حاجة المزارعين.


أمريكا تندد


قال قائد شرطة محافظة أصفهان محمد رضا مرهيداري للتلفزيون الرسمي: "إن عدداً غير محدد من المتظاهرين ورجال الشرطة أصيبوا في الاشتباكات وإن عدداً "محدودًا من المتظاهرين اعتقلتهم الشرطة والحرس الثوري ووزارة المخابرات".

من جانبه، عبّر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، عن قلقه من قمع الاحتجاجات ضد نقص المياه في أصفهان، وشدد على حق الشعب الإيراني في محاسبة مسؤولي الجمهورية الإسلامية. وكتب برايس على تويتر "من حق الشعب الإيراني التعبير عن إحباطه ومحاسبة حكومته"، معرباً عن قلقه العميق إزاء "القمع العنيف ضد المتظاهرين السلميين" في أصفهان.


https://twitter.com/StateDeptSpox/status/1464660291539464197

في غضون ذلك، غرد داني دانون، سفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة، في إشارة إلى قمع الاحتجاجات الشعبية في أصفهان: "المحادثات النووية مع إيران من المقرر أن تستأنف يوم الاثنين. "الصور الوحشية للاحتجاجات ضد نقص المياه في أصفهان تذكرنا بمدى خطورة هذا النظام".


ومنذ منتصف نوفمبر ينظم أهالي شهركرد، مركز محافظة جهارمحال وبختياري، احتجاجاً واسعاً ضد أزمة نقص المياه، وحمّلوا في شعاراتهم النظام الإيراني مسؤولية أزمة المياه في إيران، فيما يستمر المزارعون في أصفهان بتجمعهم الاحتجاجي واعتصامهم لليوم الـ 20 على التوالي في مجرى نهر ”زيانده رود“ الجاف.


يرافق هذه الاحتجاجات تجمهر للمتقاعدين على وضعهم المعيشي المذري في كل من رشت شمال إيران والأهواز في الجَنُوب وفي أصفهان في وَسْط إيران والعديد من المدن الأخرى، فيما شجب طلاب العلوم الطبية إدارة الجامعة، فضلاً عن احتجاج عمال البتروكيماويات في آبادان وعمال البلدية في شهركرد.



سوء الإدارة


في مقابلة للتايمز البريطانية مع عالم إيراني منفي يرى بأن إيران "مفلسة" من المياه بعد سنوات من سوء الإدارة في عهد النظام الحالي. وأكّد العالم ونائب وزير البيئة السابق المقيم في الولايات المتحدة، كاوه مدني للصحيفة، أن جميع مصادر المياه في البلاد من الأنهار والخزانات والمياه الجوفية، بدأت في الجفاف. وأشارت الصحيفة إلى أن وزير الطاقة الإيراني أقرّ بأن البلاد تواجه أزمة غير مسبوقة.


وقال مدني لصنداي تايمز: "إن على إيران التخطيط للعيش مع نقص المياه". ويرى أنه لا يمكن لإيران استعادة أراضيها الرطبة وخزانات المياه الجوفية والأنهار بالكامل في مدّة زمنية قصيرة."thetimes"


ولا تقتصر أزمة المياه وسوء الإدارة على أصفهان فحسب، فإقليم خوزستان الغني بالنفط يعاني جفافاً مستمرا أدى إلى احتجاجات منذ أواخر مارس/ آذار الماضي، تصدّت لها القوات الأمنية والحرس الثوري الإيراني بعنف وسقط ضحية برصاص الأمن في تموز من هذا العام، واتهمتها السلطات بأنها تُدار من عناصر تخريبية بأجندات أجنبية.


وقال إن الأزمة في الشرق الأوسط تختمر منذ سنوات، مع تحذيرات متكررة من "حروب المياه". وإن المشكلة تفاقمت بسبب الاحتباس الحراري، مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة بلا هوادة.


تواجه إيران أزمة الجفاف منذ حوالي 30 عاما فالأمر ليس جديداً لجهة المخاطر المستقبلية التي يجب أن تتعاطى معها الحكومات المتعاقبة بواسطة إجراءات معززة للبنى التحتية وتبني تنمية خضراء مستدامة... إلخ. بيد أن الجفاف يتعاظم في العقد الماضي وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، فأرقام منظمة الأرصاد الجوية الإيرانية تقول بحوالي 97٪ من البلاد تواجه الآن مستوى معيناً من الجفاف.


اقرأ المزيد: سنتان عصفت بإيران… انتحار جماعي وتظاهرات ورهان النظام على جائحة كورونا


هذا الواقع يجعل إيران تفكر بمصادر تعويض حيث تقطع من نهر دجلة من حصة العراق، وتضغط على إقليم كردستان والعراق لوقف الاستثمار في المشروعات الزراعية. واقع الشرق الأوسط القادم تظهر فيه صراعات المياه التي لطالما حذّر منها المختصون وها نحن نراها بين أثيوبيا ومصر والسودان.


يقول الدكتور مثنى العبيدي الأكاديمي والمتخصص في الشؤون الإقليمية والدولية في لـ “ليفانت نيوز” بأنّ العراق هو الدولة الأكثر تضرراً بسبب سياسات إيران وتركيا المائية لأنهما الدولتان اللتان تنبع منهما الأنهار الرئيسة وروافدها والأنهار والروافد الفرعية أيضأ، والعراق يعتمد عليها في مجال موارده المائية.” " تقرير خاص ليفانت" اقرأ أكثر


وتقوم إيران بحجب نهر الزاب الصغير الذي يدخل أراضي إقليم كردستان العراق بعد أن أقامت سدوداً ضخمة داخل أراضيها وحولت مجرى مياه النهر إضافة إلى انخفاض منسوب المياه بشكل كبير في نهر سيروان وسد درباندخان الذي يهدد كسب عيش الكثير من الصيادين والمزارعين. ومؤخراً نبّه وزير الموارد المائية العراقي مهدي الحمداني، إلى أن الإطلاقات المائية المتدفقة من إيران وصلت إلى الصفر، وإيران لم تتقاسم الضرر مع العراق.


 

إعداد وتحرير: وائل سليمان

ليفانت نيوز _ خاص_ ساندي تايمز _ إيران إنترناشيونال م_ أ ب_ المرصد الإيراني لحقوق الإنسان _ رويترز










النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!