الوضع المظلم
الأربعاء ٠٦ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • رسائل تركية من الملاذات الآمنة.. بديل داعش بدأ بالتحرّك 

رسائل تركية من الملاذات الآمنة.. بديل داعش بدأ بالتحرّك 
محمد محمود بشار

احترقت الورقة الأخيرة في مشروع إعادة إحياء داعش، في نهاية الشهر الأول من العام الحالي، عندما اصطدم مقاتلوا التنظيم بحائط قوات سوريا الديمقراطية، التي هزمت داعش مرة أخرى بعد الهزيمة التي ألحقتها القوات بالتنظيم في الباغوز قبل عدة سنوات، فكانت معركة سجن الصناعة في مدينة الحسكة، النهاية الفعلية لاندثار حلم عودة داعش كقوة تسيطر على الأراضي. 

حيث أفرزت معركة سجن الحسكة واقعاً ملموساً، ألا وهو أن داعش بات محصوراً في الحالة (العصاباتية)، أي أن سقف ما يستطيع أن يفعله التنظيم، هو تنشيط للبعض من خلاياه ومهاجمة سيارة على طريق مهجور أو تفجير دراجة نارية داخل قرية أو مدينة سورية. 

عفرين والطريق إلى القدس 

مع ارتفاع درجات الحرارة، في شهر حزيران، ارتفعت حدّة المواجهات المسلحة بين الفصائل العسكرية التي ترعاها الدولة التركية داخل مناطق سورية مختلفة، أبرز تلك المناطق، عفرين والباب وإعزاز وجرابلس. 

جبهة النصرة التي تعمل تحت اسم هيئة تحرير الشام حالياً، تدخلت في هذه المعركة لدعم الفصائل والقيادات العسكرية المبايعة لأميرها أبو محمد الجولاني، فكانت كلمة الحسم في هذه التطورات الأخيرة مربوطة بفوهات بنادق انغماسيي النصرة، حيث كانت لهم الغلبة. 

في المحصلة، ازداد نفوذ النصرة وباتت الفصائل التي بايعت الجولاني تمتلك مساحة أوسع من الأراضي وحيزاً أكبر من النفوذ واتخاذ القرارات الحاسمة. طبعاً، الجيش التركي لم يتدخل بقواته، ولم يكتفِ بمهمة مراقبة الأوضاع، بل كان يشرف على المعركة عن قرب. 

أحد أنصار فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا كتب في تغريدة له: (الطريق إلى القدس يمر من عفرين لأن الطريق مزفت)، وذلك كتعبير عن استياء مناصري تلك الفصائل ضد تحرك النصرة. 

وبمجرد العودة إلى الخلف، أي لبدايات الاجتياح التركي لمدينة عفرين واحتلالها، يظهر بوضوح مدى تأثير الخطاب الديني الجهادي المتزمت على تلك الفصائل، عندما تم نعت وحدات حماية الشعب ذات الأغلبية الكردية، والتي تشكل أبرز تشكيلات قوات سوريا الديمقراطية بالكفر والإلحاد والتصهين، مما استوجب قتالها شرعاً -بحسب تفسيراتهم المختلفة للشرع والدين- ورفع راية الجهاد، هذه الراية التي سيدفع جميع العالم ضريبتها في الفترة القادمة. 

من البغدادي إلى الجولاني.. النصرة بديل داعش 

من خلال التغطية على التحرك الأخير للنصرة في المنطقتين التي تمت تسميتهما من قبل تركيا بـ(غصن الزيتون) و(درع الفرات)، يبعث الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، رسائله الجديدة إلى العالم الغربي والرأي العام الإسلامي. 

تلك الرسائل تقول، انتهى خطر داعش ولكن الخطر الذي تشكله النصرة أكبر، لأن النصرة ترتبط بعلاقات خفية ومعقدة بتنظيم القاعدة لا يعلمها إلا الأمراء والسلاطين. 

ومازالت آثار الهجمات الانتحارية التي نفذتها القاعدة في الولايات المتحدة الأمريكية وبقايا الدول الغربية، عالقة في ذاكرة الساسة والقادة الغربيين والرأي العام العالمي. 

أردوغان يقولها بكل وضوح، بأن مفاتيح بيت النصرة مخبأة في قصره بأنقرة، وهو يستطيع أن يُحَرّكَ (الانغماسيين) في النصرة متى ما أراد، ويوجههم أينما شاء. 

احترقت ورقة داعش، واهترأت ورقة المساومة على ثلاثة ملايين لاجئ سوري، فتوجهت أنقرة إلى استخدام البديل الأهم والأخطر، وهذا البديل هو هيئة تحرير الشام بقيادة "أبو محمد الجولاني". 

عندما تم قتل خليفة داعش "أبو بكر البغدادي"، في أكتوبر 2019، وذلك في قرية على الحدود السورية التركية ضمن محافظة إدلب، كان حديث العامة آنذاك ماذا يفعل البغدادي في تلك البقعة وكيف وصل إليها. 

ولكن عندما تم قتل الخليفة الثاني لداعش "أبو إبراهيم القرشي"، وأيضاً بالقرب من الحدود السورية التركية داخل محافظة إدلب، حينها انفكت بعض الألغاز التي كانت عصية على الفهم، وبات الجزء الأكبر من هذه الحقيقة واضحاً، وهو أن (بلاد النصرة)، ومن خلفها تركيا، بقيادة أردوغان، هي أكثر الملاذات الآمنة لأكثر الحركات الارهابية عنفاً وتطرفاً، وهنا تكمن كلمة سر قوة أردوغان الخفية.
 

ليفانت - محمد محمود بشار

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!