-
بين اضطراب سياسي وفساد عسكري.. داعش يُخرج رأسه بالعراق
بعد اجتياح تنظيم داعش الإرهابي لطرفي الحدود العراقية والسورية، خلال العام 2014، تقهقر التنظيم بشكل تدريجي حتى الثالث والعشرين من مارس العام 2019، عندما أعلن التحالف الدولي وشركائه في سوريا، المتمثلين في "قسد"، عن نهاية داعش بعد معركة الباغوز، لينحل معها التنظيم الذي أرهب العالم بأسره، ونفذ عمليات إرهابية شنيعة بحق الشعبين السوري والعراقي بمختلف مكوناتهما.
اقرأ أيضاً: استهداف مقر حزب رئيس البرلمان العراقي بعبوات ناسفة
وقد تصور الناس أن سيرة التنظيم طويت، وأن قصته انتهت، لكن وقائع العام الجديد، لا تشي بالخير، حيث صعدت خلايا التنظيم في البلدين، من عملياتها العسكرية والاغتيالات التي تنفذها بحق عسكريين ومدنيين متعاونين معهم، وكانت ذروة تلك الوقائع، في اقتحام سجن غويران الخاصة بالدواعش في الحسكة بشمال سوريا، بتاريخ العشرين من يناير، وما رافقه في الجانب العراقي من هجمات داعشية، أسفرت عن مقتل عشرات الجنود.
العراق يواصل عملياته
ميدانياً، يواصل العراق مساعيه لمحاصرة التنظيم وخلاياه النائمة، والتي لا يبدو أنها ستستمر في النوم طويلاً، إذ تكشف السلطات العسكرية بشكل متوالي عن نتائج عملياتها، ومنها في منتصف يناير الجاري، عندما أعلنت خلية الإعلام الأمني في العراق، عن ضبط 3000 صاعق تفجير وقذائف وعبوات ناسفة معدة للتفجير غربي نينوى، قائلةً في بيان، إنه تم تنفيذ عمليتين منفصلتين "استناداً إلى معلومات استخبارية أكدت وجود مواد تفجير وأعتدة وعبوات في قريتي العلكانة التابعة إلى منطقة ربيعة وقرية خرايج بلال التابعة إلى قضاء تلعفر غربي نينوى".
اقرأ أيضاً: العراق.. إحباط محاولة استهداف قاعدة بلد الجوية
كذلك، ذكرت السلطات الأمنية العراقية، في السابع عشر من يناير، إنها "قريبة جدا" من المنفذين لحادثتي تفجيرين في منطقة الكرادة، وسط العاصمة بغداد، ونوه بيان لخلية الإعلام الأمني العراقية، إن السلطات "قامت بتحليل أولي للحادثين وتقاطع للمعلومات المتوفرة"، مردفةً أن "القصاص العادل من المنفذين سيكون عاجلاً غير آجل"، وذلك عقب أن انفجرت عبوتان، لفتت خلية الإعلام الأمني إلى أنهما "صوتيتان" في منطقة الكرادة ببغداد، وتابع بيان أمني سابق، إن إحداهما انفجرت أمام مصرف "جيهان" الأهلي، والثانية أمام "محل لبيع الخمور"، معتبرةً أن العملين "الجبانين اللذين يهدفان الى زعزعة الامن والاستقرار وخلط الأوراق".
تحذيرات سياسية من القادم
ولا يبدو أن الوقائع الأخيرة، بعيدة عن الواقع السياسي الذي يعيشه العراق، عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث يعطي الانقسام السياسي، فرصة للإرهاب كي يستغل الاضطراب السياسي، وينفذ عمليات قد تشعل الخلافات، وهو ما حذر منه مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري في العراق، في منتصف ديسمبر الماضي، عندما وجه الاتهام لأطراف لم يسمها بـ"جرّ البلاد" إلى الخطر، من أجل بعض المقاعد، ضمن إشارة إلى مقاعد مجلس النواب.
اقرأ أيضاً: قبل ثلاثة أشهر.. تهديدات للإمارات من أدوات إيران بالعراق
وصرح وقتها، إن "عودة الإرهاب المتمثل بداعش في منطقة مخمور والتفجيرات السياسية التي حدثت في محافظة البصرة، وبعض الاغتيالات من هنا وهناك ينبئ عن تأزم الوضع السياسي، ولجوئهم للعنف ويذكرنا بما حدث من اعتداءات على المستشفيات وغيرها قبل الانتخابات"، وأردف، أن "هذا ما سيجر البلاد والعباد إلى الخطر من أجل بعض المقاعد، وهو ما يستدعي منا التأكيد على حصر السلاح بيد الدولة، والعمل الجاد من أجل حل كل المليشيات المنفلتة والتي تسيئ استعمال السلاح بحجة المقاومة أو أي ذريعة أخرى".
فساد عسكري وبيع للأسلحة
ولعل الفساد العسكري، هو ما لا ينقص العراق، حيث قد يسمح ذلك لبعض ضعاف النفوس، باستغلال مواقعهم العسكرية الرفيعة، لتزويد الإرهابيين بالسلاح لقاء مقابل مادي، وقد كشفت مصادر عراقية، في العشرين من يناير، عن صدور أوامر قبض بحق عدد من الضباط في الجيش العراقي، بتهمة بيع أسلحة لجماعات مسلحة، وفق ما نقلته قناة روسيا اليوم عبر موقعها الإلكتروني، قائلةً نقلاً عن مصادرها، إن "نحو 10 ضباط في الجيش العراقي صدرت بحقهم أوامر قبض على خلفية بيع أسلحة سلمها التحالف الدولي للقوات العراقية".
اقرأ أيضاً: الغاز الإيراني يضاعف مآسي العراقيين.. بالظلام والصقيع
وأضافت، أن "تهمة هؤلاء الضباط بيع الأسلحة لجماعات مسلحة"، مشيرةً إلى أن "الأسلحة التي بيعت تتراوح بين الخفيفة والمتوسطة، بالإضافة إلى معدات عسكرية"، وعقب أن كانت قد نشرت القناة نفسها من في الثالث والعشرين من ديسمبر الماضي، معلومات عن قضية ضابط عراقي "باع" أسلحة أهداها التحالف الدولي إلى القوات العراقية خلال الأشهر الأخيرة.
ورغم أن المعلومات لم توضح الجهة المسلحة التي حصلت على الأسلحة، إلا أن الفكرة في عينها تمثل خطراً كبيراً، فبيع أسلحة التحالف المقدمة للجيش العراقي، يعني بصورة أو بأخرى وصول تلك الأسلحة إلى السوق السوداء، وهي السوق التي لن يعجز فيها إرهابيو داعش أو غيرهم من التنظيمات التكفيرية، عن اقتناء الأسلحة المتطورة، ومهما بلغ ثمنها.
متعاونون مع التنظيم
وربما لا يتوقف الأمر على بيع الأسلحة فقط، بل يمتد إلى التعاون مع الإرهابيين، حيث كشفت مصادر عراقية، في الرابع والعشرين من يناير، عن إحالة مجموعة ضباط عراقيين إلى التحقيق على خلفية هجوم لـ"داعش"، على سرية تابعة للجيش العراقي في محافظة ديالى، أودت بحياة 11 جندياً وضابطاً، وقالت مصادر لـقناة روسيا اليوم، إن "القائد العام للقوات المسلحة العراقية مصطفى الكاظمي، أحال مجموعة ضباط إلى التحقيق، وهم آمر لواء، وآمر فوج، وضباط آخرين في صنف الاستخبارات".
اقرأ أيضاً: العراق يؤكد أنّ داعش لن يعود
ولعل ما يثير الدهشة، أن "التحقيقات كشفت عن أن عدد عناصر داعش الذين شنوا الهجوم، كانوا ستة فقط"، وأن "الهجوم لم يكن اقتحاماً، بل التفافاً على السرية العسكرية"، لتشير قضية التفاف الدواعش على السرية العراقية وليس اقتحامها، إلى تعاون مفترض بين أفراد من داخل المؤسسة العسكرية العراقية، مع التنظيم الإرهابي، وهو ما مهد للإرهابيين الطريق للنيل من الجنود.
وتوحي جملة المعطيات الواردة أعلاه، إلى أن التنظيم وخلاياه في العراق، ربما استطاعت تحقيق اختراقات داخل جسد المؤسسة العسكرية، وهي قضية لا يمكن البت فيها، بانتظار ما ستصدره الجهات الرسمية العراقية من نتائج لتحقيقاتها، لكن وأياً كانت تلك النتائج، فإن خلايا التنظيم لن تعدم الوسيلة بغية التغلغل أكثر والسعي للعودة إلى الحياة، خاصة إن استمر الوضع السياسي العراقي بالاضطراب الحالي، ما يحتم على العراقيين التنسيق والاتفاق.
ليفانت-خاص
إعداد وتحرير: أحمد قطمة
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!