-
الكورونا وشبح أزمة الأخلاق السائدة في النظام العالمي-الجزء الأول
لطالما هناك تخبط عالمي مستمر تتكشف معالمه تدريجياً، من خلال التناقض في الطرق والوسائل المُتبعة لإدارة الأزمات والصراعات الحاصلة في عدة بلدان ومناطق من هذا العالم المنكوب، ويظهر ذلك من خلال وجود أطراف تتطلب مصالحها إنهاء تلك الأزمات وثانية مصالحها تتنامى عبر استمرار تعطيل أيةَّ حلول تٌطرح وخصوصاً الصراعات المنتشرة في الشرق والغرب والوسط العالمي، ومن هنا نلاحظ التمييز بين فرقاء هذا التخبط ببعده المصالحي والأخلاقي، سواء من خلال حكومات المؤسسات وشركات النظام العالمي الجديد، القائمة مصالحه على ضرورة وجود بيئة آمنة ومستقرة.
لتخليق وتوسيع أسواق التصريف والاستهلاك؛ التكنولوجي، التجاري، والصناعي المتطور؛ وبين إقطاعيات ورأسماليات من بقايا أنظمة النظام العالمي القديم القائمة مصالحه على وجود مجتمعات متنازعة ومناطق عدم الاستقرار لإغراقها في الحروب، بالتوازي مع تعويم صفقات الإتجار بالبشر والممنوعات، السلاح وتوزيعه المنفلت ... إلخ.
وأعتقد أن هذا التصور توضحه أنماط التعاطي في أزمة وباء كورونا، بين أطراف صراع المصالح منها المنهمك من أجل البحث عن العلاج الفعال، مع مراعاته لتأمين متطلبات المعيشة اليومية للمواطنين، والحؤول دون السماح ارتفاع الأسعار واحتكار البضائع، ومن ثم تأمين اللقاح الوقائي له، ومنها من ركض لأجل ركوب موجة الاحتكار لعدة اقتصادات ومنتجات ومنها الدوائي، الذي لا توجد إلى الآن حالة ما اثبت فاعليته عليها، أو أنه ساعد بطريقة مباشرة على العلاج والوقاية المستدامة من هذا الفيروس القاتل.
والأغلبية شاهد وسمع تصريحات كثيرة مما سبق كتابته أعلاه، منذ فترة ظهور هذا الوباء وسرعة انتشاره، التي تطرح عدة تساؤلات واستفسارات لا توجد لها إجابات، على الأقل في الوقت الحالي.
وأظن أن تلك التناقضات المستمرة منذ الأزل تبرره في النهاية قيمة المصالح ومدى ارتباطها بنسبة من الأخلاق واللا أخلاق، أي الخير والشر 《يُقال أن هناك مفهوم يبرر أفعال أصحاب المصالح وتكديس الثروات، {أنه في بعض الأوقات يتطلب وجود قليل من الشر حتى يظهر كُل الخير}》.
وهذا يحدث في وقت يعتمد فيه النظام العالمي الجديد إلى إثبات وجوده عبر آداء وسلوك قوامه المُحاكمة الأخلاقية، من خلال تعزيز دور كتل النزاهة والأخلاق، وذلك من خلال إدارة عموم الملفات وفق عقلية جديدة ومُغايرة، وكذلك مفهومه المتطور والتمحور حول نمط جديد ومتساوي في تنمية الاقتصاد واعتماده في الربح على مراكز الأبحاث والدراسات الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والفضائية ... إلخ، ويتجلى ذلك في طريقة انتشار بعض تلك الشركات وتركيزها على إعادة التوزيع وحق المساهمة في رأس المال والمشاركة في الثروات التي تُجنى، 《أحدى تلك النماذج بعض شركات الطاقة والتكنولوجية والاتصالات العابرة للقارات وللجنسيات》،
وهذا وفق برامج تصنيع وإنتاج قائم على الاستثمار وضمانة زيادة في الربح، ، من حيث اعتماده على الطاقة الجديدة والموارد النظيفة المنتشرة على سطح التربة، كما أنها لا تحتاج إلى معامل ضخمة وثقيلة في التنقيب والاستخراج، و التصنيع وإعادة التشكيل للمواد الخام معامل صهر وتشكيل الحديد والفولاذ، والنحاس ، إضافة إلى نظرته التي تُحاكي ضرورة الاستمرار في تطور المجتمعات الحضرية، مما يضمن توافر اليد العاملة المُنتجة، الساعي إلى إشراكها في الإدارة والأرباح، مما يضمن الجودة والسرعة في الإنتاج، إضافة إلى مفهومه المُتقدم حول عموم المجتمعات المحلية وحقها في الاستفادة من الثروات والموارد الأساسية المتواجدة في مناطقها.
وعلى الأغلب أن ذلك يضع النظام الجديد أمام مواجهة العقلية القديمة، أي كتلة اللا نزاهة والأخلاق المُغيبة، التي لا يزال البعض منها مُحتكر لمصادر الثروة والموارد، والهيمنة على بعض موارد ومصادر الاقتصاد، والتدخل في صنع السياسات، وهذا يبرز من خلال إعادة تزايد وتنامي الحروب والنزاعات في العالم، والتي تعبر عنها إقطاعيات رؤوس الأموال ذات الأذرع الاقتصادية، أي الصناعية والتجارية التي تعتمد في الربح على الصناعات الضخمة والثقيلة، وعبر الاستثمار في النزاعات والصراعات المنتشرة، من أجل إعادة السيطرة والتوزيع على منابع وأماكن توافر الطاقة القديمة، ومصادر الثروات، والموارد الأساسية،
إضافة لتأمين سوق تصريف لمصانع السلاح والذخائر وعتاد الحرب وآلياته، وهذا يحتاج إلى بقاء نيران الحروب والنزاعات دائمة التوتر، أن استمرار النظام القديم النظام في ترميم ذاته، يُتيح له فرص إعادة تموضعه في عدة مواقع ضمن النظام العالمي الجديد، واستمرار آدائه وفق عقليته المتأخرة في إدارة الأزمات والاقتصادات وكذلك مفهومه الرجعي حول طرق الإنتاج والربح وتكديس الثروات.
ولطالما كان النظام العالمي القديم يصنع ويمسك بملفات عفنة، يستمد منها قوته التي تحمي كينونة وجوده المُعقدة والمُتشابكة.
وهنا على الأرجح توجد أطلاله ناعمة ولا بأس بها ، نستطيع من خلالها التعرف على بضعة جوانب حاصلة في ملفنا السوري، وكيفية تداوله بين اللاعبين المتداخلين، وكيف يتم ترحيله بحسب عقلية وتأرجح كفة المصالح لتلك الأطراف.
وفي العودة أيضاً إلى ملف وباء كورونا المُشغل للعالم أجمعه ((covids 19))، أجد أنه منح فرصة لبعض اللاعبين الدوليين، الأقليميين وأدواتهم المحلية أي 《نظام مقت ومعارضة هشة وما يدور في فلكهم من ميليشيات أمنية وفصائل الرايات المتعددة》، إلى ترحيل الملف السوري وبقية الملفات الاستراتيجية والسياسية في مناطق الشرق الأسط والعالم إلى ما بعد الإنتهاء من كارثة وباء كورونا وما يترتب عليه من ضحايا وانهيارات اقتصادية لدول وكيانات صناعية وتجارية متعددة الأعمال والأشغال وفي المقابل هناك من المؤكد دول وكيانات تجارية وصناعية ستكون صاعدة بدل الهابطة، وإلى حين ذلك تبقى عموم المجتمعات وخصوصاً دول العالم الثالث في حالة انتظار، لتلقي وتلقف مآلات ما سينتج عن ذلك لاحقاً.
يتبع في مقال قادم
ليفانت - أحمد منصور
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!