الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • (2020) عام للصداع والإشكالات التي تسبّبها تركيا.. الجزء الأول

(2020) عام للصداع والإشكالات التي تسبّبها تركيا.. الجزء الأول
تركيا


منذ بداية العام الجاري 2020، مارست أنقرة سياساتها التي صبغت بالعدوانيّة والتحدّي وخرق القوانين الدولية والأعراف، وإطلاق التصريحات التحريضية والمثيرة للريبة والشك في مساعي تركيا ضمن مناطق الشرق الأوسط، شمال أفريقيا، والداخل الأوروبي، وهي سياسات تعامل معها الغرب والشرق بحذر، وكادت أن تتحوّل في العديد من المرّات إلى صراعات عسكرية مباشرة، كما بين أنقرة والنظام السوري في إدلب.. مع مصر في ليبيا.. مع قبرص واليونان ومن خلفهما فرنسا في المتوسط، وأخيراً في أرمينيا التي نال منها أردوغان من خلال دعمه لباكو على حساب يريفان.


الربع الأول من العام 2020


ففي الربع الأول من العام 2020، سلطت شبكة “دويتش فيلة” الألمانية، في الثاني من يناير، الضوء على التراجع الحاد لحرية الرأي والتعبير في تركيا خلال السنوات الأخيرة من حكم الدكتاتور، مشيرة إلى واقعة اعتقال الكاتبة “أسلي أردوغان” إلى جانب الكثير من المفكرين، موضحة أنّ قائمة التهم الموجهة للكاتبة طويلة وممتدة، وانتهت بها إلى النفي خارج البلاد، في الوقت الذي استمرت فيه المحاكم التركية بسنّ الأحكام التعسفيّة بحق معارضي السلطة، ففي التاسع من مارس، أقرّت محكمة تركية حكماً بالسجن تسع سنوات على الرئيس السابق لبلدية مدينة كبيرة واقعة في جنوب شرق البلاد، ذات الغالبية الكُردية، كانت قد تمّت إقالته من منصبه بطريقة مثيرة للجدل بعد انتخابه العام 2019.



كما تواصلت حملات الاعتقال بحق الجنود الأتراك، بشبهة صلتهم برجل الدين، فتح الله غولن، الذي حمّلته أنقرة مسؤولية محاولة الانقلاب المزعوم في العام 2016، وقد قالت الخارجية الأميركية، منتصف مارس، أنّ تركيا تقوم بتنظيم حملات قمع غير مسبوقة واعتقال عشرات الآلاف من منتسبي حركة فتح الله غولن واتهامهم بالإرهاب، كما تحدث تقرير الخارجية السنوي عن فوضى تضرب نظام أردوغان، مشيراً إلى عمليات تزوير واسعة حصلت في الانتخابات وانتهاكات ضخمة ضد المعارضين والصحافيين ووسائل الإعلام وغيرهم.


اقرأ أيضاً: من سليماني إلى فخري.. نحيب الاغتيالات الحاسمة يتعالى بإيران


وفي ليبيا، أكدت تركيا سعيها الحثيث من أجل إرسال جنودها إلى العاصمة الليبية طرابلس بغية دعم حكومة الوفاق الإخوانية برئاسة فايز السراج، في وجه الجيش الوطني الليبي، وفي هذا السياق، نقلت صحيفة ”مورنينغ ستار“ البريطانية اليومية، في الثامن عشر من يناير، أنّ تركيا باتت متهمة الآن بالمساعدة بعودة ظهور داعش في ليبيا عن طريق نقل المتشددين من سوريا لمساعدة حكومة الوفاق في القتال من أجل السيطرة على البلاد.


وعلى صعيد إيران، تعاطف أردوغان مع مقتل قائد “فيلق القدس”، قاسم سليماني، إذ قال خلال مقابلة تلفزيونية بأنّه يعتقد أنّ قتل قائد رفيع المستوى لدولة لن يبقى دون رد.. أما إسرائيلياً، فقد عمدت للمرة الاولى، استخباراتها العسكرية إلى إدراج تركيا في منتصف يناير، على قائمة التهديدات في تقريرها السنوي للعام 2020.


فيما كلّف في نهاية يناير، وزراء خارجية الدول الـ28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بإعداد عقوبات ضد الأفراد والكيانات في تركيا، المسؤولين عن تنفيذ أعمال الاستكشاف الجيولوجي في منطقة شرق المتوسط، وقد علقت الحكومة السويسرية، في بداية فبراير، تطبيق اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا، ردّاً على انتهاكات نظام رجب طيب أردوغان لحقوق الإنسان والديمقراطية، واشترطت تحسن الأوضاع السياسية في تركيا للعمل باتفاقية التجارة الحرة.


بينما أعلن حزب الحرية بالنمسا، أنّه قدّم مشروع قانون للبرلمان بفرض حزمة إجراءات عقابية ضد تركيا، تشمل حظر تصدير السلاح ووقف منح الجنسية للأتراك، احتجاجاً على سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في الوقت الذي حذّرت فيه برلين، في الثاني من فبراير، من تكثيف الاستخبارات التركية أنشطة التجسس لشنّ هجمات على معارضي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الأراضي الألمانية، فيما أشار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في التاسع من فبراير، إلى أنّ بلاده لن تسمح بتطبيق القوانين التركية على الأراضي الفرنسية، وأضاف ماكرون: “على أنقرة أن تدرك أنّ باريس لا تقبل أن يقوم أي بلد بدعم متطرفين لديهم توجهات انفصالية داخل فرنسا”.


اقرأ أيضاً: الجزرة الأوروبية لا تجذب أنقرة.. وعصا بروكسل مكسورة


ولم تسلم حتى الهند من لسان تركيا، فقد طالبت وزارة الخارجية الهندية القيادة التركية، بعدم التدخل في شؤونها الداخلية، مشددةً على رفضها لجميع التصريحات الصادرة عن الجانب التركي حول الوضع في الجزء الهندي من كشمير.


أما واشنطن، فقال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، بداية مارس، إنّ شراء أنقرة منظومة “أس-400” الروسية يثير قلق واشنطن، فيما جدّد مسؤول في البنتاغون التأكيد على أنّه ينبغي على أنقرة إعادة منظومات “إس-400” الجوية الروسية إلى موسكو، في حال كانت تريد الحصول على منظومات “باتريوت” الأمريكية.


 الربع الثاني من العام 2020


لم يتغير الحال في الربع الثاني من العام 2020، فقد كشفت وثائق عسكرية سرية تركية، منتصف أبريل، عن “وحشية” النظام التركي ضد الأكراد، والتي أسفرت عن مقتل وإصابة 12 ألف كردي خلال عام في الفترة من يوليو/ تموز 2015 إلى يونيو/ حزيران 2016، وذكر موقع “نورديك مونيتور” السويدي، الذي نشر الوثائق المسربة، أنّ انهيار محادثات السلام التي استمرّت عامين ونصف العام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني في شهر يوليو/ تموز 2015، أحيت الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص منذ الثمانينيات.


وفي نهاية أبريل، قالت منظمة العفو الدولية في تقريرها “إنّه تم احتجاز آلاف الأشخاص في الحبس الاحتياطي لفترات طويلة، وغالباً دون أي دليل موثوق على ارتكابهم لجرائم معترف بها بموجب القانون الدولي”، وأكدت أنّ هناك قيود صارمة على الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي، وبينت المنظمة أنّ الأشخاص الذين يُعتقد أنّهم ينتقدون حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم، ولا سيما الصحفيين والنشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، احتُجزوا أو وُجهت إليهم تهم جنائية ملفقة.


اقرأ أيضاً: الإمارات تخطو بثقة نحو عامها الـ49.. رغم التحدّيات الخارجيّة


وفي نهاية مايو، صدرت تقارير صحفية حمّلت فيها أنقرة، المسؤولية عن ترحيل لاجئين من أبناء أقلية الأويغور المسلمة إلى وطنهم الصين، بطلب من بكين.


وفي منتصف يونيو، قالت وسائل إعلام تركية إنّ البرلمان التركي قد تبنّى مشروع قانون مثير للجدل يعزّز إلى حدّ كبير صلاحيات “حرّاس الأحياء” فيما اتهم معارضو رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي بالسعي إلى إنشاء “ميليشيا”، أصبح بمقدروها حيازة واستخدام أسلحة نارية في حال الضرورة واعتراض الأفراد، للتدقيق في هوياتهم أو تفتيشهم.


كما عرض معهد الاقتصاد والسلام أحدث إحصائيات مؤشر السلام العالمي 2020، والذي يقيس مستويات السلام في 163 دولة حول العالم، لافتاً إلى أنّ تقييم الدول يتم من خلال 23 بنداً تحت ثلاثة محاور رئيسة هي “الصدامات الداخلية والخارجية” و”العسكرة” و”الأمن المجتمعي”، وكانت تركيا في المركز 150 بين 163 دولة، واقعة بين كوريا الشمالية وفنزويلا، لتكون بذلك ضمن أسوأ الدول من حيث مؤشر السلام بين الدول الأوروبية.


اقرأ أيضاً: مِـن بـيـعة عـفـريـن إلى بـيـعة أرمـيـنـيـا.. لا صديق لـروســيـا


كذلك، أعاقت تركيا، مسعى حلف شمال الأطلسي “الناتو” لتفعيل خطّتها الدفاعيّة الخاصة بشرق أوروبا، حيث دعت أنقرة الحلف إلى تصنيف وحدات حماية الشعب وحزب الاتحاد الديمقراطي في شمال سوريا، كتنظيمات إرهابية كي توافق على الخطة، فيما كانت قد كشفت وكالة رويترز في نوفمبر 2019، أنّ أنقرة رفضت دعم الخطة الدفاعية لحلف الناتو والمتعلقة بدول البلطيق وبولندا، إلا إذا منح الحلف دعماً سياسياً أكبر لأنقرة في قتالها وحدات حماية الشعب في شمال سوريا، وفق أربعة مصادر في حلف شمال الأطلسي.


وبجانب ذلك، طلبت فرنسا إجراء محادثات مع الدول الأعضاء في حلف الناتو لمناقشة دور تركيا “العدواني” و”غير المقبول” على نحو متزايد في ليبيا، بينما استهجن رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، سياسة أنقرة في شرق البحر الأبيض المتوسط، معتبراً إياها أنّها “تهديد للسلام في المنطقة”، في حين شدّد المستشار النمساوي، سيباستيان كورتز، أنّه لا يجب أن يتعرّض الاتحاد الأوروبي “للابتزاز” من الجانب التركي، لافتاً إلى أهمية وقف الهجرة غير الشرعيّة إلى الاتحاد.


ليفانت-خاص


إعداد وتحرير: أحمد قطمة 








 




كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!