-
هل فشلت مفاوضات "عودة العلاقات" بين القاهرة وأنقرة.. وما الأسباب؟
لم تشهد المفاوضات بين الجانبين المصري والتركي أيّ تقدم ملحوظ، منذ انتهاء جولة المباحثات الثانية بين البلدين، في آب (أغسطس) الماضي، في حين تحدّثت تقارير عدة عن تجميدها وتعثرها بسبب استمرار الخلاف حول عدد من الملفات التي تسببت في القطيعة منذ أكثر من عشر سنوات، وأبرزها الدعم الذي قدمته تركيا لجماعة الإخوان الإرهابية وإيواء عناصرها الهاربين والمطلوبين لدى جهات التحقيق المصرية.
وخلال العقد الماضي، شهدت العلاقات بين البلدين تعقيدات ارتبطت بقضايا إقليمية، كان أبرزها التواجد العسكري التركي داخل الأراضي الليبية، الذي ترفضه القاهرة وتعتبره تهديداً لأمنها القومي والإقليمي، وأيضاً الاستفزازات التي مارستها تركيا في منطقة شرق البحر المتوسط، والتنقيب غير الشرعي عن الغاز، خارج حدود الاتفاقيات الدولية، الأمر الذي تسبب في حالة من التوتر مع دول شرق المتوسط بوجه عام.
تعقيدات في المسار التفاوضي
ولا يتوقع المراقبون أن يتم استئناف المفاوضات الهادفة لإعادة العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين في وقت قريب، لعدة أسباب تتعلق بعدم تحقيق تطورحقيقي في الملفات الخلافية بين البلدين، خاصة ما يتعلق بمسألة الدعم التركي المقدم لجماعة الإخوان الإرهابية، وعودتها لممارسة أنشطتها بشكل مكثّف على الأراضي التركية بعد عدة أشهر من إعلان الحكومة وقف النشاط الإعلامي للجماعة وتقليص أنشطتها بشكل عام، وأيضاً تسريب معلومات عن تسليم المطلوبين من العناصر الإرهابية للقاهرة.
ويرى الدكتور كرم سعيد، الخبير المصري المختصّ بالشأن التركي في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجة، أن المفاوضات بين البلدين قد تعقدت بسبب مجموعة الملفات العالقة، والتي لم يتم التوصّل إلى صيغة نهائية توافقية بشأنها، في مقدمتها مماطلة أنقرة في عدم تسليم المطلوبين من عناصر جماعة الإخوان للقاهرة، وتمسك الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحكومته وحزبه، بدعم التنظيم الذي يمثّل ذراعاً هامة لمشروعه الاستراتيجي.
وفي تصريح لـ"ليفانت"، يوضّح سعيد أن القضايا الإقليمية أيضاً تمثل حجر زاوية في الملفات الخلافية بين البلدين، في مقدمتها التعقيدات الخاصة بترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا وقبرص واليونان في منطقة شرق المتوسط، واستمرار التحركات التركية الأحادية دون التوصّل إلى اتفاق قانوني مع دول الجوار، وأيضاً التشابكات الخاصة بالتواجد العسكري التركي داخل الأراضي الليبية ومطالب سحب المرتزقة التي تدعمها مصر بقوة.
توظيف الإخوان قبيل الانتخابات التركيّة
ويرى الخبير المختصّ في الشأن التركي، أنّ أردوغان لن يتخلّى عن جماعة الإخوان في الوقت الراهن، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في البلاد وتراجع شعبيته إلى حدّ غير مسبوق، بحسب استطلاعات الرأي التي جرت مؤخراً، وتبقى ورقة الإسلام السياسي هي الأخيرة في أيدي حزب العدالة والتنمية، الذي يراهن على أصوات الإسلاميين لحسم معركته الانتخابية، ويوظف الإخوان كأحد أهم الأدوات في مشروعه السياسي.
وفي الوقت ذاته، يعتقد "سعيد" أن تجميد المفاوضات "وقتي"، معللاً ذلك بأن هناك رغبة للتوصّل إلى توافق من جانب البلدين، وخصوصاً تعزيز التعاون الاقتصادي بينهما في ضوء الأزمة الاقتصادية، مشيراً إلى أنه يبدو أن هناك رغبة من جانب تركيا لتصفير مشكلاتها مع محيطها الإقليمي، خاصة في ضوء التطورات العالمية الراهنة وتداعيات الحرب الأوكرانية على المنطقة وتأثيراتها المحتملة في المحيط الدولي والإقليمي.
وعلى مدار العام الماضي، عقدت مصر وتركيا مباحثات على المستوى السياسي والدبلوماسي، بهدف إعادة العلاقات بين البلدين، وصفتها مصر بأنّها مباحثات استكشافية، تناولت القضايا الخلافية بين البلدين دون الإعلان عن النتائج التي أفضت إليها تلك المباحثات، فيما تزامنت مع تصريحات مكثّفة من جانب مسؤولين أتراك، في مقدمتهم الرئيس ووزير خارجيته، أكدوا خلالها على أهمية التعاون مع مصر، وفي شباط (مارس) الماضي، قررت الحكومة التركية إغلاق المنصّات الإعلامية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابيّة، التي كانت تبثّ من إسطنبول منذ عام 2014، في محاولة لإرضاء الجانب المصري، لكن سرعان ما عاودت الجماعة أنشطتها داخل الأراضي التركية، في خطوة عكست تعقيد التفاهمات.
اقرأ المزيد: مصر توجّه خطاباً إلى مجلس الأمن بشأن بدء إثيوبيا تشغيل سد النهضة
وكان آخر تصريح لوزير الخارجية المصري، سامح شكري، بهذا الصدد، مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث قال إن القاهرة "تنتظر حلولاً مرضية للقضايا العالقة مع أنقرة من أجل استعادة العلاقات"، موضحاً أنّ "هناك قدراً من التقدّم في العلاقات مع تركيا نأمل البناء عليه"، حسب ما نقلته صحف مصرية عن أحد البرامج التلفزيونية.
وأضاف الوزير المصري في تصريحاته، أن "هناك مراجعة للسياسات على المستوى الإقليمي، والأمر لم يصل بعد إلى مدى أبعد، لكن هناك قدراً من التقدّم ونأمل أن يتم البناء عليه، وسوف نرصد الأمر ونقيمه وفقاً لما تنتهجه الحكومة التركية من سياسات، سواء في علاقاتها الثنائية مع مصر أو في إطار سياستها الإقليمية"، لافتاً إلى أنّ "الاتصالات ما تزال تسير على الوتيرة نفسها لما تم في الجولتين الأولى والثانية".
دعم متواصل للإرهاب
واستضافت تركيا، في كانون الثاني (يناير) الماضي، مؤتمراً لقيادات تنظيم الإخوان الإرهابية، وكان اللافت حضور عناصر من حركة حسم، الذراع المسلحة للإخوان في مصر والمدرجة على قوائم الإرهاب الأمريكية، تحت عنوان "شباب التغيير.. عقد من النضال وخطوة للمستقبل".
اقرأ المزيد: لماذا تأخر قرار الإدارة الأمريكية بإعادة "الحوثي" لقوائم الإرهاب؟
وخلال مشاركته في المؤتمر، هدّد القيادي الإخواني رضا فهمي، بإعادة "الحراك المسلح والثوري"، على حدّ وصفه. وقال إن المؤتمر في إسطنبول "يأتي في مرحلة خطيرة جداً، حيث ظنت الثورات المضادة في بعض الدول أنها أصبحت مسيطرة وأن التيار الثوري فقد كل أدواته"، على حد تعبيره وفق المصدر السابق، فيما وصفه مراقبون بأنه تحدٍّ للقاهرة، وينسف كافة الجهود الهادفة للتوصل إلى حل بين البلدين.
ليفانت – رشا عمار
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!