الوضع المظلم
الأحد ٠١ / سبتمبر / ٢٠٢٤
Logo
نظرة من كواليس صيف ساخن
باسل كويفي

قد يكون فوز المرشح الرئاسي الإصلاحي في إيران السيد مسعود بزشكيان عودة الى سياسات التهدئة والمرونة حيث أرسل رسائل سياسية لدول المنطقة والعالم ، داعيًا إلى ضرورة الحوار البنّاء وتعزيز التعاون والتضامن بين شعوب المنطقة ودولها قائلاً : 


"لن يُسجّل النجاح لأي خطّة منفصلة في المنطقة، ولن يتحقّق الإزدهار والتقدّم ما لم نحقّق الانسجام في منطقتنا، وما لم نتعاوَن لأجل مستقبلٍ مشرقٍ، إن استغلال النعم الإلهية والموقع الجيوسياسي ـ الإستثنائي لمنطقتنا على نحوٍ صحيح، يدفع بها إلى التقدّم والنمو والازدهار ،ولأجل تحقيق هذا الهدف المنشود، أمدّ يد الصداقة والأخوّة إلى جميع الجيران ودول المنطقة لإطلاق حركةٍ حقيقيةٍ وجادّة في مسيرة التعاون، حيث لإيران وجيرانها العرب والمسلمين مواقف ومصالح مشتركة في كثيرٍ من القضايا الدولية والإقليمية، فنحن جميعاً نرفض احتكار قوى محدّدة ومعيّنة قرارات العالم، كما نرفض تقسيم العالم والاستقطاب على أساس مصالح القوى العظمى ".


حيث تُعَدُّ المسألة النووية الأهم بين إيران والولايات المتحدة على الأمد البعيد بالرغم من كل القضايا المُلِحَّة التي يمكن أن تدفع طهران وواشنطن نحو صراع مفتوح وخطِر؛ فبعد الاقتراب من التوصل إلى اتفاق مع إيران عبر الوسطاء الأوروبيين قبل سنتين انهارت جهود إدارة بايدن للتفاوض على اتفاق دبلوماسي جديد ، بعد عدول ترامب عام 2018 عن اتمام الاتفاق النووي مع ايران آنذاك .
في نفس الوقت ، نجا الرئيس السابق دونالد ترامب من محاولة لاغتياله خلال حملته الانتخابية في ولاية بنسلفانيا ، قد تؤدي لتمهيد طريق الوصول الى البيت الابيض خلال الانتخابات القادمة في نوفمبر 2024 بالاصرار وقوة الارادة والعزيمة التي طهرت عليه بعد محاولة الاغتيال وبمشهد تاريخي غريب من نوعه .


إن نجاح ترامب في الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة الامريكية ، يفرض علينا دراسة المآلات التي من شأنها تغيير سياسات امريكا الخارجية وفق سياساته السابقة وتصريحاته الانتخابية ، وتتجلى أهميتها في منطقتنا على التسلسل بانهاء الحرب الروسية - الاوكرانية مع قدرته على اعادة العلاقات مع روسيا بما يعزز الامن والسلام العالمي - الملف النووي الايراني (  معظم الجمهوريين ،يرون أن خطر إيران يكمن في تطويرها أسلحة نووية وصاروخية فضلاً عن سلوكها المزعزع في المنطقة، خصوصاً عبر جماعات ميليشياوية تشكلها أو تدعمها ) - سحب القوات الامريكية من المنطقة الا للضرورات المؤقتة - حل الدولتين في فلسطين واحياء مبادرة صهره  " كوشنر "  - حلف الناتو واستيفاء رسوم الحماية في حال تواجد قوات امريكية - التحالف مع تركيا وتنظيمه …
وبالتالي علينا ترتيب سياساتنا وأولوياتها لخدمة مصالحنا الوطنية في حال وصول ترامب الى الرئاسة .
من زاوية اخرى ، تدير تركيا علاقاتها الخارجية بين الغرب وكلٍّ من روسيا والصين بقدر كبير من البراغماتية، مُحاوِلةً إظهار عدم الانحياز إلى طرف على حساب الآخر ، ،  في سعيها لدعم عالم متعدد الأقطاب، وعملها على تنويع وزيادة حلفائها .
إن وصول الثنائي ترامب - فانس ( المرشح نائب الرئيس ) للبيت الأبيض سيكون دفعاً رسمياً أميركياً أقوى لسحب القوات الأميركية من شمال شرقي سورية ومن العراق. وسيخدم الانسحاب من سورية المصالح التركية هناك ويضعف كثيرا من تأثير "حزب العمال الكردستاني" في سورية ، ويقود إلى تقويض نفوذ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) و"حزب الاتحاد الديمقراطي"، اللذين تتهمهما تركيا بأنهما ذراع سوريا لـ"حزب العمال الكردستاني".


وسيكون دافعاً لعودة العلاقات التركية السورية بناء على التفاهمات السابقة وانسحاب تركيا من الاراضي السورية وهو الملف الاهم للجانب السوري مع احترام سيادة الدول وفق القانون الدولي والعمل على مكافحة الارهاب بشكل مشترك .
إن إجراء الانتخابات التشريعية في سورية ، قد يكون الأهم فيها انها استحقاقات تمت في موعدها على المستوى المحلي الداخلي ، ولكنها في نفس الوقت لم ترتقي الى طموحات الشعب السوري بوجود تغيير حقيقي بعيداً عن شكل الانتخابات ما قبل الحرب ، وسط رسائل خارجية منها ( دولية ) متعددة المناحي والمواقف تتلخص بأنها  لا تفي معايير الحرية والنزاهة حسب الأعراف الدولية ، وتعيق تمثيل ارادة الشعب السوري في اجراء انتخابات ذات مصداقية بقيادة سورية وبعيداً عن الاقصاء السياسي  وفق القرار الاممي 2254 لوقف الصراع المستمر عبر الحل السياسي الشامل .
إن فهم التأثير في الساحة السياسية للنُخبة  ، يستوجب منا معرفة واسعة الطيف للرأسمال السياسي وأهميته  ، حيث تشكل النوايا الحسنة والثقة التي اكتسبها سياسي أو حزب سياسي في الأساس مع ناخبيهم , البوصلة التي توجه المسارات لدفع السياسات والتشريعات ، والتفاوض نيابة عن مكوناتهم ، لأن رأسمال السياسي ليس أحد الاصول الملموسة على عكس رأس المال المالي الذي بالامكان قياسه وتقديره ، حيث يكتسب الرأسمال السياسي قوته من خلال القيام بأشياء تحظى بتأييد شعبي و تستجيب بشكل جيد لحل الازمات ، بدلاً من تفاقمها وانعكاسها سلباً على السياسي وحزبه .
إن تأثير الرأسمال السياسي هو القدرة على أعمال التغيير وقيادة جداول الأعمال ، ولذلك تكمن هنا  أهمية السمعة ، التي هي أحد الاصول ذات القيمة السياسية وتعد انعكاساً لمصداقية الفرد والنزاهة والجدارة بالثقة. ، هذا هو الأساس الذي يتم فيه بناء العلاقات وتثبيت الثقة ، على المدى الطويل ،  من خلال إدارة السمعة الاستباقية التي تعزز التشاركية وتحفز المبادرات لديهم ، حيث يعتمد النجاح على القدرة على الاستفادة من العلاقات وبناء التحالفات العامة ، بعيداً عن تحقيق الكسب الشخصي على حساب الآخرين ، الذي من تبعاته أن تكون العواقب قاسية ، لأنه من منظور أخلاقي، يمكن أن يؤدي سوء استخدام رأس المال السياسي إلى تقويض ثقة الجمهور في الحكومة والمسؤولين المنتخبين وانخفاض في المشاركة المدنية ، ويعرضهم للتحقيق والملاحقة القضائية . 
بالارادة والتنظيم والادارة سنتمكن من بناء جيل يتحمل مسؤولياته .. مستفيداً من الأفكار الوليدة ضمن إطار الواقع الفعلي لانتاج حلول عديدة لبناء المستقبل الواعد .


ليفانت: باسل كويفي
 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!