فلتان أمني في مناطق سيطرة النظام .. وسطو مسلّح في وضح النهار

ليفانت_ دمشق

يمام يونس

تشبه سورية اليوم مشهدًا طويلا ّمن مشاهد أفلام المافيا الأمريكية التي يحدث السطو المسلّح فيها في وضح النهار وما يتبعه من قتل وترهيب بقوة السلاح.

مشهد الفلتان الأمني والفوضى العارمة تختصر انفلات الأمور من عقالها وعجز النظام عن ضبطها،

حيث تعرّض مكتب حوالات تابع لشركة الحافظ في حي الفرقان في حلب صباح السبت لسرقة استهدفت معظم محتويات المكتب من أجهزة الكمبيوتر المحمولة، بالإضافة لجهاز التسجيل ومبلغ مالي بسيط دون الاقتراب من خزانات الأموال الرئيسية، ليست بالخطرة ولكنها غريبة، ولم تؤثر على عمل الشركة.

بيد أن محاولة السطو التي وقعت يوم الخميس في دمشق 25 تموز 2019 على مكتب شركة “الهرم” بضاحية قدسيا في دمشق، يوم الخميس أدت لوفاة مدير المركز عبد القادر شيخة نتيجة إطلاق النار عليه من السارق.

ما الذي حدث

إذا كانت سرقة السبت في حلب قد وصفت بالغريبة لأنها حدثت في وضح النهار ولم تستهدف خزنة الأموال الكبيرة وكان هدفها أجهزة لابتوبات بكل وضوح، فإن الحادثة التي سبقتها في دمشق يمكن وصفها بالغامضة لأنها جرت أيضًا في وضح النهار وباكرًا ومن قبل عنصرين تابعين لجيش النظام السوري في الفرقة الرابعة، تم القبض عليهما في نفس اليوم.

جرى اقتحام الشركة من قبل الملازم أول أنس محفوظ التابع للوحدة 148 في الفرقة الرابعة، والذي أصيب بطلق ناري خلال عملية السطو من قبل أحد الموجودين في الشركة و مهند داوود المنفذ الثاني وهو مجند احتياط يتبع للفرقة الرابعة، ويعمل تحت إمرة أنس محفوظ، نتج عن الأمر مقتل مدير الشركة عبد القادر شيخة وإصابة أحد المسلحين المُهاجمين. وفرّ الأثنان دون أن يأخذا شيئًا.

توارى أنس بعد إصابته في منطقة مساكن الحرس، حتى جرى اسعافه إلى مشفى الـ 601 العسكري في منطقة المزة، حيث قُبض عليه هناك مُباشرة، نتيجة لتعميم أوصاف الشخص المصاب في حادثة ضاحية قدسيا.

استطاع مهند الهروب من ريف دمشق بعد إصابة أنس، وجرى إلقاء القبض عليه بين حمص وحماه، خلال توجهه إلى منطقة سهل الغاب التي ينحدر منها.

ما الدافع

تناقضت الأخبار حول الدافع من عملية سطو حوالات الهرم في دمشق والغالبية أوردت أن الدافع هو السرقة، خطط المتهمان لهذه العملية لدرايتهم بوصول مبلغ كبير بهذا الوقت لفرع الهرم بحسب صفحات موالية. (صفحة ضاحية قدسيا_الحرس الجمهوري_السقيلبية)

إلا أن موقع صوت العاصمة المعارض للنظام، أكد من خلال مصادره أن الدافع لم يكن السرقة نهائياً، بل كان بغية تهديد مدير الشركة عبد القادر شيخة، الذي كان يشغل منصب عضو في المجلس البلدي لضاحية قدسيا، وعلى خلاف مع الملازم أول أنس محفوظ.

والتهديد تطور إلى قتل مباشر بعد محاولة شيخة اعتراضهم ومقاومتهم وإطلاق نار من أحد الموجودين داخل الشركة والذي تبين أنه عنصر من الجيش السوري.

ويأتي الخلاف بين محفوظ وشيخة، نتيجة عدم قبول الأخير باستخراج أوراق ورخص لافتتاح كشك في ضاحية قدسيا، ورخصة أخرى لتوسيع حديقة منزل على حساب الشارع العام.

المغدور عبد القادر شيخة

سرعان ما استنفرت القوى الأمنية، وتم القبض على الجناة، بعد أن اثارت القضية جدلاً واسعاً، خاصة وأن وزارة الداخلية نشرت صورًا لعتاد ولباس الفاعلين، وقد بدا واضحاً من السلاح واللباس أنهما عسكريين.

لكن الوزارة لم تتطرق في بيانها إلى كونهم يتبعون لأي جهة عسكرية، واكتفت بالقول أنه سيتم تقديمهم للقضاء لنيل عقابهم.

ردود أفعال

كانت ردود أفعال الشارع على السوشال ميديا عنيفة ومستنكرة لأفعال العسكريين خاصة أن الأمر بنظر الموالين للنظام يمثل تشويهًا لمؤسستهم العسكرية.

طالب الأكثرية بإعدامهم ليكونوا عبرة، وقد عبّر بعض المحامين على صفحة جزار للقوانين، وهي صفحة على السوشال ميديا تضم محامين من طوائف مختلف في سورية، عبروا عن أرائهم القانونية بأن هذه الجريمة عقوبتها الإعدام، و آخرون طالبوا بالإعدام الميداني رميًا بالرصاص كون المجرمين ينتمون للمؤسسة العسكرية، وطالب بعضهم بتسريع عملية الإعدام لأنها تمس بالشرف العسكري، وفئة ضئيلة جدًا سألت عن الدوافع التي جعلتهما يقومان بهذا الفعل ودعت للانتظار قبل إطلاق الأحكام القطعية.

التعليقات على الحادثة في عدة مواقع، تذكرنا بالسكوت الذي حصل عندما قام المجرم سليمان الأسد ابن هلال الأسد، بقتل ضابط مهندس من قرية بسندا في اللاذقية أمام عائلته والناس جميعاً في وضح النهار لأنه لم يفسح له الطريق على إشارة المرور الحمراء، التعليقات وقتئذ كانت تترحم على الضحية وتبلع حجراً تبصقه في مطالبات بالإعدام على هؤلاء الجناة.

فلتان أمني في مناطق سيطرة النظام .. وسطو مسلّح في وضح النهار