-
حين تميل بأفعالك نحو الصالح العام.. حينها فقط تكن صادقاً
هل هناك طلبات للحدّ من عدم المساواة في المجتمع اليوم؟ نعم يوجد، وإنّ موضوع عدم المساواة أصبح أكثر أهمية في العالم، واكتسب المزيد من مساحة المناقشات العلمية والاجتماعية والسياسية، وحتى الروحية، بوجوب أن تتبع الحكومات والدول سياسة أخلاقية للحدّ من الفرق في الدخل بين الفقراء والأغنياء. فما هي عواقب الفقر، التي يعتقد أنّ لها التأثير الأكثر تدميراً والأطول أمداً على مستقبل الأطفال، الذين هم أكثر عرضة للمرض، ويواجهون صعوبات شرسة في العيش والأمن والتعلم والسلوك، ويتعلمون أقل من قدراتهم في المدرسة، وحتى الآمال والأحلام فيهم تحطّمت، وغالباً ما يكونون عاطلين عن العمل، مفتقدين لأبسط الحقوق والمزايا الاجتماعية؟.
إنّ الأطفال الذين يجدون أنفسهم في حالات الفقر المدقع، بسبب النزوح واللجوء وعدد من الظروف المعاكسة، أو الذين يعانون من ظروف مهينة، يعانون من الإقصاء الاجتماعي، ويتأثرون ويعانون من الفرص المحدودة في التعليم والعمالة والتنمية، بالإضافة إلى فقدان الحق في مستوى معيشة لائق، وانعدام لحقوق الإنسان الأخرى، ولذا فيمكن للفقر المدقع أن يحرم الطفل من الحق في التعليم والمعارف والأمن والترفيه والراحة، وحتى من المشاركة في الحياة الحقيقية. وإنّ العمليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي تؤدي إلى الفقر تكمل بعضها البعض، مما تزيد من تأثيرها على حياة الفقراء، ولهذا السبب قد يعاني الطفل الفقير من مضاعفات التمييز العنصري والحرمان، لذا يجب أن تتعامل الدول والحكومات مع مشكلة فقر الأطفال، وتضمن أن تصل إليهم الخدمات الاجتماعية البسيطة، كالتعليم والصحة والضمان الاجتماعي وتوفير المرافق، كالماء والكهرباء والنقل، كما أنّ للمنظمات المحلية دور تؤدّيه في مكافحة فقر الأطفال، عبر توفير المساعدة الفورية، في شكل الغذاء والملبس والأدوية والخدمات التعليمية، كما ويمكن أن تقدم على المشاركة، كل من المنظمات الحكومية وغير الحكومية، في بلورة وابتكار مشاريع للاطفال وعوائلهم، لتكون مدرة للدخل، ودعم المشاريع الصغيرة وتوفير فرص العمل وتقديم سبل التعليم التعويضي والدورات التدريبية الموفرة للمهارات العملية والمهنية.
إنّ توفير الغذاء والمأوى للفقراء يمثّل حلاً هاماً، ولكنه قصير الأمد، لذا تتطلب الأزمات ضرورة الحد من الفقر، على المدى الطويل، وفسح المجال لمشاركة الفقراء في عمليات صنع القرار، وتعزيز تنمية المناطق التي يعيشون فيها، وهدم أركان الفقر والاستبعاد الاجتماعي، والقضاء على التمييز على أساس الجنس أو العرق أو المركز المالي أو الاجتماعي. كما ويشكل تحفيز النمو الاقتصادي وتحسين أداء السوق لصالح الفقراء، وتحسين مهاراتهم، أمراً أساسياً، لأنّها عناصر أساسية في إستراتيجيات الحد من الفقر، لذلك يستوجب على الأفراد والمؤسسات، في كلاً من الدولة والقطاع المدني، أن يجتمعوا معاً لتنفيذ تلك الإستراتيجيات بنجاح. وبما أنّ فقر الأطفال والتهميش المتنامي يشكلان خطراً أمنياً، فيفترض ويستوجب بحكوماتنا ودولنا إصدار إستراتيجيات وخططاً موضوعية لمعالجة هذه الظواهر، بحيث لا تهدف فقط إلى تحسين تدابير الدعم، كالضمان الاجتماعي والرعاية الصحية ،والوصول إلى مؤسسات ما قبل المدرسة، إنما أيضًا لزيادة فرص الأسر والأطفال، أيضاً، بالوصول إلى التعليم الجيد لجميع الأطفال وتعليم الكبار، وبضرورة تعزيز مشاركة الأطفال في عملية صنع القرار، المتعلقة بتطوير المدن أو المناطق التي يعيشون فيها، إضافة إلى وجوب مكافحة العنصرية وأشكال التمييز المختلفة، كعنصر أساسي في إستراتيجيات الحدّ من الفقر.
ولضمان التنفيذ الفعال، للحق في الحماية من الفقر والاستبعاد الاجتماعي، فعلى الحكومات التعهد باتخاذ تدابير في إطار نهج موحد ومنسق، لتيسير الأشخاص الذين يعيشون في ظروف من القهر والبؤس الاجتماعي أو الفقر، أو على حافة هذه الظروف وأسرهم، للوصول إلى العمل والإسكان والتدريب المهني والتعليم والثقافة والرعاية الاجتماعية والطبية، ومراجعة تلك التدابير من أجل تكييفها مع الظروف المتغيرة. ومع أننا نعلم أنّه ليس كل الدول لديها الفرصة والوسائل لدعم النازحين واللاجئين وجميع العاطلين عن العمل والمرضى وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، وغيرهم من الناس الذين لا يستطيعون توفير مستوى معيشي لائق لأنفسهم، غير أنّ الدول والحكومات يجب ان تكون ملزمة بتقديم الدعم، مهما كان حجم قدراتها، وإنّ توفر الوسائل المالية والإرادة السياسية، لتنفيذ أحكام إستراتيجيات توفير وضمان حقوق الطفل، بشكل كامل، فلربما عبر هذا سنطمح أن لا يكون في العالم كله، بعد الآن، أطفال جائعون، وبلا مأوى وبلا ملبس وبلا تعليم وبلا طموح وكيان ووجود حقيقي.
ليفانت – د.ميثاق بيات ألضيفي
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!