-
برسائل التهنئة: هل تطور موقف الكويت تجاه النظام السوري
زلزال شمالي سوريا وجنوبي تركيا الذي وقع قبل نحو عام، أثر بشكل كبير على الساحة الدبلوماسية، حيث أصبح مفتاحًا أساسيًا لإعادة توجيه النظام السوري في الساحة العربية. تمثل إعادة الانضمام لجامعة الدول العربية برعاية سعودية مباشرة خطوة استراتيجية، تلتها إعادة تعزيز العلاقات مع إيران، الشريك الذي يتحكم مشتركًا مع روسيا في القرارات السياسية والأمنية والعسكرية في سوريا.
يسعى النظام السوري إلى جذب الدول العربية الجديدة، مثل الكويت، في محاولة لإعادة بناء العلاقات وتحقيق التطبيع. هذا يأتي بعد أكثر من عقد من الزمن على قطع العلاقات بين الكويت وسوريا بسبب الجرائم التي ارتكبها النظام ضد السوريين منذ عام 2011، دون حدوث أي تغيير في سياسته.
على الرغم من عدم تحقيق النظام السوري لأهدافه الاقتصادية المتعلقة بالعودة إلى الجامعة العربية، إذ انهارت الوضعية الاقتصادية، وتراجعت قيمة الليرة السورية أمام الدولار، يستمر في سعيه لإعادة بناء العلاقات مع الدول العربية، مما يمكن أن يكون مفتاحًا للتعويم الدولي.
تحاول السلطات السورية التقريب العربي على الرغم من استمرار تصدير الكبتاغون من مناطق سيطرتها بتنسيق مع إيران، وتوجيه هذه الشحنات إلى المملكة الأردنية ودول الخليج، بما في ذلك الكويت.
تأتي فشل لجنة الاتصال العربية في القاهرة، التي تم تشكيلها منذ آب الماضي، في تحقيق تقدم على ما يعرف بـ "الانفتاح العربي على دمشق"، حيث لم تتمكن من حل الملفات العالقة المتعلقة بعودة اللاجئين ووقف تهريب المخدرات والكبتاغون، والمشاركة في مسارات الحل السياسي.
يظهر أن النظام السوري يسعى إلى التقرب واستجداء التطبيع مع الكويت، حيث قام رئيس الوزراء السوري، حسين عرنوس، ووزير الخارجية، فيصل المقداد، بإرسال تهاني إلى نظرائهم الكويتيين بمناسبة توليهما المناصب الجديدة في الحكومة.
نشرت سفارة النظام السوري في الكويت تغريدتين منفصلتين على موقع "إكس" يوم الإثنين، حيث أعربت في الأولى عن تهنئة رئيس الوزراء السوري حسين عرنوس للشيخ محمد صباح السالم بتعيينه رئيساً لمجلس الوزراء في دولة الكويت. وفي التغريدة الثانية، قدم وزير الخارجية السوري فيصل المقداد التهاني لوزير الخارجية الكويتي عبد الله علي اليحيا بتعيينه وزيراً للخارجية.
أعرب المقداد عن تمنياته بالنجاح في مهامه الجديدة والتطلع للعمل المشترك لتعزيز العلاقات الوثيقة بين البلدين والشعبين.
على الرغم من تلقي وزير الخارجية الكويتي الجديد التهاني من عدة دول، إلا أن المواقع الرسمية لوزارة الخارجية الكويتية ومجلس رئاسة الوزراء لم تشير إلى أي رد رسمي على التهنئة السورية، ولم يتم نشر أي اتصال أو تفاعل رسمي من الجانب الكويتي.
في عام 2012، أصدر مجلس الأمة الكويتي بيانًا يعبر عن استنكاره للجرائم الإنسانية التي ارتكبها النظام السوري ضد شعبه، داعيًا في الوقت ذاته الحكومة إلى دعم الشعب السوري المنكوب. كما أعرب المجلس عن دعمه لانضمام الكويت إلى الدعوات التي تطالب بإحالة جرائم النظام البعثي السوري إلى محكمة الجنايات الدولية بما أنها تعتبر جرائم حرب.
في شباط من نفس العام، قامت الكويت بطرد سفير النظام السوري بعد اقتحام السفارة، وأغلقت سفارتها في دمشق، ووافق مجلس الجامعة العربية على وقف التعامل السياسي مع النظام السوري وفتح قنوات اتصال مع المعارضة السورية.
على مر السنوات اللاحقة، كانت الكويت من بين الدول الرائدة في دعم الشعب السوري من خلال جهود إغاثية وإنسانية، بما في ذلك حملات التبرع الشعبية والمنح الحكومية والمشاريع.
استضافت الكويت ثلاث مؤتمرات للمانحين بالتعاون مع الأمم المتحدة لدعم الوضع الإنساني في سوريا في الفترات (2013 - 2014 - 2015)، وشاركت بفاعلية في عدد من المؤتمرات الدولية الأخرى المتعلقة بدعم الوضع الإنساني.
كما قدمت الكويت، خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن (2018 - 2019)، مبادرات وقرارات متعددة تهدف إلى تخفيف معاناة الشعب السوري وتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية إليه.
وعلى الرغم من قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية مع النظام السوري، أبقت الكويت على حركة الطيران التجاري لخدمة نحو 170 ألف سوري يعيشون في البلاد.
اقرأ المزيد: تأكيد الدعم الأمريكي لتايوان بعد الانتخابات الرئاسية
في 12 فبراير 2023، أكد وزير الخارجية الكويتي آنذاك، الشيخ سالم العبد الله الصباح، بعد مرور أسبوع على وقوع زلزال، عدم وجود خطط للانضمام إلى الدول العربية الأخرى في إعادة التواصل مع رئيس النظام السوري، وفقًا لتصريح لوكالة "رويترز".
على الرغم من عدم متابعة الكويت للخطوات السياسية لإعادة التواصل مع النظام السوري، قامت بإعادة النظام إلى عضوية جامعة الدول العربية، مع الحفاظ على موقف ثابت يدعو إلى بناء الثقة من جانب النظام ودعم الجهود للتوصل إلى حل سياسي في سوريا.
في إطار هذا، أكد وزير الخارجية الكويتي حينها على الوحدة والأمانة الإقليمية لسوريا، ورفض التدخل الخارجي في شؤونها. وخلال اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق في جدة في 13 إبريل، شدد الوزير على ضرورة التوصل إلى حل سياسي يحافظ على وحدة وأمانة سوريا.
بعد الزلزال، استغل النظام وحلفاؤه أي زيارة رسمية إلى دمشق لالتقاط صور تظهر التواصل مع المسؤولين العرب بجانب بشار الأسد.
في هذا السياق، نشرت صحيفة القبس الكويتية في 18 إبريل 2023 خبرًا يفيد بأن وزير الخارجية الكويتي سيتوجه إلى دمشق في أول زيارة رسمية منذ بداية الثورة قبل 12 عامًا. وذكر المصدر الحكومي أن الزيارة تأتي في سياق الانفتاح العربي على عودة العلاقات مع النظام السوري والأجواء التصالحية في المنطقة.
مع ذلك، حذفت الصحيفة الخبر بعد فترة من نشره، دون توضيح. وأكدت وزارة الخارجية الكويتية عدم صحة الخبر وشددت على ضرورة التحري الدقيق في نقل الأخبار وتجنب الشائعات والمعلومات غير الصحيحة.
بعد مرور نحو 7 أشهر على عودة النظام السوري إلى عضوية الجامعة العربية، تحافظ الكويت على موقفها الرافض لإقامة أي علاقة مع النظام أو ممثليه. يتجلى ذلك في عدم رد رسمي من الكويت على رسائل التهنئة التي أرسلها النظام، متمثلة في خطوة تماشي مع موقفها الدبلوماسي.
وفي تصريحات خاصة لموقع "تلفزيون سوريا"، أكد مصدر دبلوماسي كويتي، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن لدى الكويت موقفاً مبدئياً من الأزمة السورية، وهو الموقف الرسمي للدولة، والذي يسعى إلى حل سياسي بموجب القرار 2254 برعاية أممية.
وأوضح المصدر أن الكويت قبلت عودة النظام السوري إلى الجامعة العربية استجابة لرغبة الدول العربية واحتراماً للإجماع العربي، ولكنها في الوقت نفسه لم تقم بإعادة تأسيس العلاقات مع النظام، مؤكدة على استقلاليتها في هذا الصدد.
وأكد المصدر أن النظام لم يتخذ أي مبادرات فعلية على أرض الواقع، مشيراً إلى عدم إطلاق سراح المعتقلين، وعدم المساهمة في عودة اللاجئين، واستمرار عمليات تهريب المخدرات، مما أدى إلى تجميد المبادرة العربية للتطبيع معه.
وأضاف المصدر أن الموقف الشعبي في الكويت يساند حكومتها ومواقفها الرسمية بما يتعلق بمبدأ إعادة العلاقات مع نظام بشار الأسد، ويركز على الجوانب الإنسانية التي تسهم في حل أزمته.
المصدر: تلفزيون سوريا
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!