الوضع المظلم
الجمعة ٠٨ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
الحاجات الإنسانية في سوريا اتفاقيات على ورق
79122254_2716929131684000_758686520931516416_n

بدأت الصور المتواترة من صفحات التواصل الاجتماعي تتحدث بنفسها عن مقدار الأزمة الكبيرة التي يعيشها المواطن السوري.. حيث لاكهرباء.. لا غاز.. لا تدفئة.. بذات الوقت تبرر إحدى المحطات التلفزيونية للسوريين، وتنقل عن مدير عام نقل الطاقة الكهربائية بأن أشجار الميلاد والزينة التي تملأ المحافظات هي السبب في انقطاع الكهرباء وكل شجرة تكفي لإنارة منزل واحد.


فإذا كان النظام غير قادر على سد حاجات الطاقة للبيوت فما الذي بدفعه إلى إنارة أشجار منتشرة بشكل ملفت في الشوارع وبطريقة اعتباطية، وكأن المقصود إظهار وجود أعياد في البلد كصورة تلميعية تخفي الجوع وطوابير الغاز والمواد الأساسية من الجمعيات التعاونية والخيرية، هذا بدون التطرّق إلى فرض وجود حفلات غنائية لا أساس لها وليس لها ضرورة في الشوارع، ودعوة الناس لحضورها مجاناً فقط لنشر بضع فيديوهات عن الحياة الطبيعية في سوريا.


 


إحدى الأديبات السوريات المعروفات في سورية رفضت الدعوة الموجهة لها بحضور مهرجان تكريمي للشعراء في دمشق وضمن فندق فاخر، لكنها طلبت منهم أن يطلبوا من رئيسهم ضمن السقف المحدد لها كي تبقى بأمان، وبرسالة نشرتها عبر صفحتها على الفيس بوك بدلاً من أن يقوموا بالصور التذكارية معه، وأن يطلبوا منه الغاز والكهرباء والتدفئة، مذيلة بشكل مقصود: "أمانة برقبتكم.. إذا بقالكم رقبة ها".



طابور غاز استمر لأسبوع في سلمية دون وصول الغاز للمدينة، أتعبها انقطاع كل سبل الحياة فيها حيث لا ماء ولا كهرباء ولا غاز، والناس تدبر أمورها عبر تحطيب الشجر للتدفئة والطبخ.


 


ماذا عن مستقبل الكهرباء في سورية؟

لايخفى على أحد حدوث تخريب في المحطات الكهربائية، لكن الفكرة راقت للنظام وباتت تساهم لاحقاً في التخريب وتنسب الموضوع لجهة ما لاتهامها بحرمان الشعب من الطاقة الكهربائية.


عدا عن النفط والفيول الذي كان يسد الجزء الأكبر من توليد الكهرباء السورية والتي باتت سورية لا تحصل إلا على قدر ضئيل منه، والباقي تقوم بشرائه واستهلاكه في مجال تحريك آليات أسلحتها أو تقوم روسيا وإيران يوضع يدها على طرق التوزيع، بما يضمن لهما الحصة الأكبر وترك القليل ليتدبر النظام توزيعه، وطبعاً يأتي الشعب في آخر أولوياتها لتعطيه ماتبقى من حصة الفيول.. لتصل الحصة إلى ساعتين في النهار كحد أقصى للخط الواحد.


وعن غاز التدفئة والطبخ يتاح لكل عائلة جرة كل شهرين بعد انتظار عدة ليالي على دور كبير للحصول عليها بالسعر الرسمي، بينما هو متوفر على الطرف الآخر من طابور الدور.. وبدون تعب أو إنتظار لكن بأضعاف مضاعفة، مما يؤكد أن النظام يبيع جزءاَ من الغاز والبنزين للسوق السوداء الخاصة بحاجات المواطنين.


ولن نتطرق إلى المواد الغذائية التي تضاعفت بعد ارتفاع الدولار والزيادة الخلبية للرواتب بمقدار ثلاثة أضعاف، لكن عند الهبوط الطفيف للدولار لم تنخفض الأسعار بتاتاً.


والملفت هو أن النظام أنفق مبالغ كبيرة جداً منذ سنوات في عقود واتفاقيات في مجال الطاقة والنفط:


- في أيلول 2017 تم توقيع اتفاق بقيمة 165 مليون يورو لتزويد حلب بالطاقة الكهربائية وذلك بعد انقطاع دام للكهرباء أربع ساعات، ليتمخض الاتفاق عن أربع أو خمس ساعات في حلب للبوم الواحد فقط.


- عام 2018 قام النظام بإبرام اتفاقات مع روسيا لتأهيل وتركيب محطات جديدة في حلب ودير الزور وحماه وحلب، والمحطة الحرارية في محرده، ومنطقة التيم في دير الزور، والمحطة الحرارية في حران العواميد بدمشق، مع عدم التصريح عن الكلفة المالية للمشروع.


- في ذات العام تم الاتفاق مع إيران على إنشاء محطة كهربائية بقيمة 411 مليون يورو على أن تكون المدة الزمنية لإنشائها عامين تقريباَ.


- في تشرين الثاني 2019 تم توقيع اتفاق آخر مع إيران لتأهيل محطة كهرباء حلب بقيمة 63 مليار ليرة سورية أي ما يعادل 93 مليون دولار أمريكي.


- في شباط لنفس العام تم توقيع عقد تفاهم لإيجاد ربط خط كهربائي ثلاثي بين سورية والعراق وإيران بدون الكشف عن التكلفة.


ولن نتطرق لعقود التنازل الضخمة لمرفأ طرطوس للروس واللاذقية للإيرانين، ومناجم الفوسفات للروس، ومطار اللاذقية ودمشق كذلك للروس، والتي مهما كانت حصة النظام منها ضئيلة إلا أنها أموال لايعرف حتى أين تُصرف ولأي جهات تؤول.


هذه الإتفاقيات التي نشرت عبر موقع سانا للأخبار وغيرها من الصفحات الخاصة بالنظام، لو كانت صحيحة، لكانت سورية الآن قادرة على تصدير الكهرباء للجوار، لكن يبدو أنها مجرد اتفاقيات تسدد إما بسندات خزينة أو ديون مؤجلة مما يجعل هذه المشاريع تأخذ وقتاً قد يصل لسنوات قبل البدء بتنفيذها،

أو إنها مجرد أخبار لاتمت للحقيقة بصلة ومجرد صورة مزيفة للشعب لإشغاله عن الإنهيار بوجود إعمار في البلد.


أمام كل هذه المبالغ من حق المواطن الذي يتابع نشرة الأخيار ويرى تلك المبالغ التي تنفق في هذه المشاريع؛ من حقه أن يحملق طويلاً في مؤشر البطارية التي تشغل له التلفاز وعدة ليدات، فيقوم بإطفاء تلفازه لتوفير ماتبقى من طاقة.


كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!