-
اتفاق ترسيم الحدود البحرية.. هل كٌسرت شوكة حزب الله؟!
ليفانت – مرهف دويدري
إجراءات التنقيب عن النفط شرقي البحر المتوسط قطعت أشواطاً في كل من قبرص وإسرائيل، في حين يغرق لبنان في سجال ترسيم الحدود، حيث تكمن المشكلة في أن المنطقة النفطية واقعة بين لبنان وقبرص وإسرائيل، وبينما يمكن لبيروت التفاوض مع قبرص لترسيم الحدود لا تقبل التفاوض مع إسرائيل على اعتبار حالة العداء بين الطرفين، والإشكالية التي يجري الحديث عنها هي خمسة كيلومترات واقعة بين الدول المتجاورة وهي لبنان وقبرص وإسرائيل، وسببها أن لبنان يرفض المفاوضات مع إسرائيل، بينما وقعت اتفاقية مع قبرص.
بدأ البحث في اتفاقية بين لبنان وقبرص حول الحدود المائية في عام 2006 خلال حكومة الرئيس فؤاد السنيورة. غير أن المباحثات تعطلت بعد تسلم وزارة الطاقة والمياه بالوكالة من الوزير محمد فنيش المنتمي لحزب الله اللبناني التابع للإيران، عقب انسحاب الأخير من الحكومة لخلاف على إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
وفيما يبدو أن المبادرة الأمريكية نجحت في الوصول لإنهاء مسألة ترسيم الحدود، يعني أن إيران وحزب الله اختارا التفاوض، في حين فشلت المبادرة الفرنسية في الوصول إلى حكومة كفاءات دون أحزاب لانقاذ لبنان من الانهيار الاقتصادي، غير أن مراقبون يشككلون أن زيارات الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، للبنان كانت من أجل التسريع بتشكيل حكومة لبنانية، ويعتقدون أنها ربما جرى استغلال هذه المسألة كتغطية للضغط على الكتل السياسية اللبنانية، ورئاسة الجمهورية للقبول بهذا الاتفاق الأمريكي، وقبل الانتخابات الأمريكية، وأن هناك تنسيقاً بين فرنسا وأمريكا في هذا المضمار.
ولعل الأمور تجري في صالح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في لعبة عضّ الأصابع الدائرة بين واشنطن وطهران، وقرار إيران وأذرعها بعدم الإسهام بمنح المرشح ترامب هدايا انتخابية قبل الاستحقاق الرئاسي، يمكن أن يوظفها لصالحه أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن، إلا أن انتصاراً جديداً للدبلوماسية الأمريكية، بدا يلوح في الأفق إعلان لبنان بدء التفاوض مع إسرائيل على ترسيم الحدود البحرية.
بشكل مفاجئ.. نبيه برّي يعلن عن اتفاق لترسيم الحدود
في وقت كانت معركة تأليف الحكومة اللبنانية بين الفرقاء اللبنانيين، أعلن رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أن “المحادثات مع الأميركيين في ملف ترسيم الحدود الجنوبية أصبحت في خواتيمها”، ما دفع بعض وسائل الإعلام إلى استنتاج خاطئ بأن المفاوضات حول ترسيم الحدود اقتربت من نهايتها، في وقت كان ما يلمح إليه بري في حينه هو المحادثات التي كانت جارية منذ عام 2018 مع الجانب الأميركي حول آلية التفاوض مع إسرائيل التي ترسم إطار وشروط هذا التفاوض، أي شكله ومنهجيته ودور الفريقين الأميركي والدولي وشروط إنجاحه.
يصرّ بري على التزام الجانبين بترابط المفاوضات على الحدود البرية والبحرية، بحيث إذا فشلت إحداها يصبح الاتفاق على الثانية باطلاً، ويعود هذا الربط إلى أن بري وفريقه يعتبران أن رسم خط الحدود البحري مرهون بالطريقة القانونية والتوبوغرافية لربط رسم الخط البحري بآخر نقطة للحدود البرية في منطقة الناقورة القريبة من الشاطئ، والتي يدور خلاف جوهري حولها بين الجانبين.
وينتظر أن تتشكل لجنتان للتفاوض، واحدة ثلاثية تتعلق بالحدود البرية تضم الجانبين اللبناني والإسرائيلي مع الأمم المتحدة، والثانية للحدود البحرية رباعية، تضم إلى محللين من الجانبين والأمم المتحدة، الجانب الأميركي.
إيران وحزب الله… هل يفشلان اتفاق ترسيم الحدود؟
الأهمية المباشرة للتفاوض بشأن الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، المتعلقة بالحدود البرية، والتي تأمل واشنطن أن يؤدي ترسيمها إلى نزع ذريعة حزب الله للاحتفاظ بسلاحه وصواريخه في لبنان، بحجة أن إسرائيل تحتل أراضي لبنانية وتخرق الحدود الدولية، فضلاً عن تعديها على حقوق لبنان في الثروة الغازية والنفطية في البحر. ويتجنب إطار التفاوض البت بمسألة مزارع شبعا المحتلة وتلال كفر شوبا التي تقع عند الحدود الشرقية ومثلث تلاقي الحدود اللبنانية – الإسرائيلية – السورية، بين منطقة الجليل الأعلى في فلسطين المحتلة، والجولان السوري المحتل، ومنطقة العرقوب الجنوبية في لبنان. وهي أراضٍ احتلتها إسرائيل في عام 1967 عند احتلالها الجولان وكانت القوات السورية موجودة فيها، بينما يملك أراضيها لبنانيون، ورفضت دمشق تقديم تنازل رسمي عنها للبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوبه في عام 2000، فجرى ترسيم الخط الأزرق للانسحاب من قبل الأمم المتحدة من دون احتسابها على أنها أرض لبنانية، إلا أن “حزب الله” أصر على أنها لبنانية، وبالتالي تبرر استمرار “المقاومة” لتحريرها.
فيما توقعت مصادر عسكرية إسرائيلية، أن تشهد الفترة المقبلة مطالب وضغوطًا إيرانية على ميليشيا حزب الله اللبنانية من أجل بذل مزيدٍ من الجهد لإشعال الموقف في لبنان، في محاولة لمنعها من التوصل لاتفاق على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، حيث نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية عن مصادر إسرائيلية تأكيدها أنَّ فرص التوصل إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية والبرية أيضًا، كبيرة للغاية، خاصة أنَّ نقاط الخلاف بين الطرفين محدودة للغاية ويمكن تجاوزها بسهولة، وقالت المصادر، إنَّ إسرائيل تتوقع أن تقوم إيران باتباع سياستها التقليدية في إشعال المزيد من الحرائق في لبنان حتى تًفشل أي اتفاق مرتقب بين الحكومتين اللبنانية وإلإسرائيلية على ترسيم الحدود البحرية، وبالتالي تبقى إيران صاحبة الكلمة العليا في لبنان في ظل ضعف الحكومة اللبنانية وعدم توافر الموارد اللازمة لانتشال البلد من دوامة الفوضى التي صنعتها إيران.
لماذا يرفض النظام السوري ترسيم الحدود مع لبنان؟
بالمقابل تمتنع دمشق حتى الساعة عن ترسيم الحدود المشتركة بين سوريا ولبنان، حيث أن الاجتماعات الوحيدة التي عُقدت إبان تولي سعد الحريري رئاسة الحكومة وقبل أن تقرر “قوى 8 آذار” المتحالفة مع “التيار الوطني الحر” الإطاحة بحكومته بالتزامن مع اجتماعه بالرئيس الأميركي باراك أوباما في البيت الأبيض اقتصرت على اجتماعين، الأول بين محافظ الشمال ونظيره السوري محافظ طرطوس، والثاني بين محافظ البقاع ونظيره السوري محافظ حمص.
تصرّ على الاحتفاظ بورقة مزارع شبعا، وترفض التنازل عنها في الأساس لإلحاقها بالقرارات الدولية الخاصة بلبنان، وهذا يتطلب منها التوصل إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية يصار إلى تسجيله لدى الأمم المتحدة، لإخراج المزارع من القرارين 242 و338 وضمها قانونياً إلى لبنان، خصوصاً أن ملكية أراضيها لبنانية وإنما خاضعة للسيادة السورية، وهكذا تتوخى دمشق من خلال عدم إقرارها في الأساس، وليس في الشكل، بلبنانية المزارع بأن تحجز لنفسها مقعداً لتوظيفه في مفاوضاتها مع إسرائيل في حال تقرر معاودتها بغطاء دولي.
وكانت حجّة النظام السوري وقتها، والذي كان يمثّله وزير الخارجية وليد المعلم، في مطالبته بترحيل البحث في ملف ترسيم الحدود، بأن دمشق منشغلة حالياً بترسيم الحدود السورية – الأردنية، وأن عامل الوقت لا يسمح للجنة اللبنانية – السورية، بأن تجتمع، إضافة إلى أن المعلم اقترح عدم شمول مزارع شبعا بعملية الترسيم.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!