-
إدلب تحت نار أستانة الأمريكي
ما يقارب المليون مهجّر عن ديارهم في إدلب، باتوا في العراء في ظل ظروف مأساوية. عدا عن عشرات المجازر التي طالت المدنيين جراء القصف الروسي الأسدي. الأمم المتحدة تتبجح أن الفيتو الروسي- الصيني يمنعها من إيصال المساعدات إلى المهجرين. محاصرون بين الحدود التركية المغلقة وبين القصف الروسي الأسدي، وجحافل إيران التي تنتشر في المنطقة.
لم يعد بالنسبة لنا كسوريين، الحديث عن مأساتنا وأرقام ضحايانا جراء هذه الهمجية المدعومة دولياً، لم يعد حديثاً مفيداً. حيث من المفترض ألا نتحدث عن ضحايانا. لا يريدوا سماع هذه التفاصيل. لأنها إضاعة للوقت من جهة، ومن جهة أخرى قواتهم الاستخباراتية والإعلامية. تعرف أدق التفاصيل عن الهولوكوست السوري. تعرف من يقف وراء هذه الوحشية. لأنهم جزء منها. أتحدث عن مؤسسات صناعة القرار والرأي العام في الدول" المتقدمة" وعلى رأسها أمريكا.
صرخات أطفالنا في هذا البرد القارص لا تعني لهم شيئاَ. من يقود هذه الوحشية الآن هم أطراف اتفاق آستانة. ذاك الاتفاق السيء الذكر. حيث تم هذا الاتفاق بين روسيا وإيران وتركيا. وغض طرف أمريكي كالعادة. محادثات جرت بين ممثلي العصابة الأسدية وعدد من قادة فصائل المعارضة السورية، المنضوية تركياً. برعاية روسية وتركيا وذلك في العاصمة الكازاخستانية "أستانة" في 23 و24 يناير 2017. ممثلي دول روسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستور. هم من حضّروا هذا الاتفاق. وضمن تنفيذه لاحقاً بوتين وأردوغان وخامنئي. هذه الأطراف الضامنة لتنفيذ الاتفاق. هي أطراف محتلة لسوريا. ومن يشرف عليها أيضاً محتل لسورية. أقصد أمريكا. الأمم المتحدة تعطي إحداثيات المشافي الميدانية للروس. فيقصفها الروس. تحقيقيات النيويورك تايم.
الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما الذي أسس لهذا الهولوكوست. كان يرفض الحديث عن تفصيل له علاقة بضحايا هذا العدوان من المدنيين الذين يقتلهم الأسد. جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. قبل عدة أشهر تم إقرار قانون قيصر لمحاسبة مرتكبي الجرائم في سوريا. لكنه بعد أن خرج منتصراً على الحزب الديمقراطي الذي أراد خلعه في مجلس الشيوخ. أول قرار اتخذه هو تجميد العمل بقانون قيصر لمدة ثلاثة أشهر. كما تسرب عن هذه الإدارة.
هذا التجميد يدل على أن هنالك تشاوراً مع قادة آستانة أو تفاوضاً، أو ربما اقتراحاً إسرائيلياً. لأن الموقف الإسرائيلي بات معروفاً للقاصي والداني. أنه حجر الأساس في السياسة الأمريكية تجاه سوريا. بقاء القتل الأسدي. إعفاء روسيا وإيران وتركيا والأسد من أية محاسبة.
اتفاق آستانة كان اتفاقاً أمريكياً بالدرجة الأولى. هذا الاتفاق الذي استخدمه الروس بطريقة أقتل وهجر ثم طالب. بدأت هذه السياسة البوتينة منذ سقوط حلب عام 2015. هذه السياسة كانت تحتاج إلى اتفاق يضمنها. في السابق كان أوباما ضامناً لها. ووزير خارجيته جون كيري عراباً لها أيضاً منذ اتفاق فيينا المشهور 2015. اتفاق آستانة يظهر لدى بعض المهتمين أنه بالضد من السياسة الأمريكية. هذا خطأ فادح وفادح جداً. أمريكا حتى اللحظة هي التي ترعى كل هؤلاء المحتلين جميعاً. فوق ذلك تحولت هي إلى محتل لثلث سوريا. أعطت لأطراف آستانة أن يتصرفوا بما تبقى من سوريا. استمر الروس والإيرانيون والأسد بقتل وتهجير المدنيين. واستطاع أردوغان أن يحتل عفرين ورأس العين وتل أبيض. أمريكا تبارك كل من يقتل المدنيين السوريين. تتجاور مع قوات الأسد الأمنية في الجزيرة السورية والروسية أيضاً.
ما يحدث في إدلب من اقتلاع للسوريين، يتم بإشراف أمريكي وتنفيذ ضامني آستانة. كلها تحتل بلدنا. تقرر نيابة عن السوريين. لكن هذه تعتبر مسائل إجرائية!! القصة أن الهولوكوست سيستمر للنهاية وعنوانه "المهجرون لن يعودوا إلى ديارهم". هذا الشعار سيستمر بإشراف الأمم المتحدة وبرامج التوطين. 12 مليون سوري هجروا بإشراف أمريكي ورعاية أممية. من هجروا من كل المناطق لن يعودوا إلى ديارهم.
ليس الغاية تغييرات ديمغرافية! كما يحلو لبعض المحللين. بل الغاية إفراغ تلك المناطق من سكانها. إنهاء القاعدة السكانية لأي احتمال مستقبلي أن تثور مجدداً ضد الأسد. من جهة أخرى الآن المناطق الكردية مثلاً. من نزح من عفرين إلى مناطق السيطرة الأمريكية وحزب العمال الكردستاني. هؤلاء لن يعودوا. وبقية الكرد هناك ينتظرون القرار الأمريكي عن مستقبلهم. على الأقل هنالك بصيص أمل لهم ألا يعودوا لحضن الأسد. أما مهجري بقية المناطق أمريكا لن تعيدهم إلى ديارهم أبداً. يجب أن يكتمل القرار الأمريكي بالهولوكوست السوري حتى النهاية المرعبة.
هذه هي صفقة القرن الحقيقية وليس ما طرح حول فلسطين. ما طرح حول فلسطين عبارة عن موقف ترامب الشخصي "إنه يخرج واقع الحال في نص فقط". الهولوكوست السوري هو صفقة القرن. حتى لو تغير الموقف الأمريكي وهذا احتمال وارد، لكنه يتغير بناء على معطى المذبحة- الإبادة التي تمت بحق السوريين.
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!