الوضع المظلم
السبت ١٨ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
  • ولي العهد السعودي في جولة خليجية.. هل إيران ضمن محاورها؟

ولي العهد السعودي في جولة خليجية.. هل إيران ضمن محاورها؟
محمد بن سلمان في الإمارات (أ ف ب)
شرع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في جولة بدول الخليج العربي، يوم الاثنين الماضي، مضيفاً بذلك جرعة دبلوماسية، لحل التوترات في المنطقة ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتوقيع اتفاقيات اقتصادية ومذكرات تفاهم مع دول الجوار الخليجي.

وتأتي هذه الجولة قبل فترة من القمة الخليجية الثانية والأربعين بالرياض، تحديداً في 14 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وكانت وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ" قد نقلت، في وقتٍ سابق، أنّ جولة ولي العهد السعودي تشمل كل من سلطنة عمان والبحرين وقطر بالإضافة إلى الإمارات والكويت.

ونقلت الوكالة عن مصادر في الرياض، لم تسمها، قولها إنَّ الزيارة "تركز على تعزيز التعاون والتنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي في جميع المجالات والقضايا التي تهم المنطقة، وإنَّ من أبرز الموضوعات على جدول أعمال الجولة مناقشة الملف النووي والصاروخي الإيراني بكل أبعاده، ومما يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".

ويرى الأكاديمي السعودي "إياد الرفاعي“، وهو باحث ومحاضر في العلاقات الدولية في جامعتي لنكاستر البريطانية والملك عبد العزيز السعودية؛ أنَّ «زيارة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، استكمالاً للمجهودات المبذولة منذ بداية العام 2021 الذي شهد في أشهره الأولى انعقاداً لقمة العلا التي أعادت العلاقات إلى طبيعتها بين قطر والرباعي العربي، وأكمل حديثه: يجب فهم هذه الزيارة على أنها استكمال لمرحلة رأب الصدع وتأسيس لمرحلة الشراكة الحقيقية التي تقود لوحدة الأهداف الاستراتيجية بين دول الخليج العربي».

وأكد في حديثه لـ"ليفانت نيوز"، أنّه «من المهم الإدراك أيضاً، بأن هذه التحركات والنشاطات الملحوظة للدبلوماسية السعودية لا تأتي بمعزل عن أدوار المملكة الإقليمية الأخرى في مواجهة التحديات، والتي ترتكز أهميتها في مواجهة التمدد الإيراني بالمنطقة وإعادة الشرق الأوسط لمرحلة الاستقرار السياسي».

وأضاف الرفاعي أنَّ «هذه الخطوات تصب جميعها في هدفٍ واحد، وهو تحقيق رؤية المملكة 2030، التي تهدف للارتقاء بالإنسان السعودي والشرق أوسطي، ولتحقيق هذه الرؤية لا يمكن التنازل عن السلم الاجتماعي والتنمية المستدامة لدول المنطقة، ولذلك فإن التقارب الخليجي هو أول وأهم الخطوات نحو تحقيق التكامل الإقليمي».

اتفاقيات اقتصادية بعشرات المليارات

وكان ولي العهد السعودي، قد استهلّ جولته بزيارة للعاصمة العمانية، مسقط، التقى خلالها السلطان هيثم بن طارق، ووقع الجانبان، السعودي والعماني، 13اتفاقية اقتصادية ومذكرة تفاهم تزيد قيمتها على 30 مليار دولار (112.5 مليار ريال سعودي)، بحسب بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية.

كما شهدت زيارة بن سلمان، افتتاح الطريق البري بين السعودية وعُمان، والبالغ طوله 680 كم، والذي سيسهم في نقل البضائع السعودية إلى الموانئ العمانية، ثم إلى دول العالم.



لكن المحطة الأبرز والتي حازت على اهتمام وسائل الإعلام العربي، تلك التي زار فيها الأمير السعودي الدوحة والتقى فيها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، بعد قطيعة استمرت نحو ثلاثة أعوام ونصف، إثر الأزمة الخليجية عام 2017.

وتزامنت زيارة بن سلمان مع وصول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة القطرية، إلا أنَّ الزعيمين، السعودي والتركي، لم يلتقيا. أعقب ذلك؛ توضيح وزير الخارجية القطري، يوم الاثنين الفائت، حين قال إنَّ "توقيت زيارة الأمير السعودي والرئيس التركي كانت محضَ صدفة".

الكاتب والمحلل السياسي السعودي” سليمان العقيلي“، قال في حديث لـ "ليفانت نيوز" إنَّ «سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، يسعى عبر جولته الخليجية إلى تعزيز القدرات الذاتية الخليجية وتوحيد الرؤية الاستراتيجية في مجلس التعاون من خلال استكمال المشروع الخليجي الاقتصادي، وإنجاز السوق المشتركة، والمشروع العسكري للجيش الموحد وفق مقاربات سياسية وأمنية خليجية».
ويرى الكاتب السعودي، أنَّ «المملكة السعودية ترتكز أولوياتها في الاعتماد على الذات، ولا سيما بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، وسحب الولايات المتحدة الأمريكية بعض أنظمة الدفاع الجوي من المنطقة ونزوع إدارة بادين بالتركيز على جنوب شرق آسيا».

احتفاء وترحيب كبيران

وتعكس مظاهر الاحتفاء والترحيب بزيارة ولي العهد السعودي إلى دولة الإمارات، قوة ومتانة العلاقات بين البلدين، ومدى الأهمية التي ستضيفها الزيارة في توطيد العلاقة بين الجانبين نظراً لدورهما الريادي في المنطقة، وتركيزهما على التحديث الاقتصادي وتنفيذ الخطط والاستراتيجيات الكبرى للتنمية والاستقرار ومواجهة التحديات التي تعترض مسيرتهما. الأمر الذي ينطبق أيضاً على استقباله في مملكة البحرين، من حيث الحفاوة والتكريم، وقوة العلاقات التي أظهرها بن سلمان لحظة وصوله المنامة بطبع قبلة على جبين الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة.

الجمهورية الإسلامية التوسعيّة

وبما لا يدع مجالاً للشك، إنَّ أحد جوانب جولة بن سلمان، تتعلّق بالملف النووي الإيراني والمباحثات التي تجري في فيينا بين الدول الخمسة زائد واحد مع إيران (الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وألمانيا)، والتطورات الأخيرة في كل من سوريا ولبنان واليمن، إضافة إلى الانتخابات العراقية، وتُعتبر جميعها ملفات مرتبطة بسلوك إيران في المنطقة.

وبطبيعة الحال، فإن العودة إلى الاتفاق النووي بين القوى العالمية وإيران، إذا حدث أو لم يحدث، لن يقضي على التوترات بين إيران ودول الخليج العربي، وخاصةً المملكة العربية السعودية، ثم الإمارات العربية المتحدة. عدا عن زعزعتها لاستقرار الكويت من خلال دسّ خلايا مذهبية مدفوعة من حزب الله اللبناني، وتقديم الدعم لمعارضين في البحرين.

وعلى النقيض مما ذُكر، تخلّت الإمارات عن التزامها الصارم بالخط المناهض لإيران من خلال إرسال مسؤولين أمنيين كبار إلى طهران للبحث عن سبل للحد من التوترات، لكن المملكة العربية السعودية أبقت على رسائلها، بل وضاعفت انتقادها لإيران باعتبارها تهديداً لأمن المملكة القومي والإقليمي.

وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإنّ دول الخليج لا تسعى إلى مواجهة عسكرية مع طهران، لكنها تخشى أنه حتى لو وافقت القوى العالمية على اتفاق، فإنّ دعم إيران للفصائل الإقليمية المسلحة في جميع أنحاء المنطقة ونشرها للطائرات المسيّرة Drones والصواريخ البالستية ستواصل تعريض أمنها للخطر.

تجسيداً لعمق العلاقات والروابط الخليجية

وفي اتصال "ليفانت نيوز" مع المحلل السياسي والاستراتيجي الكويتي "مساعد المغنم "، أكد أنَّ «زيارة ولي العهد السعودي، تعكس رغبة حكومات الخليج بإنهاء الخلافات، ولا سيما بعد قمة العلا والحراك الدبلوماسي المحموم لإيجاد أطر للتعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي وتماسك البيت الواحد في ظل المتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية».

منوّهاً إلى أنَّ هذا النوع من الحراك، «لابد أنّ يلقي بظلاله على عمق العلاقات والروابط التي تجمع شعوب وقيادات المنطقة، وتأتي جولة الأمير بن سلمان؛ تجسيداً لمسيرة دولة الكويت في تطويق الخلافات التي حدثت في السابق، حيث كانت الوساطة الكويتية نقطة البداية لإنهاء الخصومة الخليجية مرتكزة على رغبة ووعي القيادات السياسية الخليجية بدعم المبادرة الكويتية».

وقال المغنم، إنَّ «إضفاء لقب لـ "قمة العلا" باسم السلطان قابوس والشيخ صباح الأحمد، جاء بعد الدور الذي قدماه في الوساطة لحل الخلافات في البيت الواحد، والتطلع إلى التنمية والتطوير، مما ينعكس إيجاباً على شعوب المنطقة».

ويختتم ولي العهد السعودي جولته الخليجية بزيارة إلى دولة الكويت، قبل أنّ يعود ويلتقي بملوك وشيوخ وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي بعد أيام قليلة في القمة الخليجية الثانية والأربعين في العاصمة السعودية الرياض.

درويش خليفة
ليفانت - درويش خليفة

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!