الوضع المظلم
الثلاثاء ٠٥ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
هنا السويداء.. هنا سوريا
سالم المعروفي

كثيرةٌ هي المؤشرات على عودة سيناريو 2011 ولكن هذه المرّة من وفي السويداء. فقد ميزت أجواء الحماسة والاحتقان لدى غالبية الأهالي تظاهرة يوم الجمعة، والتي أطلقوا عليها اسم (لقاء الأهل بالأهل)، لما لها من دلالات على نبذ التفرقة والانقسام، ليس في السويداء فحسب، بل في عموم سوريا.

فرغم التعزيزات الأمنية الكبيرة التي وصلت للمحافظة، خرج المتظاهرون على موعدهم وتصدّرت لافتة كُتب عليها (هنا السويداء.. هنا سوريا) مشهد المظاهرات لتدعم هدف الحراك الجديد، مسبوقةً ببيان يؤكد على وحدة السوريين وحقّهم بالعيش بدولة مدنية عادلة، ودعوة الأهالي في السويداء لبقية المحافظات السورية للمشاركة، وتحيّتها في المظاهرات.

وكما أكّد الناشطون على تجاوز مطلب رغيف الخبز إلى العيش بكرامة لكل السوريين، ومنع سياسة التهجير، وتضامنهم مع اعتقال الصحفي كنان وقّاف، ابن الساحل السوري، وضد اختطاف الطفل محمد قطيفان في درعا، وصولاً للمطالبة بانتقال سياسي وتطبيق القرار الأممي 2254.

كل هذه الإشارات وصلت لجهة النظام وتصدّرت تريندات المواقع الإخبارية في العالم، وسط حملة تضامن واسعة مع الحراك السلمي في السويداء.

أمّا المؤشر البارز، الأمس، كان استقدام التعزيزات العسكرية إلى المحافظة وسط عودة التعليقات الساخرة بأنّ طريق القدس ليس من السويداء، وأنّ المطالبين والمحتجين ليسوا عملاء لإسرائيل، كما صرّحت بثينة شعبان، ولم ينتفضوا -كما قال المحافظ نمير مخلوف- من أجل رفع الدعم عن فئات من الشعب وفقط. ومع هذا لم يحدث صدام مباشر للحظته مع المتظاهرين.

السويداء \ ليفانت نيوز

كما تساءل الناشطون أين هذه التعزيزات منذ سبع سنوات مرّت وهم يطالبون السلطة بوضع حدّ لعصابات الخطف والقتل والتهريب؟

والمؤشر الأهم هو انتشار هذه التعزيزات في الساحات وحول مبنى المحافظة والأفرع الأمنية، مما دعا الناشطين إلى نقل وقفتهم إلى مقام عين الزمان لرمزيّته الدينية الجامعة للمحافظة، وهذا ما يريده النظام بصبغ الحراك بصبغة طائفية دينية مستغلين رفع علم طائفة الموحدين الدروز، وروّج لذلك عبر صفحاته الموالية، مستعيناً بصور قديمة لفصائل محلية مسلحة في مواجهتها لداعش. كما روّج في العام 2011 بأنّ المظاهرات تخرج من الجوامع لمرجعيتها الدينية ووصفها بالإرهاب. وهذا ما اتفق مع حجّة بعض الناشطين على الحراك الشعبي في السويداء، ليوضح بعض قادة التظاهر أنهم حاولوا الابتعاد عن التجاذبات والانقسامات بين علم النظام وعلم الثورة وأعلام المحتلين الأجانب، في إشارةٍ معلنة لمحاولة العودة لجامع سوري مشترك، حيث يمثل هذا البيرق مرجعية جامعة قديمة تعود لأيام الثورة العربية الكبرى، ومعارك الجبل أمام المحتل الفرنسي، حينما كان شعار "الدين لله والوطن للجميع" ورايته كانت الجامع الذي حمله السلف، كما رددها الناشطون وقالها سلطان الأطرش. مطالبين اليوم وعلى لسان بعض رجال الدين بدولة مدنية ديمقراطية لجميع السوريين.

يبقى أن الحراك مستمرٌ، كما يؤكد الناشطون، بينما النظام مستمرٌّ بتكرار أساليبه ذاتها، وهو في معضلة هذه المرة، اذ لا طالما تحجج بحماية الأقليات ومحاربة الإرهاب، ولكنه اليوم ليس بإمكانه اتهام أبناء السويداء بتهمة الإرهاب. فهل ينجح المحتجون بفرض إرادتهم وتتوسع الدائرة لتشمل باقي المحافظات، أم أنّ النظام سيتجاوز الخطوط والتحفظات ويبطش بالسويداء مثل ما فعل بباقي المحافظات حينما قالت له لا وخرجت عن إرادته؟

ليفانت - سالم المعروفي

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!