-
هل يتعلم البشر من مآسيهم؟
رسم تقرير وضعه عدد من الخبراء في وكالة الاستخبارات الأميركية صورة قاتمة لمستقبل بشري حالك، بأنّ جائحة «كورونا» هزّت الفرضيات القائمة منذ فترة طويلة حول مرونة العالم وقدرته على التكيّف، وخلقت شكوكاً عميقة حول أمورنا المتعطلة، بما يتجاوز الإطار الصحي للإنسانية جمعاء، أثرت كُلياً على اقتصاديات مُنهارة ذات مخاطر عمقت التفاوت الاقتصادي، ولها آثار غير ظاهرة بالكامل حتى الآن، لدرجة أنّها استنزفت الموارد الحكومية.
وأجّجت المشاعر القومية، بعد تغيير السلوكيات، والآثار النفسية الناجمة عن فترات الإغلاق الطويلة وتعطل الحياة الطبيعية، حتى إنّها بدلاً من تقريب الدول والتعاون الدولي المطلوب بإلحاح كبير بين بعضها في مواجهة الجائحة، أججت النزاعات وروح العداء بعد الفجوة الهائلة الجديدة التي ظهرت بين الدول الغنية والفقيرة نتيجة السباق العالمي للحصول على اللقاحات، والدليل على ذلك، هذه التوقعات أو الخلاصات المقلقة، لا بل الخطيرة، في متن تقرير بعنوان «الاتجاهات العالمية»، الصادر عن مجلس الاستخبارات الوطني الأميركي، بما يُشكّل العالم خلال العقدين المقبلين، لكن المثير للحذر العميق أن يتحدّث التقرير عمّا وصفه بأنّه "الاضطراب العالمي والفردي الأكثر أهمية منذ الحرب العالمية الثانية، الذي تصحبه تداعيات صحية واقتصادية وسياسية وأمنية ستستمر للسنوات المقبلة".
وحذّر التقرير من أنّ التنافس المتزايد بين الدول، التي ضعفت الثقة بينها وبين الحكومات والمؤسسات، وهو ما يزيد من مخاطر محتملة على الأمن الاقتصادي والعسكري. وقد كان غوتيريش يتحدّث أمام مُنتدي تمويل التنمية في الأمم المتحدة، واعترف بأنّ "دعم الاستجابة العالمية المنصفة والانتعاش الاقتصادي في مواجهة الجائحة هو اختبار للتعددية المتعاونة، وهذا اختبار فشلنا فيه حتى الآن، لعدم إغاثة المليارات، ولأنّ الوباء تسبب حتى الآن في أكثر من ثلاثة ملايين وفاة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2019، وتسببت في أسوأ ركود اقتصادي منذ 90 عاماً، وأعادت 120 مليون شخص إلى الفقر المدقع، بينما فقد العالم أكثر من 255 مليون وظيفة، وكل هذه العوامل يمكن أن تساعدنا في فهم خلفيات التقرير المهم للاستخبارات الأميركية وتوقعاتها السوداء لمستقبل العالم".
ووافقت الرأي رئيسة الفريق التقني المعنيّ بمكافحة وباء «كورونا»، ماريا فان خيركوف، في مؤتمر صحافي، بأنّ العالم يشهد حالياً مرحلة حرجة للوباء، وأعطت أرقاماً مخيفة بأنّ عدد الإصابات ارتفع في أسبوع بمعدل 9%، بينما ارتفعت نسبة الوفيات بمعدل 5% نهاية يناير الماضي.
واختتم بما طُرحته منظمة «أوكسفام» غير الحكومية، على هامش «حوار دافوس» للمنتدى الاقتصادي العالمي، بسؤال: ماذا لو تبرّع 10 مليارديرات فقط بما كسبوه في عام «كورونا»؟ وهو في عام واحد قد وصل540 مليار دولار، وإنّ إجمالي ثروات مليارديرات العالم يعادل مجموع ما أنفقته حكومات «مجموعة العشرين» على الوباء، ويستدعي فرض ضرائب على فاحشي الثراء، ليبقى السؤال الأعمق: ماذا سيجنون بأموالهم إذا ماتوا بالوباء؟ فهل يتعلم البشر من مآسيهم؟.
ليفانت - شامان حامد
العلامات
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!