-
هل من مزيد ! تعليق على الحروب الترامبية
هل من مزيد !
تعليق على الحروب الترامبية
_____
جوابان على سؤال أحد الأصدقاء عن إمكانية اندلاع الحرب بين أمريكا وايران، الأول بتاريخ 17/5/2019 ، بعد إصابة ناقلتي نفط في الفجيرة بالالغام واتهام إيران بهذه العملية ، والثاني ،في 2019/6/21 (اليوم)، بمناسبة إسقاط إيران بالأمس لطائرة تجسس أمريكية ، مع الإدعاء الأمريكي، الجمهوري _الديمقراطي ، بأنها أسقطت في المياه الدولية ، وتغريدة الرئيس الأميركي بأنه بعد أن كان قد أصدر امره بقصف ثلاثة مواقع إيرانية ، فقد أصدر، قبل عشر دقائق من الموعد المحدد للتنفيذ، أمرا يلغي الأمر السابق بالقصف ، فقط بسبب"عدم تناسب عدد الضحايا الإيرانيين المتوقع مع عدد الضحايا الأمريكيين ، (وهو صفر هنا)!!!
الجواب الأول ( 17/5/2019) :
الوضع مفتوح على كل الاحتمالات لدى كل من الطّرفين، وهي تتوزّع بين العوامل الدافعة للحرب والعوامل المعاكسة. ولكن التاريخ يعلّمنا أن معظم الحروب تنشب على إثر حادثٍ مفاجئ، بعد أن تصل الأطراف المتعادية إلى حافة الهاوية، وقد يكون الحادث مخططاً له ومتقصّداً ،مع انه نادراً ما يظهر على هذا الشكل، أو يكون غير مخطّط له وغير متعمد من قبل الأطراف المتعادية، وإنّما يحصل عن طريق الخطأ، أو بالصدفة، أو بتدبير سرّي من طرف ثالث له مصلحة في اندلاع الحرب، لأنه سيحصد من ورائها ما لم يزرع، أو يتكلف شيئاً عليه. وكل هذه الاحتمالات -وبالأخص الأخير- متوفّرة بشكل قويّ على الأرض في احتمالات الحرب بين الولايات المتحدة وإيران هذه الأيام !
لكن، لأن هذه الحرب بين الولايات المتحدة وإيران، لو اندلعت، لا يمكن جعلها خاطفة، ولن يستطيع الذي يشعل فتيلها أن يتحكّم بمجرياتها ويوقفها متى وحسبما يشاء، فإن احتمالات وقوعها تبدو سالبة، على الأغلب، حيث سيحاول كل طرف ان يبقي إصبعه بعيداً عن الزناد ويمارس رياضة ضبط النفس والأخذ والعطاء من خلال الوسطاء المتطوعين، طمعاً بالحصول على أيّ مكسب أو تنازل من الطرف الآخر، دون حرب، يرضي بها غروره أمام الآخرين وأمام شعبه. وارضاء الغرور أهم العوامل المقررة في حرب، كهذه، لو وقعت لكانت متشعّبة وهائلة الساحة والخسائر، وبالرغم من أنّ إيران والقوى التابعة والمتحالفة معها هي الطرف الأضعف من حيث حجم القدرات العسكرية في الحرب المتناظرة، لكنها لن تكون كذلك في الحرب غير المتناظرة، بل تتمتع بتفوّق في أدوات هذه الحرب.
وخلاصة القول، أنّ حرب هذه الأيام تتمييّز أولاً، بعالميتها ، إن لم يكن المباشرة فغير المباشرة ( على مثال الحرب السورية !)، وثانياً بأنها تخاض بالتكنولوجيا فائقة التطوّر، وعن بعد، قدر الإمكان، ومهما حاول كلّ طرفٍ أن يخفّف خسائره، من الدّمار أو الضحايا البشرية، إلا أنّها ستكون هائلة التكاليف، وهذا عامل مرجّح لقوة الطرف الأقوى اقتصادياً، والذي لا يصرف غير الورق النّقدي المطبوع، المُموّل عالمياً، (الولايات المتحدة!) يقابله، من الطرف الآخر، الأضعف بالوسائل التكنولوجية نسبياً، وبالموارد المالية بدرجة هائلة (إيران) بالأخص بعد تطويقه بالحصار ووقف تصدير النفط، لكنه الأقوى بالقدرات البشرية واستعدادها للتضحية، وكونه يحارب على ملعبه، وعلى حدوده، وفي مرماه ترسانة هائلة من قدرات الطرف الآخر العسكرية، التكنولوجية والبشرية، البحرية والبرية والجوية والمعلوماتية! وثالثاً، أنّ حرباً كهذه، لو وقعت، لن تكتب الفصل الأخير لصالح أيّ من الأطراف ، إلا إذا أشهر أحدها أسلحة التدمير الشامل، وإذا لم يكن لهذه الأسلحة نظير او مكافئ لدى الطرف المقابل...الخ.
الجواب الثاني :
في 17 أيار الماضي، وكما كنت قد رجّحت (أعلاه)، أنّ الحرب بين الولايات المتحدة وايران لن تقع، واليوم، قبل عدة ساعات، "غرّد البلبل"، الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ، بأنّه كان قد أصدر اليوم أمر القتال وحدّد ثلاثة مواقع للقصف، واتخذت القوات الجوية والبحرية الأميريكية وضع الجاهزيّة للتنفيذ، لكنه، وقبل موعد بدء القصف بعشرة دقائق، سأل: "كم سيقتل في الضربة ( من الجانب الايراني، طبعاً!)" فأجابه جنرال: "حوالي 150 قتيلاً!" فغيّر أمر القتال إلى أمر بالتوقف عن التنفيذ !!!
كم هو " إنساني"، هذا "البلبل" ترامبّ! فلم يسبق له ولا لأي رئيسٍ أو عسكري اأريكي أن سأل عن ضحايا أوامره بشن العدوان، أو بالأحرى، ان تراجع عن أمر من هذا النوع بسبب "عدم التناسب بين عدد الضحايا الأمريكييين (وهم صفر هنا) وعدد ضحايا الخصم _150 !" ، حتى ولو كان الخصم، حسب زعمهم جمهوريين وديمقراطيين، هو "الباديء بالعدوان"، وهو المتسبّب لهم بخسارة 132 مليون دولاراً، ثمن أغلى طائرة تجسس بدون طيار في العالم، وحتى وهم يعلنون ان إيران أسقطتها في المياه الدولية !!!!
والأكثر إيلاماً، بالنسبة لنا نحن العرب، هو أنّ أحداً لم يسأل يوماً، لا مسبقاً ولا لاحقاً ، عن عدد ضحايانا نتيجة عدوانه السافر على أيّ بلد عربي، فكيف به لو كان يرد على "عدوان عربي " على "أمنه القومي" ؟؟؟ بل، على العكس ، إن المعتدي على العرب يخطّط دائما لإيقاع أكبر مايستطيع من الدّمار والضحايا البشرية بعدوانه، مستخدماً أدوات العدوان التي توقع أكبر عددٍ من الضحايا بأقلّ التكاليف وبالاسلحة المحرّمة دولياً، بل ولا يوقف عملياته العدوانية حتى يتأكّد انه أعاد البلد العربي إيّاه إلى "ماقبل العصر الصناعي"، ولم يخطر في بال المعتدين على المواطنين العرب الأبرياء من أعدائهم الخارجيين، والأنكى من ذلك، من حكّامهم، التساؤل عن عدد ضحاياهم، اللّهم إلا من أجل الإيقاع بالمزيد منهم دون أي شعور بالحرج، أو بالحاجة لأيّ مبرّر ٍيسترون به عدوانيتهم وهمجيّتهم القصوى! وفوق ذلك، وللأسف الشديد، وهم يسمعون مطالبات من "عربٍ" آخرين ، إن لم يكن باللّسان فباليد أوالقلب، تنادي: هل من مزيد ؟؟؟
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!