الوضع المظلم
الجمعة ١٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
نظام الأسد يلاحق التجار في مناطق المصالحات
عناصر النظام السورية (تعبيرية)

تحولت عملية "المصالحة" أو "التسوية" في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري إلى مسألة ليست فقط لأولئك الذين يسعون لتصفية ملفاتهم الأمنية والعودة إلى حياة طبيعية، بل أصبحت تشمل أيضًا التجار من مختلف الفئات الاجتماعية.

قبل ثلاثة أسابيع، داهمت دورية أمنية مستودعات للمواد الغذائية تمتلكها التاجر الخمسيني محمد (لن نكشف عن اسمه كاملاً) داخل مدينة حمص. خلال التفتيش، الذي استمر ساعتين وشمل فحصًا للفواتير النظامية، أخبرته السلطات أنه ارتكب مخالفة تستدعي اتخاذ إجراءات.

في البداية، تصور التاجر أن "الإجراءات" ستقتصر على دفع غرامة مالية وتوقيع ورقة محضر حضوري، خاصةً أن "المخالفة تتعلق بثلاث عبوات زيت دوار الشمس". ولكنه سرعان ما تفاجأ عندما أُمر بالاعتقال.

ووفقًا لقريب التاجر الذي تحدث لموقع "الحرة"، فإن محمد ما زال محتجزًا في السجن منذ تاريخ المداهمة الأمنية. وأبلغه المحامي الذي تولى قضيته بأنه يجب عليه "المصالحة".

وأوضح القريب أن "المصالحة"، التي أصبحت تتكرر بين التجار من جميع الفئات، تقتصر عادةً على اتفاق من جانب واحد، حيث يُطالب أحد الأطراف بدفع مبلغ مالي مقابل الإفراج عن المعتقل.

وفي معظم الحالات، يبلغ المبلغ المطلوب حاجز الـ100 مليون ليرة سورية (المعادلة تقريبًا لـ 7 آلاف دولار بسعر السوق السوداء)، وفي بعض الأحيان يتجاوز هذا الرقم بكثير. كما حدث في حالة عبد الغني، الذي وُجِهت له اتهامات "تعسفية" بالتجارة بالحبوب الأجنبية، وفقًا لما ذكره لموقع "الحرة".

وأضاف من إحدى القرى التابعة لمدينة حماة، أنه "اضطر لدفع 250 مليون ليرة سورية بعد أن أمضى أسبوعين في الاعتقال، دون أن يتضمن هذا المبلغ الرشاوى التي دفعها أخوته لتسريع الإجراءات في قضيته".

اقرأ المزيد: اعتقال ثلاثة سوريين في تركيا بتهمة التجسس لصالح فرنسا
 

خلال السنوات الثلاث الماضية، كانت الأضواء تتجه نحو المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، وتحديدًا نحو الطبقة الراقية من التجار الكبار، حيث بدأ "المكتب الاقتصادي" التابع للقصر الجمهوري في اتخاذ خطوات مدروسة للسيطرة على أموالهم.

رغم أن "المكتب الاقتصادي"، المعروف أيضًا باسم "المكتب السري"، لا يزال مجهولًا للكثيرين، إلا أن وسائل الإعلام المحلية والغربية، بما في ذلك "فاينانشال تايمز"، كشفت عن قيادته الواضحة من قبل أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري، وزاد دوره بشكل ملحوظ بعد عام 2019.

رامي مخلوف، ابن خالة بشار الأسد، كان أحد أولى الأهداف التي استهدفتها زوجة الرئيس، حيث بدأت بسحب ملكيتها لشركة الاتصالات "سيرياتيل"، ثم بدأت تقييد أعمال التجار الآخرين بتدريج، بالتنسيق مع المكتب الذي تديره.

وبشكل تدريجي، بدأت هذه الحملة في التوسع لتشمل "الإتاوات"، وهي رسوم مفروضة بشكل قانوني على التجار المتوسطين والصغار، وفقًا لما ذكره استشاريون اقتصاديون ومحامون وصحفيون لـ "الحرة".

ووفقًا للصحفي السوري، كنان وقاف، فإن "مصطلح المصالحة" هو مجرد غطاء للإجراءات الفعلية، التي تتضمن فرض الإتاوات على غرار منهج المافيا.

وأوضح وقاف لـ "الحرة" قائلاً: "فعليًا، يُبقى التاجر في الاعتقال تحت إشراف فرع الخطيب (فرع أمني) دون محاكمة أو توجيه اتهام حتى يقوم بدفع المطلوب منه، والذي يتم تحديده من قبلهم بشكل تعسفي وغير محدد مسبقًا".

وأضاف وقاف: "كل ما يحدث بحق التجار يأتي بأوامر مباشرة من أسماء الأسد شخصيًا، حيث يُعد المكتب السري لها قائمة بأسماء التجار وتفاصيل كاملة عن ثرواتهم والمبالغ التي يفرضونها عليهم".

 

سوريا تواجه حاليًا أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تُظلل بشكل خاص سوق الصرف وقيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية.

بالإضافة إلى ذلك، يشهد البلد ارتفاعًا كبيرًا في معدلات التضخم، مما يؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين اليومية ويعاني منها التجار أيضًا، الذين يجدون أنفسهم مضطرين إلى الاستمرار في التجارة داخل المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري.

وما زال النظام يُجرم أي تعامل بالدولار، حيث أصدر رئيسه مؤخرًا مرسومين يفرضان عقوبات على من يستخدم الدولار، بينما يفتح باب "التسوية" للمتجاوزين.

ويتيح المرسوم الذي يحمل الرقم 5 للمتهمين فرصة التسوية بالتعامل بعملات غير الليرة السورية أمام القضاء، مما يُلغي عقوبة السجن التي قد تصل في بعض الحالات إلى أكثر من 7 سنوات.

المصدر: الحرة 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!