الوضع المظلم
الثلاثاء ٢٤ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • معقداً مهامها.. إخفاق أمريكي في الشرخ بين بكين وطهران

معقداً مهامها.. إخفاق أمريكي في الشرخ بين بكين وطهران
إيران و الصين

وقعت كل من إيران والصين، في السابع والعشرين من مارس الماضي، اتفاقاً للتعاون الاستراتيجي مدته 25 عاماً، ليعالج وفق طهران القضايا الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الأميركية عليها، أطلق عليه اسم "الشراكة الاستراتيجية الشاملة"، لتغطية مجموعة متنوعة من الأنشطة الاقتصادية من النفط والتعدين إلى تعزيز النشاط الصناعي في إيران، بجانب التعاون في مجال النقل والزراعة.


اتفاقية استراتيجية وشاملة فعلاً للطرفين، لكنها ليست كذلك بالمطلق بالنسبة إلى واشنطن وحلفائها، وهو ما ذهبت إليه صحيفة "نيويورك تايمز"، التي قالت إنها قد تعمق نفوذ الصين في الشرق الأوسط وتقوّض الجهود الأمريكية لإبقاء إيران معزولة، لافتةً إلى أن توقيع الاتفاق جاء انعكاساً لطموح الصين المتزايد للعب دور أكبر في منطقة كانت تمثل الشغل الشاغل للولايات المتحدة لعقود.


إيران

التعاون الصيني الإيراني يقلق بايدن


وقد أعرب حينها، الرئيس الأمريكي جو بايدن عن قلقه، قائلاً: "لقد كنت قلقاً بشأن ذلك منذ سنوات"، فيما اعتبر أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، في التاسع والعشرين من مارس الماضي، أن "تنامي التعاون الاستراتيجي في الشرق، يسرع من أفول الولايات المتحدة"، مردفاً أن قلق الرئيس الأمريكي، جو بايدن، "في محله تماماً"، مشيراً إلى أن "توقيع مذكرة خارطة طريق التعاون الاستراتيجي بين إيران والصين جزء من المقاومة الفعالة"، متابعاً: "العالم ليس الغرب فقط، والغرب ليس فحسب أمريكا والدول الأوروبية الثلاث الناكثة للعهود".


اقرأ أيضاً: حرائق تركيا.. محاولات للاستغلال السياسي وأخرى للتنصّل

بيد أن واشنطن حاولت استغلال علاقة التعاون الوثيقة بين بكين وطهران، علّها تؤثر على الأخيرة، إذ أعربت الولايات المتحدة في الأول من أبريل الماضي، عن قناعتها بأن الصين تشاطر اهتمامها بكبح طموحات إيران النووية، ومنع هذا البلد من الحصول على ترسانة نووية، فقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن العلاقات بين واشنطن وبكين تحمل غالباً طابعاً تنافسياً، لكن هناك بعض "مجالات التنسيق التكتيكي الضيقة" بينهما، في إشارة للملف الإيراني.


وذكر برايس: "تعاونت الصين في جهود الحد من برنامج إيران النووي.. بطبيعة الحال بكين من الأعضاء الأصليين في مجموعة 5+1، وليست مهتمة برؤية تطوير إيران سلاحاً نووياً، وما سيجلبه ذلك من تبعات مزعزعة شديدة إلى المنطقة التي تعتمد عليها الصين".


فشل أمريكي في استمالة الصين


إن تلك المحاولة لشرخ العلاقة بين بكين وطهران، ومجاملة واشنطن لبكين مدفوعة بالرغبة في كسبها بصفها لمواجهة المشاريع الإيرانية النووية، لم تفلح، إذ أكدت الصين، في السابع من أبريل، أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تعود إلى الاتفاق النووي الإيراني، وأن تلغي حظرها "غير القانوني" المفروض على إيران.


اقرأ أيضاً: أكاديمي عراقي لـليفانت: الحرب الإيرانية الإسرائيلية مستبعدة.. لكنها ممكنة

وطالبت بكين واشنطن، بـ"رفع جميع العقوبات غير القانونية ضد إيران وولايتها القضائية طويلة الذراع، ضد الكيانات والأفراد من الأطراف الثالثة"، حيث أشار المبعوث الصيني لدى الأمم المتحدة، وانغ تشون، إلى أنه "ينبغي على واشنطن رفع جميع العقوبات غير القانونية ضد طهران"، معداً "انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني والضغوطات القصوى على طهران، السبب الأساسي وراء ما وصل إليه الوضع، وأن عودة الولايات المتحدة للاتفاق مبكراً هي مفتاح حل المشكلة".


وتابع وانغ: "يجب أن يتم تأكيد الطلب المبرر من الطرف المتضرر، وليس الطرف المخالف، والوفاء به أولاً.. هذا أمر أساسي يتعلق بالصح والخطأ، ويجب على الولايات المتحدة أن ترفع جميع العقوبات المفروضة على طهران، وعلى هذا الأساس، يمكن لإيران أن تمتثل بشكل كامل للاتفاق النووي".


تسويق النفط الإيراني المهرب


هذا إضافة إلى محاولات الصين إنقاذ الاقتصاد الإيراني، إذ أشار مركز أبحاث الدفاع الإسرائيلي "إسرائيل ديفنس"، في الثاني والعشرين من أغسطس، إلى وجود ترتيبات خاصة بين طهران وبكين لتشغيل واستثمار وتمويه أسطول نقل النفط الإيراني المكون من 143 ناقلة، ذاكراً أن "بكين تستخدم منطقة الخليج العربي لتشتيت الانتباه الأمريكي والدولي بعيداً عما يجري في بحر الصين الجنوبي من تغييرات جيو سياسية"، مضيفاً أن "الصين تساعد إيران في بيع النفط المهرب واستخدام أسطول الناقلات المموهة (أسطول الظل الجديد) من أجل تجاوز العقوبات الأمريكية".


اقرأ أيضاً: قطر وطالبان.. علاقة تطرف وطيدة يُستغرب من استغرابها

ونوّه المركز إلى أنّ "إيران، ليست فقط مورد النفط الرئيس للصين، فموقع إيران الجغرافي الاستراتيجي، بين بحر قزوين وبحر العرب، يجعل إيران الجسر البري الوحيد للصين من آسيا الوسطى"، مشيراً إلى أن "الاستثمار في إيران هو أيضاً وسيلة للصين لتصبح قوة عالمية، وليست قوة إقليمية فقط".


وختم المركز بالإشارة إلى أن "إيران تمتلك أسطولاً من نحو 143 ناقلة، قادرة على نقل نحو 102 مليون برميل من النفط الخام و11.8 مليون برميل من الغاز الطبيعي السائل، بقيمة إجمالية تزيد على 7.7 مليار دولار، وباستخدام أسطولها من الناقلات، بدأت إيران في نقل النفط سراً إلى الصين وكوريا الشمالية وروسيا وسوريا ولبنان وفنزويلا".


التعاون العسكري في تطور


وإلى جانب ذلك، والمساندة الصينية لإيران في الملف النووي، وإمضاء الجانبين على اتفاقية التعاون الاستراتيجية طويلة المدى، بواقع 25 عاماً، تطور التعاون العسكري بين الجانبين، ولعل الدليل الأبرز ما أعلنه السفير الروسي لدى طِهران، ليفان جاجاريان، في الثالث والعشرين من أغسطس الجاري، من أن روسيا وإيران والصين سيجرون مناورات بحرية مشتركة في الخليج بين أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022.


اقرأ أيضاً:مطار كابل والأتراك.. مخططات للتمدد والسيطرة لا توافق بيدر طالبان

قائلاً: “إلى جانب روسيا وإيران، ستشارك فيها الصين والهند وسوريا وفنزويلا، وهناك خطط لإجراء منافسة بين فرق الغوص التابعة للقوات المسلحة لهذه الدول، وسيصل ممثلون من قيادة البحرية الروسية لحضور مراسم افتتاح وختام هذه المسابقة”، فيما يشبه التوجه إلى بناء تحالف عسكري جديد غير رسمي بين تلك الدول في مياه الخليج العربي، التي زادت فيه الحوادث الأمنية، (تقف إيران وميلشياتها خلفها في الغالب، إن لم يكن جميعها).


وعليه، يبدو أن إدارة بايدن ستواجه المزيد من المصاعب في الملف الإيراني، خاصة عقب انسحاب الجيش الأمريكي من أفغانستان، والذي منح الأنظمة القمعية والتنظيمات الراديكالية المزيد من الأكسجين، لتعيد تجديد أفكارها، وهو ما سيكون له أثر كبير غالباً على تعميق صلات بكين وطهران أكثر.


ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!