-
محرّكان أساسيان وراء استمرار الانتفاضة الشعبية في إيران
ما زلنا في الشهر الرابع من انتفاضة الشعب الإيراني المستمرة على مستوى البلاد، وما زال صوت الشعب ينطلق من 280 مدينة مُردداً هتافات تندد بالنظام الاستبدادي الفاسد، بينما تستمر الحملة الانتقامية التي يشنّها النظام ضد المنتفضين بهدف إنهاء انتفاضتهم التي يبدو أنها لن تنتهي إلّا بإسقاطه.
وحتى الآن، قَتل حرس الملالي وقوات الأمن الأخرى ما لا يقل عن 750 شخصاً، من بينهم 638 شخصاً نشرنا أسماءهم، لكن على الرغم من استمرار القتل والقمع فشل الملالي في إخماد الانتفاضات، واستمرت المقاومة في النمو والانتشار، والسؤال المطروح اليوم: لماذا تشهد إيران اليوم هذا الغليان الشعبي؟ وما هي النهاية المحتملة؟
هذه الانتفاضة مدعومة بمحركين كبيرين، المحرك الأول هو السخط المستمر منذ فترة طويلة لدى الشعب الإيراني على نظام الملالي الحاكم، لقد أدى سوء الإدارة الحكومية والفساد إلى انتشار الفقر والبطالة والتضخم والظلم وتفشي الفساد في كافة مفاصل الدولة، وقبل كل شيء، أدى إلى فرض وضع كارثي على المرأة. إن المجتمع الإيراني على وشك الانفجار، والشعب مصمم على رؤية تغيير كبير في أمّته.
المحرك الثاني هو وجود مقاومة منظمة تقف على الخطوط الأمامية للاحتجاجات اليوم بعد مواجهة النظام لمدة أربعين عاماً.
تلعب هذه المقاومة -وتحديداً منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI) ووحدات المقاومة التابعة لها المتواجدة داخل إيران- دوراً فاعلاً للغاية في تنظيم وتوجيه الاحتجاجات في الشوارع.
هذان المحركان، إلى جانب عوامل أخرى، يضمنان أن إيران لن تعود إلى الوضع الذي كانت عليه قبل أيلول/ سبتمبر 2022.
اليوم، تسمع هتافات "الموت لخامنئي" في جميع أنحاء إيران، هذا التنصل غير المسبوق من المرشد الأعلى لإيران يمزق هيبة النظام، لم يعد الناس خائفين من النظام، بل أصبحوا يمتلكون الجرأة الكاملة على المطالبة بإسقاطه علناً.
انضمت إلى المتظاهرين قطاعات مختلفة من المجتمع، كالفنانين والرياضيين، الذين لم يشاركوا سابقاً في الاحتجاجات بسبب الانتماءات السياسية أو الاقتصادية أو المهنية. كما كانت هناك انشقاقات كبيرة في صفوف قوات أمن النظام، ورفض معظم رجال الدين البارزين في إيران دعم المرشد الأعلى علي خامنئي خلال الانتفاضات.
والأهم من ذلك، أن البرلمان الأوروبي قد صوّت للتو على تصنيف حرس الملالي (أو ما يسمى بميليشيا الحرس الثوري) كمنظمة إرهابية لانتهاكاته لحقوق الإنسان. هذا لن يؤدي إلا إلى زيادة الخزي والارتباك داخل النظام.
ولكي يتمكن النظام من إخماد الانتفاضة، يجب عليه خنق المحركين اللذين يقودانها، لكن إيقاف المحرك الأول يعني أن ملالي إيران يجب أن يفعلوا ما فشلوا في فعله خلال أربعة عقود: إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية حقيقية، وإنهاء القمع، والدخول في علاقات دولية طبيعية لإزالة العقوبات.
وبما أن إصلاح نفسه غير مرجح ومستبعد جداً، فإن النظام سيحاول بلا شك إيقاف المحرك الثاني من خلال محاولته سحق منظمة مجاهدي خلق الإيرانية والمقاومة الإيرانية.
لكن النظام يخطئ في تقدير وضعه، إذ تظهر انتفاضة الشعب ثلاث حقائق مهمة:
• يسعى الشعب لإسقاط الدكتاتورية بكاملها. لهذا السبب تركزت الشعارات ضد المرشد الأعلى علي خامنئي والنظام الإسلامي، يعرف الشعب الإيراني بالفعل أن هذا النظام لا يمكنه إصلاح نفسه.
• ثانياً، لن يوقف هذا النظام طوعاً قمعه للشعب، إنه يفهم فقط لغة الحزم والقوة.
• ثالثًا، يرفض الناس بشدة أي نوع من الدكتاتورية، بما في ذلك العودة إلى عهد الشاه. الشعار التالي الأكثر شعبية بعد "الموت لخامنئي" هو "لا نريد الشاه ولا الشيخ".
والشتات الإيراني في الخارج لهم نفس المطلب، وقد حمل الحشد الذي اجتمع مؤخراً خارج البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ لافتات كبيرة كتب عليها "لا نريد الشاه أو المرشد".
هذا الرفض لحكومة شبيهة بالشاه نابع من تاريخ مرير، عندما بدأت الانتفاضة ضد الشاه الأخير في عام 1978، تم إعدام أو سجن جميع المناضلين من أجل الحرية، سمح ذلك للملالي بالاستيلاء على إيران وإقامة نظامهم الاستبدادي. لذلك، على عكس ثورة 1979، فإن الشعب الإيراني ينأى بنفسه الآن عن أي نوع من الدكتاتورية.
لذلك، دعا المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، صاحب تجربة الثورة المناهضة للشاه، إلى تشكيل جبهة التضامن الوطني منذ عام 2002.
هذه جبهة تتشكل على أساس ثلاثة مبادئ أساسية: نهاية النظام الإسلامي برمته. تشكيل جمهورية ديمقراطية جديدة؛ والفصل التام بين الدين والدولة في إيران الجديدة.
وتتحد القوى السياسية الديمقراطية في إيران حول هذه الركائز الثلاث وتتقدم إلى الأمام، هذه الوحدة قوية داخل البلاد وتقربنا إلى الهدف النهائي المتمثل في إسقاط النظام.
ليفانت - سعيد عابد
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!