الوضع المظلم
الجمعة ١٧ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
ما يخصّ التواجد الأمريكي في سوريا
غسان المفلح

الحديث عن التواجد الأمريكي في سوريا لا يمكننا معالجته إلا ضمن إطار التواجد الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط عموماً، التي تمتد خارطتها من حدود الصين شرقاً إلى حدود المغرب غرباً. لأمريكا قواعد عسكرية تحيط بالصين وروسيا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تقريباً، لها قواعد في كوريا الجنوبية واليابان، ثم قرغيزستان لاحقاً بعد سقوط السوفييت.


لها قواعد في باكستان، أفغانستان، تركيا، ودول الخليج، ثم جيبوتي ومصر، وقواعد صغيرة منتشرة في أفريقيا، هذا غير قواعدها الأهم في أوروبا. حيث لا تخلو دولة أوروبية من وجود قاعدة أو قواعد أمريكية فيها، ثابتة أو عابرة، خاصة قواعد جوية، طبعاً غير قواعدها في بقية دول العالم. انطلاقاً من هذه المعطيات الأولية عموماً وتعداد القواعد الأمريكية في الخليج العربي ومصر، وحتى إسرائيل، نستطيع أن نفهم طبيعة التواجد الأمريكي في سوريا، ونحاول استقراء وضعه.


أمريكا في كل دول العالم أقامت قواعد بناء على معطيين: الأول: قانوني، هو إقامة قواعد أمريكية في دول عديدة بناء على موافقة سلطات هذه الدول، أي لدى هذه القواعد حصانة سياسية ودستورية.


المعطى الثاني: غير قانوني، من أمثلته احتلال أفغانستان والعراق والتواجد الأمريكي في سوريا. بعيداً عن الأهداف السياسية، نجد من هذه اللوحة أن الدول التي تحتوي على هذه القواعد هي جزء في الخارطة الأمنية للمصالح القومية العليا للولايات المتحدة الأمريكية. العليا هنا تتعلق بمفهوم السيادة الأمريكية ذاته.


كدولة قومية قبل أي شيء آخر، وليس فقط كاتجاه عالمي رأسمالي تمثّله أمريكا، لا يهم العناوين التي تحتل فيها أمريكا هذا البلد أم ذلك، لأنّ الاحتلال له موجبات أمنية قبل أي شيء آخر. الحديث عن المصالح وما شابه، لا يمكن أن يتم دون تحقيق الجدوى الأمنية- السيادية من الوجود الأمريكي.


السؤال: كيف يمكن ترجمة المصالح الاقتصادية والسياسية في ظلّ تواجد عسكري غير مضمون أمنياً؟ كيف تتحقق هذه المصالح دون سيادة أمنية؟ هذه المصالح هي التي استدعت تواجد القوات الامريكية في هذا البلد أو ذاك.


القوات الأمريكية في سوريا هي قوات احتلال من المنظور الأمريكي ذاته، الذي ما يزال حتى اللحظة لا يريد رفع الغطاء عن الأسد. القوات الأمريكية لم يستدعها الممثل القانوني السياسي للدخول إلى سوريا، وهو هنا نظام الأسد.


نظام الأسد استدعى إيران وروسيا، وتركيا لاحقاً، من خلال اتفاقيات أستانا. دخلت القوات التركية إلى سوريا بناء على هذه الاتفاقيات. هذا المنظور نفسه الذي يجعل استمرار التعايش بين الوجود الأمريكي في الجزيرة مع المربعات الأمنية الأسدية.


غسان المفلح


ليفانت - غسان المفلح

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!