الوضع المظلم
الإثنين ١٣ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
مؤتمر البارتي ورئيسه والبيشمركه
 صبحي ساله يي

بعيداً عن المبالغة، وقريباً من المعطيات الحقيقة، يمكن القول إن مجرّد انعقاد المؤتمر الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكوردستاني، البارتي الأكثر فاعلية على الساحة السياسية الكوردستانية والعراقية، هو نصر كوردستاني قائم بذاته، وتأكيد لوضوح الرؤية الفكرية لصلابة الموقف السياسي في الحفاظ على المصالح القومية وحمايتها. ودليل على أنه حزب قادر على النهوض والإنطلاق نحو الأحسن والبناء والتطور وتقديم الأفضل والصعود الى العلا، رغم وجود المنافسين والمخالفين.

حزب اتجت نحوه كل الأنظار واستوعب الحقائق وأعطى حق النقد وإبداء الرأي لكل كوادره وأعضائه، وتقبّل الآراء المخالفة الثقيلة والصعبة، لأنه كان على يقين بأن الواقع يفرض قبول الجديد الجميل الذي لا يمس بالقديم الأجمل. وأدرك أن رفض المخالف رهان له خطورة وتأثيرات سلبية، ويعني رفض الكثيرين وتعطيل طاقاتهم وعقلياتهم المختلفة، وبفضل تنوع العقلية السياسية النابعة من تنوع واختلاف الآراء والوعي والشعور بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية، دوخ أعداءه ونال دعم واحترام واعتزاز الشعب الكوردستاني وغالبية الفعاليات السياسية الدينية والمذهبية العراقية. وقاد بنجاح مسيرة طويلة حافلة بالتفاني والتضحيات، لخدمة تطلعات الجماهير في كوردستان والعراق.

المؤتمر حظي باهتمام لافت من قبل وسائل الإعلام المحلية والإقليمية والدولية والمراقبين السياسيين المحبين والكارهين، لانعقاده في هذه الظروف الحساسة والدقيقة التي يشهدها العراق وكوردستان واشتداد حدّة أزمات عديدة، تأتي في مقدمتها تأثيرات وتداعيات خرق الأصدقاء، الذين كانوا بالأمس القريب حلفاء، للدستور والوعود والعهود والاتفاقات وما أحدثتها من انقسامات وتوترات، وما تركتها من جراح ما زالت تنزف. وأعاد (المؤتمر) إلى الذاكرة جمال وروعة صمود البارتي أمام المحاولات البائسة والهجمات الشرسة التي أرادت قهر وحدة وتماسك الكوردستانيين، وعملت بکل ما لدیها من قوة من أجل هدم استقرار الإقليم وأمنه وإيقاف نهضته الإقتصادية والعمرانية والمدنية. وعندما وضع  الرئيس مسعود بارزاني على المسميات أسماءها بعيداً عن المجازات والاستعارات البلاغية والتشبيهات وبفصاحة كوردية وصوت جهوري إنه (بيشمركه)، وقال: (أعظم مهمة وأرفع منصب أفتخر به دائماً هو أنني بيشمركه)، تساءل البعض: من هو البيشمركه، وما هو سر قدسيته، وما سبب اعتزاز الرئيس مسعود بارزاني وغالبية أبناء شعب كوردستان بكونهم من البيشمركه؟

البيشمركه الذي يمكن وصفه بأنه (الإنسان الذي يستبق الموت لتحقيق الهدف الأسمى)، مواطن متطوع ملتزم بكامل حريته للقيام بعمل وطني وقومي وإنساني، مؤمن بقضية وعقيدة نابعة من القلب لتحقيق الذات من خلال تقديم خدمة تطوعية يهدف إلى الحفاظ على حياة وكرامة الإنسان، ويسعى للتغييرالإيجابي ولتعزيز وإعلاء القيم الذاتية الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية السامية من خلال التوجه نحو العطاء بأغلى وأثمن ما يملك دون مقابل. ومن خلال عمله يعزز روح المبادرة والإبداع وينمي الشعور بالالتزام والمسؤولية والمشاركة الجماعية البعيدة عن الأنانية.

وفي الحرب ضد داعش الإرهابي أصبح البيشمركه رمزاً عالمياً للمقاومة وعنواناً للشجاعة. ويمكن القول إنه صمام أمان للديمقراطية والفيدرالية في كوردستان والعراق، وفارس شجاع يستمد قوته وبعده الروحي والأخلاقي من القضية التاريخية لشعب كوردستان، ويعتمد في تعامله مع الأسرى والجرحى والقتلى على قوانين ومواثيق الحرب المتفق عليها دولياً، وإنه حب للإنسانية وغرس للثقافة البعيدة عن التعالي والانحدار إلى مستويات متدنية في الانتقام أو اللجوء الى الإرهاب أو الإيمان بالعنف طريقاً أو أسلوباً في الحياة، وعمل يؤدي إلى تقوية التقدير الذاتي والشعور بالرضا والسمو الاخلاقي والنفسي والوقوف عند الأخطاء ومحاولة تصحيحها، دون تضييع أولويات العمل السياسي ومتبنياته الموضوعية، أو التفريط بالقضايا الجادة التي يناضل من أجلها.


ليفانت - صبحي ساله يي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!