الوضع المظلم
الجمعة ٢٦ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
ليفانت نيوز تكشف: كيف تخترق إيران المجتمع الألماني؟
ليفانت نيوز تكشف: كيف تخترق إيران المجتمع الألماني؟

خاص ليفانت 


لا تتوقف إيران عند لعب أدوار مزعزعة للاستقرار، وداعمة للإرهاب في الشرق الأوسط، بل تعمل على اختراق المجتمعات الأوروبية عبر شبكة من المؤسسات تمتد من ألمانيا إلى دول أوروبية أخرى، وتهدد أمن القارة الداخلي.


وخلال السنوات الماضية، فشلت برلين في احتواء النفوذ الإيراني المتزايد على أراضيها، حيث استطاعت طهران تكوين شبكة واسعة ومترامية الأطراف في الأراضي الألمانية، تمتد أنشطتها لدول أوروبية أخرى، وتخضع إدارياً وتنظيمياً للمركز الإسلامي في مدينة هامبورغ، وسط البلاد.


وكان تأثير المركز الإسلامي في هامبورغ جلياً، عندما نظم المركز مطلع الشهر الجاري، تأبين لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الذي قتل في غارة بطائرة أمريكية بدون طيار على بغداد قبل أسابيع.


ووفق صحيفة "هامبورغ ابدندبلاتس" الخاصة، فإن 600 شخص شاركوا في فاعلية تأبين سليماني، الذي وصف في قلب المركز الإسلامي بـ"الشهيد"، فضلاً عن تنظيم العشرات مظاهرة تنديداً بمقتل الجنرال الإيراني في وسط هامبورغ. 


وكرد فعل على هذه الفاعليه، حرك السياسي بالحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم في ألمانيا، علي توبراك، دعوى جنائية ضد المركز الإسلامي في هامبورغ، مطالباً القضاء بفرض عقوبات رادعة ضده، بسبب احتفاءه بإرهابي مثل قاسم سليماني.


التأسيس والتبعية للاستخبارات الإيرانية


تأسس المركز الإسلامي في هامبورغ في ستينيات القرن الماضي على يد رجال أعمال وطلاب إيرانيين، أي قبل الثورة الإسلامية التي قادت نظام الملالي للحكم في إيران. ومع احكام نظام الملالي قبضته على طهران، أصبح المركز الإسلامي في هامبورغ ذراعه الطولى في ألمانيا، ويقدم تقارير مباشرة للمخابرات الإيرانية، وفق مركز "مينا واتش" البحثي النمساوي. 


وفي عامي 1979 و1980، ترأس محمد خاتمي المركز الإسلامي في هامبورغ، قبل أن يترك ألمانيا ويعود لإيران، ويصبح في 1997 خامس رئيس للجمهورية الإسلامية الإيرانية.


وبين عامي 2009 و2018، كان رضا رمضاني رئيس المركز الإسلامي في هامبورغ. ومنذ 2006، يشغل رمضاني عضوية مجلس الخبراء الذي يتولى اختيار المرشد الأعلى للبلاد، كما أنه عيّن في 2018، أميناً عاماً لجمعية أهل البيت المسؤولة عن نشر الأفكار الشيعية في العالم.


والآن، يقود محمد هادي موفته الذي كان ضابطاً في الحرس الثوري الإيراني، المركز الإسلامي في هامبورغ، ويرمي إلى نشر الأفكار الشيعية بين الأوساط الإسلامية في ألمانيا.


ومن ثم، فإن المركز الإسلامي في هامبورغ ارتبط بشكل وثيق بالدولة الإيرانية منذ 1979، وتولى رئاسته شخصيات مؤثرة في النظام الإيراني.


رقابة استخباراتية


ذكر تقرير هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" لعام ٢٠١٨، الصادر صيف 2019، أن "المركز الإسلامي في هامبورغ أسس شبكة واسعة في عموم الأراضي الألمانية، تمارس نفوذاً كبيراً على الجاليات الشيعية المنحدرة من جنسيات مختلفة، وتضم المساجد والمراكز الثقافية الشيعية، إلى حد يصل للسيطرة الكاملة".


وفي 21 أغسطس (آب) 2017، قالت الحكومة الألمانية في مذكرة رسمية للبرلمان إن "محتوى رسائل وخطب المركز الإسلامي في هامبورغ تعد نتاجاً للاتصالات بين المركز وإيران". وتابعت "في محتوى خطب المركز، تحاول إيران تصدير ثورتها الإسلامية، وهذا هدف أساسي للدولة الإيرانية، لكنه لا يتوافق مع الدستور الألماني والنظام الديمقراطي".


ووفق تقرير لموقع "جوت" الألماني الخاص، فإن المركز الإسلامي يخضع لرقابة هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" في ألمانيا منذ 26 عاماً. 


وفي 20 يناير الجاري، ذكرت مذكرة لبرلمان ولاية هامبورغ، نشرتها صحيفة ذود دويتشه تسايتونغ الألمانية، إن هيئة حماية الدستور ستواصل مراقبة المركز الإسلامي في هامبورغ، لافتاً إلى أن المركز يمارس أنشطة تعادي النظام الديمقراطي. وعادة ما تخضع هيئة حماية الدستور، التنظيمات والأفراد الذين يمثلون خطراً كبيراً على الديمقراطية ويهدفون إلى تقويض النظام السياسي، لرقابتها.


ورغم خضوع المركز للرقابة، إلا أنه نجح والمنظمات التابعة له، في تحقيق قدر من التقبل المجتمعي لأدواره، وممارسة نفوذ سياسي حتى في داخل بلدية هامبورغ.


وأوضح الموقع "هذا التقبل المجتمعي والنفوذ السياسي ليس صدفة على الاطلاق، بل نتاج مخطط مدروس جيداً، تعمد طهران من خلاله لتوسيع شبكتها في أوروبا، وليس ألمانيا وحدها"، مضيفة "وبالفعل، بات المركز الإسلامي في هامبورغ شريك ليس فقط لبلدية هامبورغ، بل أيضا للكنائس في الولاية".


وظهر هذا التقبل المجتمعي والسياسي جلياً، في حفل إفطار أقامه المركز الإسلامي، خلال شهر رمضان الماضي، حضره سياسيين وصحفيين ورموز مجتمع في هامبورغ.


حجر الزاوية في شبكة إيران 


يعد المركز الإسلامي أحد أهم أركان منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية في ألمانيا (أسست في 2009). ورغم أن الأخيرة هي المنظمة الأكبر نظرياً، لكن ما يحدث في الواقع هو العكس، حيث يتحكم المركز الإسلامي في هامبورغ في هذه المنظمة، ويحركها لتحقيق أهدافه.


وجاء في مذكرة الحكومة المرسلة للبرلمان في أغسطس (آب) 2017 أن كل المنظمات والمساجد الألمانية التي تخضع للنفوذ الإيراني، تعمل نظرياً تحت مظلة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، لكن المركز الإسلامي في هامبورغ هو المحرك الأساسي لها.


وفي برلين وحدها، تتواجد 24 مؤسسة شيعية تابعة لإيران، تدير 15 مسجداً. فيما يبلغ عدد المؤسسات والمساجد الشيعية في عموم ألمانيا 150. كما تتواجد 100 قيادة شيعية في هامبورغ.


ورغم أن الفاعل الرئيسي؛ المركز الإسلامي في هامبورغ، يخضع لرقابة الاستخبارات الداخلية منذ 26 عاماً، إلا أن منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، لا تخضع للرقابة وتعد شريكاً سياسياً للسلطات الألمانية.


وفي ربيع 2018، استقبل الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير ممثلين لمنظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، في القصر الرئاسي في برلين، لإجراء مشاورات سياسية. وبعد ذلك بـ8 أشهر، ذكرت الحكومة الألمانية في مذكرة أخرى للبرلمان أن عدد من المنظمات الشيعية التي تتبع منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية، مرتبطة بحزب الله اللبناني. 


ويرى مراقبون أن المركز الإسلامي في هامبورغ أسس منظمة المجتمع الإسلامي في 2009، في محاولة لإبعاد الأنشطة الإيرانية في ألمانيا عن أعين الرقابة الألمانية، واختراق المجتمع بوجه جديد.


كما أسس المركز الإسلامي، فرع جديد له في جنوب ألمانيا، يعرف بـ"الرابطة الإسلامية في بافاريا"، للترويج للتطرف وغرس النفوذ الإيراني في المنطقة. وذكر تقرير فرع هيئة حماية الدستور في إقليم بافاريا في 2018 إن "الرابطة الإسلامية تعد نقطة تجمع للشيعة في المنطقة".


تمويل أوروبي وألماني


وفق موقع جوت الألماني، فإن منظمة المجتمع الإسلامي للمنظمات الشيعية حصلت على تمويل أوروبي في 2019، بلغ 137 ألف يورو، رغم المخاوف الأمنية المحيطة بها، فيما حصلت نفس المنظمة على تمويل من الحكومة الألمانية في الفترة بين 2016 و2019، بلغ 120 ألف يورو في إطار برنامج "الديمقراطية" الذي يرمي لمواجهة التطرف الديني.


وخلال الأعوام الماضية، وسعت إيران شبكتها في أوروبا انطلاقاً من الأراضي الألمانية، حيث أسست في أكتوبر 2015، مسجد كوبنهاغن في الدنمارك، الذي يخضع مباشرة للمركز الإسلامي في هامبورغ، وفق تصريحات صحفية للخبير الألماني في الشؤون الإيرانية، كريستيان اوستهولد.


ووفق أوستهولد، فإن الحكومة الألمانية تعي جيداً دور المركز الإسلامي في هامبورغ، وتعتبره أهم مركز تمثيل للحكومة الإيرانية في ألمانيا، وأحد أهم مراكز البروباغندا الإيرانية في أوروبا.


وقال أستهولد "في حين أن برلين تحاول حل أزمات إيران الدولية، إلا أنها تفشل داخلياً في وقف أنشطة إيران، بل تعامل منفذيها كشركاء سياسيين"، مضيفة "من هامبورغ، تدير أذرع إيران المعادية للدستور، أنشطة طهران، وتنجح في إخفاء نواياها الحقيقية وبيع صورة مزيفة للمجتمع الألماني".


ويعيش في ألمانيا 280 ألف شيعي يمثلون 150 طائفة، من أصل 4.5 مليون مسلم في البلاد.


يذكر أن قاسم سليماني الذي يعتبر العقل المدبر للأنشطة الإيرانية الإرهابية والمزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، قتل قبل أسابيع في غارة شنّتها طائرة أمريكية بدون طيار، قرب مطار بغداد. وقتل إلى جانب سليماني نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس وشخصيات أخرى من الميليشيات التي تدعمها إيران في العراق.


 


صحفي


 



 


صحفي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!