الوضع المظلم
السبت ٠٦ / يوليو / ٢٠٢٤
Logo
  • لماذا التضخم المالي والغلاء في الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا؟

لماذا التضخم المالي والغلاء في الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا؟
لماذا التضخم المالي والغلاء في الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا؟


شهدت الأسواق المحلية ارتفاعاً كبيراً في الأسعار والخدمات في الفترة الأخيرة، فضلاً عن تهاوي سعر صرف الليرة السورية، الذي ينذر بمشكلة تضخم مالي خطير، ما الأمر الذي يجعل أسعار السلع ترتفع؟ ومن يحدد الأسعار في الأسواق؟ وما الحل؟


ينذر الخبراء أنّ الارتفاع في المستوى العام للأسعار والارتفاع في مستوى التكاليف، يؤدي ذلك تدهور في القوة الشرائيّة للنقود، بالتالي انخفاض الطلب على المنتج فالكساد ثم تخفض المصانع منتجاتها ثم البطالة القاسية، بالتالي انخفاض القيمة النقدية باستمرار.


عدة أسباب (ريعي، تفاوت، ...)


والأرجح في سبب المشكلة أنّها لا ترجع لسبب واحد، بل تعود لعدة أسباب، فاقتصاد المنطقة ريعي ويعتمد السوق على استيراد البضائع، فضلاً عن ارتفاع الرسوم الجمركية بالتزامن مع حالة التدهور المعيشي التي تشهدها مناطق الإدارة الذاتية بسبب الحرب.


يقول أبو اآلان (وهو تاجر في تجارة الاسمنت): "هناك مشكلة في تفاوت السعر ويرجع ذلك إلى ضمير التاجر، فالفائدة محددة ولكن بعضهم يرفعون الفائدة حيث يبيعون بسعر مرتفع للمشتري غير السعر المحدد لهم ويزورون الفاتورة التي تقدم لجهات المراقب".


هدف التاجر هو الربح ولا يهمه ما يعانيه المشتري


أحد المراقبين الاقتصاديين يوضح المشكلة قائلاً: "التجار يستغلون الفوضى لزيادة الأسعار بشكل كبير، فأحياناً نجد تاجراً يرفع السعر، وبعدها يقلده البقية، بالإضافة عن قيام التاجر بتخزين البضائع ثم رفع سعرها بحجة نقصها في المنطقة".


الإدارة الذاتية لا تدعم المستهلك


تبنت الإدارة الذاتية خطة للتخفيف من وطأة غلاء الأسعار فشركة نوروز التابعة للإدارة الذاتية هي المسيطرة على بيع السلع الاستهلاكية، ولكنها تختلف عن نظام المؤسسات الذي كان يعتمد عليه النظام، فكان السعر ثابتاً لا يتغير، وأما الشركة تعتمد التعامل بالدولار بحسب سعر الصرف لحظة البيع، بدلاً من دعم السعر وجعله ثابتاً بالليرة السورية.


يراها مختصون اقتصاديون صعبة التطبيق، فالبيع بسعر التكلفة محلياً، ولكن البيع سيكون بسعر الدولار للمستورد.


يقول محمد، وهو شاب عشريني صاحب بقالية: "الأسعار غير ثابتة ويعود ذلك بسب ارتفاع وتفاوت صرف الدولار بشكل مستمر، أيضا التاجر يحتكر الأسعار أحياناً ولكن هناك متابعة من التموين تحد من الاحتكار ومتابعة الأسعار".


وأفاد: "وصل سعر كيلو السكر لـ١٨٠٠ ليرة سورية، حيث كان سعره السنة الماضية ٨٠٠ ليرة سورية، كما ارتفع الشاي من ٥ آلاف إلى ٢٠ ألف ليرة".




ويطالب حسين من قدوربك (العمر ٤٠ عاماً) وهو متزوج وأب لطفلين، بدعم السلع الاستهلاكية وبيعها بسعر يناسب دخل المواطن.


الفوضى وعدم وجود قوانين


حالة الحرب الطويلة خلفت فوضى واسعة في البلاد، واستشرى الفساد بسبب غياب مؤسسات الدولة السياسية والقانونية والدستورية، ويؤدي الفساد إلى تمزيق الحياة الاقتصادية، وجاء قانون قيصر ضربة موجعة للنظام السوري حيث شملت العقوبات المصانع والبنى التحتية أيضاً.


أدى ذلك إلى تهاوي سعر صرف الليرة السورية إلى مستويات متدنية، ففي بداية عام 2011 كانت قيمة الدولار الأمريكي الواحد 47 ل.س واليوم الدولار الواحد أكثر من 3000 ل.س، مما فقدت الليرة السورية الثقة في التعاملات وأصبح تعامل الناس بالدولار.


يقول الأكاديمي في الاقتصاد، تعقيباً على الغلاء: "سببه الفوضى وعدم وجود قوانين ضابطة وغياب مؤسسات الدولة فضلاً عن سيطرة بعض المتنفذين على التجارة، وافتقار المراقبة والمساءلة، ولابد من السيطرة على التجار، وسن قوانين ضابطة".


وأضاف: "وكما أنّ هناك إجراءات غير مدروسة من الجهات المعنية أزمت الوضع أكثر، والتي أدت إلى هذا الارتفاع، سواء من جانب الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا أو من جانب النظام السوري".


الجمارك والضرائب


وتابع الخبير عن دور الجمارك: "له تأثير كبير وأصبح الارتفاع متعلقاً بسعر الدولار فيتم حساب الضريبة بالدولار وليس بالعملة المحلية، حيث ارتفعت مؤخراً ٦٠٪ ما ينتج عنه مشكلة أساسية وهي التسويق".


واستطرد الخبير الاقتصادي: "الحل هو بضبط الأسعار، وذلك يأتي بمتابعة بيانات من بلد المنشأ وتحديد فائدة معينة، لكن هناك تلاعب بالأسعار، قبل الحرب كان يوجد تموين يتم من خلاله متابعة الأسعار وضبطها".


ويعزو الاختصاصيون التضخم بوجود فائض الطلب، ويتحدد سعر السلعة عندما يتعادل الطلب مع العرض، وإذ ما حدث ازدياد في الطلب على سلعة معينة، فإنه تنشأ فجوة بين الطلب والعرض، وتؤدي هذه الفجوة إلى رفع السعر، الحل يكون بتعادل العرض مع الطلب.


وبسبب الحرب، أكثر من 83 % من سكان سوريا أصبحوا تحت خط الفقر، وتراجعت الليرة السورية منذ عام ٢٠١١، حيث خسر الاقتصاد السوري ٥٠٠ مليار دولار.


ويعتبر الفساد ملازماً للحرب، وهي سمة له وآفة عالمية، خاصة في الدول النامية، ويقل في الدول ذات الاقتصاد القوي، وهو اختلال في العلاقة بين السلطة والجهاز التنفيذي، والفساد يخلّ بالسياسة ويجعلها رهينة لرأس المال، معرقلاً لعملية التنمية الاقتصادية. بل يعد سوء الأوضاع المعيشية محركاً للثورات والحراك الشعبي، فكل إصلاح اقتصادي بداية لتنمية وإنعاش للاقتصاد.


ليفانت - ديرسم عتمان


النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!