الوضع المظلم
الإثنين ٠٤ / نوفمبر / ٢٠٢٤
Logo
كورونا.. لماذا قتل الفيروس بعض الناس وتعافى منه آخرون؟
فيروس كورونا

يتعافى العالم في الوقت الراهن، من تداعيات ومآسي فيروس كورونا، ومتحوراته، التي أدخلت العالم فيما يشبه الدوامة التي تُغرق كل من اقترب منها.

ومع دنو الفيروس اللعين من إتمام عامه الثالث، حيث جرى اكتشاف حالات الإصابة الأولى في ديسمبر 2019 في الصين، وخلال الأعوام الثلاثة أودى كوفيد-19 بحياة الملايين وأصاب مئات الملايين، وإلى الآن ظلت أسئلة كثيرة لا تجد إجابات شافية في عقولنا، وأهم تلك الأسئلة.. لماذا قتل فيروس كورونا بعض الناس، فيما تعافى البعض الآخر منه بمنتهى السهولة؟

فمن ضمن أكثر الألغاز المرتبطة بمرض كوفيد-19، ظهرت معضلة حضوره كأعراض "طفيفة شبيهة بالإنفلونزا لدى بعض الأفراد، فيما تحول عند آخرين إلى مرض شديد أدى إلى الموت"، وهو ما سعت ورقة بحثية جديدة عرضت في العدد الأخير من دورية "نيتشر" Nature لشرحه عبر تتبع الأسس الجينية لهذا الانقسام.

اقرأ أيضاً: موجود بالخفافيش الروسية.. فيروس شبيه بالكورونا قد يصيب البشر

وأثناء التجارب التي نظمت باستخدام فئران التجارب، كشف الباحثون من جامعة "روكفلر" أن الفئران ذات المتغيرات الجينية المرتبطة سابقاً بمرض ألزهايمر كانت أكثر عرضة لخطر الموت لدى الإصابة بفيروس كورونا المستجد، المسبب لمرض كوفيد-19.

وتتوافق تلك النتيجة مع التحليل الذي جرى إجراؤه بأثر رجعي، والذي أفصح أن المرضى الذين لديهم نفس المتغيرات الجينية، كانوا أكثر عرضة للوفاة طوال الوباء، ونظراً لأن 3% من سكان العالم يمتلكون هذه المتغيرات الجينية، فقد تكون للنتائج آثار على مئات الملايين من الأفراد على مستوى العالم.

ووفق سهيل تافازوي، الأستاذ بجامعة "روكفلر"، والباحث الرئيسي بالدراسة، فمن الجلي أن "العمر والجنس وبعض الأمراض مثل السكري تزيد من خطر حدوث نتائج ضارة عند الإصابة بفيروس كورونا، لكن هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها مثل هذا المتغير الجيني الشائع المرتبط بوفيات كوفيد-19".

وخلال دراسات سابقة، درس مختبر تافازوي جيناً يسمى "APOE" يمنع انتشار الورم الميلانيني، وينظم الاستجابات المناعية المضادة للورم، حيث باشر مع فريقه البحثي في النظر إلى أشكاله المختلفة عن كثب.

ورأى تافازوي وفريقه أن أغلب الناس لديهم شكل يسمى "APOE3"، بيد أن 40% من السكان يحملون نسخة واحدة على الأقل من متغير "APOE2" أو "APOE4"، ويُنتج الأفراد المصابون بـ"APOE2" أو "APOE4" بروتينات تختلف عن البروتين المنتج بواسطة الحاملين لمتغير "APOE3"، وذلك نتيجة للاختلاف في واحد أو اثنين من الأحماض الأمينية.

وذلك الفرق في واحد أو اثنان من الأحماض الأمينية يجعل الأفراد المصابين بـ"APOE4" أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر وتصلب الشرايين، وقد برهن هو وفريقه البحثي كذلك أن الحاملين لهذا المتغير، بالإضافة إلى المتغير "APOE2" لديهم إمكانية أكبر للإصابة بسرطان الجلد.

ومع تقدم الوباء، باشر تافازوي وأوستندورف في التساؤل عما إذا كانت متغيرات الجين "APOE" قد تؤثر على نتائج "كوفيد-19 كذلك، قائلاً: "لقد نظرنا في السابق إلى الأمراض غير المعدية، ولكن ماذا لو جعلت متغيرات (APOE) الأشخاص أيضاً عرضة لعامل معدٍ، مثل كورونا المستجد، فهل يمكن أن تسبب استجابات مناعية مختلفة ضد الفيروس؟".

ولمعرفة ذلك، توجه تافازوي وزملاؤه إلى فئران التجارب؛ حيث رأوى أن الفئران المصابة بمتغيرات "APOE4" و"APOE2" من الجين، كانت أكثر عرضة للوفاة من الفئران التي لديها متغير "APOE3" الأكثر شيوعاً.

ووجد بنجامين أوستندورف، الباحث المشارك بالدراسة أنه "كانت النتائج مذهلة؛ حيث كان الاختلاف في واحد أو اثنين فقط من الأحماض الأمينية في جين (APOE) كافياً لإحداث اختلافات كبيرة في بقاء الفئران التي يظهر عليها مرض كوفيد-19".

وكان لدى الفئران المصابة التي لديها متغيرات "APOE2" و"APOE4" الجينية، مزيد من الفيروسات المتكاثرة في رئتيها، ومزيد من علامات الالتهاب وتلف الأنسجة، أما على المستوى الخلوي، رأى الباحثون أن المتغير "APOE3" يبدو أنه يقلل من كمية الفيروس التي تدخل الخلية، في حين أن الحيوانات ذات المتغيرات الأخرى لديها استجابات مناعية أقل فاعلية للفيروس.

وأردف أوستندورف: "تشير هذه النتائج مجتمعة إلى أن التركيب الوراثي للجين (APOE) يؤثر على نتائج كوفيد-19 بطريقتين، من خلال تعديل الاستجابة المناعية ومنع الفيروس من إصابة الخلايا".

وعقب تلك النتائج، تحول الفريق البحثي من المختبر إلى الدراسات البشرية، وفي تحليل لـ13 ألف مريض في البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وجد الباحثون أن الأفراد الذين لديهم نسخة من "APOE4" أو "APOE2" كانوا أكثر عرضة للوفاة من كوفيد-19 من أولئك الذين لديهم "APOE3"، ويحمل ما يقرب من 3% من الأفراد نسختين من "APOE2" أو "APOE4"، ويمثلون ما يقدر بقرابة 230 مليون شخص في كل أنحاء العالم.

وصرح تافازوي: "هذه الدراسة يجب أن تتبعها دراسات أخرى لتأكيد النتائج، ومن ثم يمكن أن يوصي الأطباء بإعطاء الأولوية للأفراد الذين لديهم متغيرات (APOE4) و(APOE2) الجينية، للحصول على اللقاحات والمعززات والعلاجات المضادة للفيروسات".

ليفانت-وكالات

كاريكاتير

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!