الوضع المظلم
الإثنين ٢٣ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
  • كورونا القامشلي، لامبالاة شعبيّة وتأخّر الجدّية الرسميّة

كورونا القامشلي، لامبالاة شعبيّة وتأخّر الجدّية الرسميّة
كورونا القامشلي لامبالاة شعبية وتأخر الجدّية الرسمية

يتأسّف رسول علي 35 عاماً على تأخّر الإدارة الذاتيّة في تطبيق إجراءات السلامة المطلوبة، فيقول لليفانت: "الإدارة الذاتية مرهفة الإحساس والمشاعر، وهي لا تتنازل للقيام بخطواتٍ احترازيّة، ومسبقة، فكسبُ الوقت هو العامل الرئيسي في محاصرة الفايروس نظراً لعدم وجود الدواء". ويقرأ رسول تعميمات الإدارة الذاتية التي صدرت 14/15/آذار/2020 حول القرارات والإجراءات الاحترازيّة التي اتّخذتها للحدّ انتشار الفايروس . لامبالاة


يبتسم ليقول: "بعض موظفي الإدارة قالوا لي: يارجل هو مجرد فيروس صغير لا يُرى بالعين المجردة وترغب أن نستعدّ له باكراً". وكانت الإدارة الذاتيّجة قدّ منعت التجمّعات وأوقفت العلم في المدارس والمعاهد وجامعتي كوباني وروج آفا، وتوقيف الدوام في هيآتها وفروعها، لبضع أيام، وأصدرت حزمة من التوجيهات والقرارات، وبدأت بحملة تعقيم خاصّة في مراكزها، وسبق أن أغلقت معبر سيمالكا الحدودي مع كوردستان العراق لتعيد فتحته مؤقتاً أمام الزائرين الرّاغبين بالعودة من الطرفين . 


إضافة لذلك، تخصيص يوم واحد فقط أسبوعيّاً أمام المنظّمات الدوليّة، وتقييد حركة التجارة، كإجراءات احترازيّة، إلّا أنّ سلافة خير الدين/21 عاماً/ تنتقد التأخّر في تطبيق تلك الإجراءات وتعدّها غير كافية: "الأمر لا يتوقّف عند التعقيم أو منع الاختلاط والتجمّعات، نحن بحاجة إلى مراكز طبيّة وحجر صحي متطوّر، لماذا لا يوجد لدينا أجهزة كشف حراريّة، صحيح إنّ الإجراءات المتّبعة جيدة ومفيدة، لكنّ التوقيت سيّء جداً، وخطر وجود مصابين سيبقى قائماً، خاصة وأنّ العديد من الناس يأتون من المعابر والمطار، حقيقة ثمّة خوف، لكن ما يزعج أكثر في الموضوع، درجة الاستهتار الشعبيّ به، إنّ الناس في قامشلو ينظرون إلى الفايروس بمنتهى الفانتازتيك، في الوقت الذي التزم غالبية سكان العالم بحجر منزليّ قسريّ، لا تزال الأسواق وحركة المعاهد الخاصة وأغلب المطاعم والمقاهي دون توقّف أو إغلاق". لامبالاة


في أثناء العمل التقت ليفانت مع مجموعة من الصبية الذين يلهون بكرة القدم في حيّ الآشورية، التفتوا حول بعضهم جميعاً وكانت أصواتهم متداخلة فرحاً وبهجة: "يا أستاذ خلينا مبسوطين المدارس سكّرت، وإن شاء الله ما عاد تفتح، الفيروس خدمنا أكتر من كل شي.". هذا وقد أصدرت وزارتي التربية والتعليم العالي في سوريا، وهيئة التربية في الإدارة الذاتيّة قراراً بالإغلاق المؤقّت للمدارس والجامعات، من ضمن الإجراءات التي اتّخذتها الحكومة السورية لمواجهة الفايروس.


ونتيجة انتقال المرض عن طريق اللّمس سواء المباشر، أو المواد الحاملة للفيروس نتيجة اللّمس، فإنّ الإرشادات الطبيّة تنصح بارتداء القفّازات دوماً، وعدم الملامسة أو المصافحة، بعكس ما فعله جان يوسف الذي التقت به ليفانت مع صديقته في إحدى المقاهي العائليّة، فيقول: "شعرت باقتراب الاعتكاف الإلزامي في المنزل، وقبل أن نبتعد عن بعضنا، قبّلت يدها، فلا فيروس يتغلّب على بشرتها، هو الانتصار على الفيروس بالنسبة ليّ، خاصّة وأنّ القبلات ربما تصبح ممنوعة،


أخذتُ مطلبي وأنا أشعر بالتفوّق على المرض، بحثت في الأسواق مطوّلاً ولم أعثر سوى على علبة معقم "تاتش" واحدة فقط، منحتها لحبيبتي، وقلت عن نفسي، الله الحامي، لكنّي لم أشأ أن أخبرها بذلك، هذا وتشهد أسواق قامشلو نقصاً حادّاً في الكمّامات ومواد التعقيم والمعمقّات الشخصيّة، حيث يرى ريزان بائع في محل مواد تجميلٍ ومعقمات: "شهدنا إقبالاً كثيفاً على تلك المواد وخاصة "التاتش" ما ساهم أكثر في فقدانها وعدّم توفرها بكثافة لدينا من أساسه، نتيجة عدّم الاستخدام الواسع لها"، لكنّ الصيدلاني الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه قال: "ثمّة شيء غريب، نطلب كميات من الكمامات سواء من باقي المحافظات، أو المراكز الطبية في المدينة، دون أن نعثر على جوابٍ حول سبب فقدان الكمامات من المنطقة، عدا أنّ سعرها ارتفع بمقدار 250%، والأكثر غرابة أنّ نسبة المستغلّين للكمامات لا تتجاوز 1% فقط، كما تمّ رفع سعر مادة السبيرتو 200% وهي الأساس في تطهير وتعقيم اليدين والأماكن المختلفة". لامبالاة


لكنّ الصحفيّة سولين محمّد أمين تذهب في اتجاهٍ آخر وتعتقد بأنّ الإجراءات المتّعبة كافية وهي عينها المطبّقة في كل دول العالم والجوار، من حيث منع التجمّعات، التعقيم، التثقيف، وإغلاق المعابر نهائيّاً، وبخصوص التأخير في تطبيق إجراءات السلامة تقول سولين: "الإدارة الذاتية لم تهتم بالموضوع في البدّاية لعدم جديّتهم، لكن بعد تأكّدهم من خطورة الفيروس بدأت إجراءات جدّية وكافية". وتتردّد سولين بحكم طبيعة عملها الصحفي على دير الزور كثيراً، كونها تختصّ بتغطية قضايا عديدة هناك، وتعتقد أنّ تلك المنطقة رُبما تشكّل خطراً"، فالمعابر الغير رسميّة البريّة والمائيّة مثل، الزر، الشحيل، حوايج ذيبان، سويدان، يُمكن أن تصبح مصدراً للتهريب سواء البشري أو البضائع، ورُبما يساعد على نشر الفيروس، وترى سولين إنّ احتمالية تواجد الإصابات في دير الزور كبيرة: "أعتقد هناك إصابات بالفيروس في دير الزور وغيرها من المناطق، خاصة مع التواجد الإيراني في تلك المناطق، ويتمّ التستّر عن ذلك لمصالح خاصة بالحكومة السورية، وإنّ هذا الأمر سيضرّ بكل سوريا".


إلى تاريخه لا إصابات بالفيروس كما أعلنت عن ذلك هيئة الصحّة أكثر من ذي مرّة لوسائل إعلام مختلفة، عدا عن الشكوك بأربع حالات، كانت نتيجة الفحص سلبيّة، لكنّ السيد عامر العلي 52 عاماً يُشكّك بقدرة الإجراءات المتّخذة في حماية المنطقة من وصول الفيروس: "المعروف إنّ إيران مركز للوباء، ومعبر البوكمال إلى دير الزور يعجّ بالإيرانيين، وثمّة حركة نقل بين أبناء محافظة الحسكة ودير الزور سواء عن طريق التشكيلات العسكريّة المختلفة، أو الصحفيين، أو المنظمات، أو أهالي دير الزور أنفسهم القاطنين في مناطقنا ويرتادون إلى مدينتهم، المطلوب هو قطع الطريق أمام تلك الحركة، وحصرها بفئات محددة على نطاق ضيّق مع فحص يومي دائم". لامبالاة


سبق وأن شهد العالم موجة أوبئة حصدت أرواح الملايين كالطاعون الذي اجتاح أوربا بين عامي 1347–1352 حيث حصد أرواح ثلث سكان القارّة. ثم الكوليرا الذي انتشر على مدار 150عاماً، الذي أنهى حياة قرابة 50 مليون شخصاً. والجدري الذي قضى على 300 مليون في القرن الـ 20. كما أنّ مرض السلّ يعرف عنه بمرض المبدعين حيث ارتبط مرض السلّ في التاريخ بوفاة المفكّرين والكتّاب وصنّاع التاريخ منهم، "سيمون بوليفار" محرّر أميركا الجنوبيّة، الزعيم "مصطفى كامل" الذي مات عام 1907م، الأديب العالمي "تشيكوف" والكاتب العالمى "كافكا" ومن قبل الأخوات برونتي (إميلي وشارولت، وآن). لامبالاة


وصحيح إنّ لا شبه بين جائحة كورونا ونظيراتها من الجوائح التي غزت العالم، سواء من حيث عدد الموتى أو المنطقة الجغرافيّة التي انتشرت فيها، لكنّ سرعة انتقال الفيروس من منطقة إلى أخرى، وتحديداً انتشاره بكثافة في ألمانيا وفرنسا، وفلورنسا التي لم تتمكّن من التعافي من الطاعون إلا بعد خمس قرون، وهاهي المدينة نفسها كما أغلب مدن إيطاليا حاضنة خطيرة للفيروس. لكنّ خطراً عظيماً يحيط بالمنطقة الكوردية في سوريا كما يصفه المهندس جان إبراهيم 35 عاماً: "حيث لا أمن غذائيّ ولا أمن صحيّ أو طبيّ أو بيئيّ أو مائيّ لدينا، ليس لدينا شيء يُمكن أن يحمينا، خاصة وأنّ البنية التحتيّة للمشافي ليست سيّئة فحسب، بل كارثيّة، وأعداد كبيرة من الأهالي يعتمدون في معيشتهم على عملهم اليومي، ووصول الوضع للبقاء في البيت، سيعني حرمان عائلاتهم من موارد عيشهم، عدا أنّ إغلاق المعابر سيزيد من الأعباء الماليّة والمعيشيّة علينا جميعاً". لامبالاة


كما بدأت حملات التوعية من قبل عدّة جهات رسميّة وإعلاميّة، ودعا الوطني الكوردي للابتعاد عن التجمّعات واتّخاذ التدابير اللازمة للوقاية والحماية، فيما تقاطعت جميع الأطراف السياسيّة على إلغاء احتفالات عيد النوروز لهذا العام، منعاً من الاختلاط ولمواجهة الوباء.


اشتركَ معظم من التقت بهم ليفانت على ذكر فكرة مشتركة: "يتواصل معنا أبناؤنا في الخارج يوميّاً، حيث منهم من راح يبكي، ومنهم من يتحدّث بحزنٍ عميق، ويقولون لنا، قاوموا وسنلتقي مرّة أخرى".


ليفانت - شفان إبراهيم 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!