الوضع المظلم
الإثنين ٢٠ / مايو / ٢٠٢٤
Logo
قضايانا ورؤيتنا.. إضاءة بضياء أهل الرأي والفكر (2)
زهور الشقافي

جميل أن تتناغم وتتناسق أفكارنا مع هويتنا، وانتماءاتنا بدءاً من الانتماء الإنساني إلى الانتماء إلى مفردات الهوية، والأجمل من ذلك أن نكون حروفاً تامة كاملة معبرة في مكانها وموقعها اللائق بها على السطور. وعلى دراية بواقعنا صادقين مخلصين وفاعلين ناضجين ناهضين على مساطر الارتقاء بأوطاننا ومجتمعاتنا ومحيطنا وعالمنا الإنساني الرحب.

نكبات وكوارث تحل بنا من هنا وهناك وبهذا السبب وبغيره لأكثر من قرن من الزمان في منطقتنا فتارة على المستعمر، وتارة على قوى التطرف، وتارة على يد الطبيعة التي فتكت بنا من جفاف وزلازل وفيضانات وأعاصير وسيول، وحروب وكوارث أخرى.

في حديث حول العديد من الأوضاع الراهنة عربية وإسلامية؛ سياسية واقتصادية مع واحدة من أهل الرأي والفكر والرؤى وإحدى السياسيات الناهضات بشؤون المرأة والمجتمع في عالمنا العربي والإسلامي الأكاديمية والسياسية الدكتورة زهور الشقافي الأمينة العامة لحزب المجتمع الديمقراطي المغربي* خرجنا بزبدة الصدق من الحديث ودقة الرأي وصواب الرؤية في الحوار الذي دار مع سيادتها على النحو التالي:

- سيادة الدكتورة الألم الذي أصاب المغرب جراء الزلزال ألم أصابنا وأحزننا جميعا وقدم الجميع مواساته وتعاطفه للشعب المغربي الكريم، ونحن نقدمه أيضا من خلالكم؛ ولقد شهدنا حجم الدمار الواسع في مناطق عديدة بالمغرب تأثرت بالزلزال وبهزاته الارتدادية وقد أتى الزلزال على قرى بأكملها وبنية تحتية بأكملها، وقد أثار رفض المملكة المغربية للمساعدات الدولية المعروضة عليه استغراب البعض، وقد أثار في نفس الوقت إعجاب البعض الآخر؛ وسؤالنا هنا هو:

هل أوضحتم سيادتكم لنا تفسيراً لذلك ونبذة عن الأوضاع التي تجري في وسط هذا الدمار الواسع؟

بداية أحييكم وأحيي كل رسالة إعلامية نزيهة وهادفة وأتمنى التوفيق لها، ونشكركم.. ونشكر جميع من تعاطفوا تجاه أشقائهم في المملكة المغربية وشاركوه الآلام وهذه واجباتنا تجاه بعضنا البعض فنحن أبناء جسد واحد.

قبل التوضيح أود أن أترحم على شهدائنا بالمملكة وأتقدم بخالص التعازي والمواسات للشعب الليبي الشقيق، وجوابا عن السؤال أوضح لجنابكم وأجيب بالمختصر المفيد أولا عن الزلزال وما أحدثه؛ بالطبع خسائرنا البشرية هي أعظم الخسائر المفجعة وأكبر المُصاب فالإنسان أغلى ما نملك، لكن حجم التأثير بسبب الخسائر المادية الأخرى كبيراً جداً ومربكاً نظراً لاتساع رقعة التأثر الزلزالية وما أحدثه الزلزال من دمار للبيوت والأراضي والبُنى التحتية في مناطقه وكذلك ما أحدثه من ضغوط إضافية مضاعفة على المناطق المجاورة لمناطق الزلزال وكل ذلك يستدعي النفير العام؛ وهو ما حدث بالفعل فقد وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه أوامره على الفور لكافة مؤسسات الدولة إدارية وعسكرية وأمنية ومجتمعية لاحتواء الموقف وقام الجيش المغربي بدور بطولي في هذا الجانب وكذلك قوى الأمن وباقي مؤسسات الدولة أدوا واجباتهم على أكمل وجه.. لذا ومن هنا قمنا داخلياً واعتماداً على جيشنا ومؤسساتنا بتغطية الأزمة والانتشار في كافة المناطق المتأثرة بالزلزال وتأدية الواجب الوطني ذاتياً، وبالتالي من الناحية الميدانية لا نحتاج إلى أي دعم، ولم نرفض أي دعم فالدبلوماسية المغربية ذات قيم ثابتة.. ولم يرفض المغرب بل قال نحن لا زلنا نقيم الأوضاع الميدانية التي على ضوئها نحدد الأضرار والاحتياجات التي نحتاجها على ضوء نحدد ما نحتاج.. وعليه المغرب لم يرفض وكان واضحا منذ البداية لكن سوء تفسير النصوص والتصريحات لا يتحملها المغرب بل يتحملها المفسرون أنفسهم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى المملكة المغربية دولة ذات سيادة كريمة ورصينة محصنة ولا يمكن السماح بتهديدها أو المساس بها بأي شكل من الأشكال، والمساعدات الدولية أمر متعارف عليه بين الدول في الكوارث وقبوله أمر طبيعي، وفي أفضل الأحوال لن تكون المساعدات المقدمة من هنا وهناك ملبية لكافة الاحتياجات فالمناطق المنكوبة قد تحتاج لعشرات المليارات من الدولارات لإعادة الإعمار والبناء على مدار سنوات، ونُطمأن الجميع ولله الحمد تبرعات المغاربة أنفسهم في الداخل والخارج وقد فاقت التوقعات وأظهرت بوضوح مدى حجم التكافل بين أبناء الشعب المغربي، كما تبرع البرلمانيين وكبار شخصيات الدولة لصالح المتضررين؛ أما عطاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ورعاه فكان في غاية السخاء والعطف على رعيته.. تضررنا كثيراً وفقدنا أحبتنا ومواطنونا لكننا صابرون محتسبون وصامدون ونتخطى الأزمة بنجاح بقدراتنا الذاتية قبل أي مساعدات خارجية.. صرف الله عنا وعن الجميع.

سيادة الدكتورة رأيتم ما سببه الإعصار في درنة الليبية كيف تصفون الموقف وما حدث في درنه وما هو موقفكم تجاه الشعب الليبي؟

قبل الجواب على الشق الأول من سؤالكم على أن أقول بأن ما حدث في درنة الليبية قد ضاعف من مصابنا وأوجاعنا فنحن أشقاء في الوجود والدم والعِرق والعقيدة والإقليم وشركاء في النكبة كلانا مكلوم لذا نحن أول من سيشعر بالآخر، أما الجواب على السؤال لقد حدث ما قدره الله ولا مرد لقضاء الله، الأمر في درنه مؤلم مفجع وكارثي وهي نفس الأوضاع في مناطق الزلزال بالمغرب، وقدر الله وما شاء فعل، ورحم الله الشهداء وألهم ذويهم الصبر والسكينة وهون عليهم مصابهم.. قلوبنا معهم، أما الجواب على الشق الثاني من السؤال عن موقفنا تجاه الشعب الليبي فهل يُسأل الشقيق عن موقفه تجاه شقيقه في هذه الكارثة وأعتقد كان جوابي متضمنا ذلك في جواب الشق الأول لكني سأزيد قليلا نحن في المغرب كلنا درنه وكلنا ليبيا والمصاب واحد في جسد واحد، وكم سعت المملكة المغربية وما زالت تسعى لإعادة الاستقرار إلى ليبيا.

كيف ترون السودان في ظل الأوضاع الدائرة فيه وهل يمكن أن يصل طرفا الأزمة إلى حل يُنقذ السودان وشعبه، وهل يمكن أن يكون للمغرب دور في هذا؟

الأوضاع في السودان لا تبشر بالخير بعد هذا الدمار الذي أصاب الدولة والوطن والمقدرات والنفس البشرية.. فالحديث عن الأوضاع بالسودان مؤلمة ومؤسفة وموجعة لنا في المغرب ونشعر بأننا نكاد نفقد بلدنا الشقيق السودان.. لقد قضوا على الدولة وجوداً ومفهوماً وأتوا على الأخضر واليابس ووضعوا البلاد في منزلق خطير الضحية الأولى والأخيرة فيه هي الشعب السوداني الشقيق والدولة ومؤسساتها ومقدراتها، وجعلوا من السودان باحة خلفية للخفافيش وموضعاً لتجار الأزمات دون أدنى اعتبارات.. كسروا هيبة كل شيء وباتت السودان وكأنها مُلكاً للمتحاربين يمتلكون مصيره ومصير من عليه، أما بخصوص (إمكانية أن يصل طرفي إلى حل يُنقذ السودان وشعبه) نعم كان بإمكانهم ذلك منذ البداية بتغليب منطق العقل والحس الوطني على المنطق غير الرشيد السائد، ونخشى أن يوصلوا السودان إلى مرحلة نخشاها جميعا، وهي مرحلة (تقسيم المُقسم) أما أن يكون لدولة قوتان عاملتان بمستوى الجيوش في آن واحد فهذا أمر لا يجوز وغير رشيد، ونتذكر جميعا الحرب المؤلمة التي انتهت بقيام جنوب السودان والتي ندم الكل على حدوثها، ولكن ما جدوى الندم، وعلى المتحاربين الانصياع لمساعي وجهود جامعة الدول العربية، والاتحاد الأفريقي؛ وأما ما يتعلق بالسؤال هل يمكن أن يكون للمغرب دور في خلق حلول؟ يعرف الجميع سياسة المغرب ومواقفه بشأن قضايا أشقائه وأمتيه العربية والإسلامية ومحيطه الأفريقي، والمملكة المغربية حاضرة على الدوام وبمسؤولية كاملة تجاه كافة قضايا الأمة وللمغرب دوراً مميزاً وبارزاً ولم ولن يكون بعيداً أبداً عن مسؤولياته بهذا الخصوص في الإطار المؤسساتي الإقليمي سواء كان ذلك من خلال جامعة الدول العربية أو من خلال الاتحاد الأفريقي والمساعي المغربية الخاصة.

تتصاعد الأحداث في أفريقيا تباعا في بوركينا فاسو في النيجر في الغابون وفرنسا التي تفقد نفوذها وهيبتها يوما بعد يوم تصعد من حدة موقفها والكل متخوف مترقب.. كيف ترون ما يجري على الأرض من أحداث باتت أشبه بتمرد قارة بأكملها على فرنسا وحلول لاعبين جدد في أفريقيا.. وما موقف المغرب من تلك الأحداث في أفريقيا؟

الأمر لا يمكن وصفه بالتمرد على فرنسا فتلك دول مستقلة ولا يحق لأحد غير شعوبها أن يحكمها فيكون تمرد عليه، إنما هي حالة من الرفض تعاظمت للقوى الاستعمارية التي تمتصّ خيرات الشعوب بواسطة شركاتها وتحت مسميات عديدة ولا تقوم بأداء أقل الخدمات تجاه شعوب تلك الدول فسلة الموارد الطبيعية المتنوعة في أفريقيا يتم تفريغها يوميا لصالح القوى الاستعمارية وما يزال الفقر مصيراً مهلكاً لشعوبها فكيف إن رفضت تلك الشعوب ما يجري بحقها من ظلم وتجويع نسمي فعلها بالتمرد بل هي خطوة نحو الاستقلال الفعلي واسترداد ما تبقى من فتات الموارد كي تلتقط أنفاسها وتتخطى أزماتها مع الوقت، وقد يسميها البعض انقلابات لكن هناك من يسميها بالثورة ضد الاستعمار لطالما هناك تأييد شعبي لها، وما جرى في تلك الدول كانت له جذور ومسببات.

ولقد حسمت الغابون الأمر بانضمامها إلى القافلة وقطعت الطريق على أي عمل عسكري أفريقي مرتقب ضد النيجر، وقد تحسم السلطات في النيجر الأمر بالمواجهة مع كل ما يتهددها خاصة بعد قرار القضاء النيجري بشأن السفير الفرنسي في النيجر الذي رفض المغادرة وهو أمر يُنكِر على النيجر سيادتها على أراضيها ويجعل من فرنسا كما لو كانت وصياً على البلاد، وقد أمر القضاء بترحيله هو وعائلته إلى فرنسا، ولقد انتهت الحقبة الاستعمارية لإفريقيا وأيضا ستنتهي حقبة الاستعمار غير المباشر وستمتلك تلك الشعوب إرادتها ومقدراتها وتصيغ مستقبلها بأيديها؛ وعلى الرغم من تضرر المغرب اقتصادياً من هذه الأحداث المتعلقة بتلك الدول إلا أننا متفائلون بالخير لأشقائنا في النيجر والغابون ومالي وبوركينافاسو ذلك لان الروابط الروحية التي تربطها بالمملكة أقوى بكثيرمن الروابط الاقتصادية.

ما يتعلق بموقف المغرب مما حدث بتلك البلدان فكما أسلفت أن المغرب قد تضرر من تلك الأحداث وما يدفعه المغرب من ضريبة للتداعيات القائمة بالدول الأفريقية المضطربة ليس بقليل جراء عملية انتهاك سيادة الدول بشكل أو بآخر، ولهذه الاضطرابات عواقب سلبية كثيرة على المغرب منها أمواج الهجرة غير المشروعة التي تتدفق على المغرب الذي يطالبونه بمكافحتها علماً بأنها نتاج لسياسات استعمارية لم تتوقف حتى لو أعلنت الدول استقلالها؛ والمغرب بسياساته الرصينة يقف على أرض صلبة مُصانةٌ بقراراتٍ سيادية صارمة وبالتالي موقف المغرب هنا مع تلك الأزمات التي ألمت بتلك الدول موقف يرتكز وبقوة على ثقةٍ بالداخل ومرونة في العلاقات الخارجية المنضبطة بمقررات الداخل، ويغلب المغرب منطق السلم والدبلوماسية على لغة الحرب والسلاح وبالنهاية للدول سيادةٌ وإرادة لابد من احترامها، ونحن في المغرب لا تتعارض توجهاتنا مع القيم والقوانين والمواثيق الدولية في الوقت الذي نقف فيه مع إرادة الشعوب وسيادة أوطانها وحقوقها المشروعة في الاستفادة بمواردها ومقدراتها.

إحدى كبريات الأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي قوى التطرف التي يدعمها ويديرها النظام الحاكم في إيران وقد احتلّ بالمباشر وبالوكالة دولاً عربية ودمرها ولم يُنكر ذلك وتمدد في أفريقيا وله فيها وجود لا يستهان به. والسؤال هنا هل انعدمت خيارات مواجهة هذا النظام، وهل يمكن إنهاء وجوده في اليمن ولبنان وسوريا والعراق ودول أفريقيا؟

نعم.. نحن أمام وباء إبادي ومفتت للمجتمعات والشعوب ومهدداً للدول بالانهيار والزوال وما تفضلتم به هو الحقيقة، ومؤسف ومحزن جداً ما حدث وما يحدث من دمار وقتل وتشريد ونهب وخراب في الدول العربية على يد نظام الملالي الحاكم في إيران ولا تقتصر تدخلات ومخاطر نظام الملالي في مساعيه للتمدد على البلدان التي يحتلها هذا النظام ويهيمن عليها فحسب لا بل على منطقة الخليج والشرق الأوسط وبلدان أفريقيا أيضاً، ويعتمد تمدد هذا النظام على أشكال متعددة منها الفكر المتطرف المشبوه ومنها العسكري المباشر وبالوكالة من خلال ما يسمونه بالحرس الثوري والميليشيات المسلحة المتطرفة التابعة له، وحتى من خلال بعثاته الدبلوماسية ولا ولن يتقيد هذا النظام بالقوانين أو بالقيم والأعراف الدبلوماسية ولا بسيادة البلدان وكرامة ومعتقدات الشعوب؛ كذلك تُعد المشاريع الاقتصادية لحرس هذا النظام هنا وهناك وسيلة للهيمنة والتدخل والفتن، والمعروف عن نظام الملالي أنه أينما تواجد حل بفكره وفتنته وسلاحه ومرتزقته وأحل الخراب والدمار والمؤسف أن كل ذلك باسم الإسلام ولا علاقة للإسلام بهكذا نهج، أما عن سؤالكم هل انعدمت خيارات مواجهة هذا النظام؟ لا تماماً فكل الخيارات متاحة وممكنة فسيادة البلدان هي صلب كرامتها ورفعة مكانتها ويعرف الجميع بتجربتنا في المغرب مع هذا النظام إذ كان رد المملكة المغربية سريعٌ وحاسم فسيادتنا وأمننا وأمان مواطنينا خط أحمر وكان الطرد هو أفضل الخيارات وبالطبع كانت لنا أسبابنا المشروعة ولم ننتظر أن يستفحل الوباء لنطبق مقولة أخر الدواء الكي، وفي أفريقيا كانت دولة السنغال حاسمة في موقفها من نظام ولاية الفقيه في إيران وقامت بطرده أيضاً، ومع ذلك ما يزال هذا النظام متواجداً بفعالية في أفريقيا، أما تدخلات هذا النظام في الدول العربية فهو أمر يدينه كل عربي وكل مسلم وتواجه الشعوب العربية على يد هذا النظام نفس المآسي التي واجهها وعانى ويعاني منها الشعب الإيراني؛ وكل الخيارات ممكنة ومتاحة حتى لو كانت متأخرة جداً فهي متاحة قبل أن يمتلك النظام الإيراني سلاحاً نووياً يفرض به سياسة الأمر الواقع، ومن هذه الخيارات المعاملة بالمثل ومنها خيار الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني ودعم معارضته خاصة الوطني للمقاومة الإيرانية الذي تقوده السيدة المناضلة مريم رجوي للتخلص من مخاطر هذا النظام الذي بزواله ينتهي وجوده في العراق واليمن وسوريا ولبنان وكافة دول المنطقة وأفريقيا ويستقر الشرق الأوسط وتستقر أفريقيا ولا حل ينهي وجوده سوى نهايته ونهاية حقبته في إيران.

ما هو تفسيركم لـ تعامل النظام المتطرف في إيران مع النساء والفتيات الإيرانيات وما سر هذا النهج الوحشي مع النساء، وهل ثورة النساء في إيران ثورة ضد الحجاب؟

بداية كيف ننتظر من نظام لا يؤمن بالحرية والتعددية وحق الفرد وقيم العدالة الاجتماعية ولا يحترم قيم الإسلام الحقيقية أن ينصف الإنسان الذي كرمه الله سواء كان رجلاً أو امرأة فالدين المعاملة، وأرى أن التعامل المتطرف المفرط من قبل نظام ولاية الفقيه ضد النساء بقصد إخضاع وإذلال المجتمع ككل لكنه فشل في ذلك طيلة قرابة أربعة عقود ونصف واجه فيها الشعب بالأزمات والقمع والكبت وتقييد الحريات، والمرأة الإيرانية هي الفئة المنكوبة  الأكثر فقد مات أبوها وأبناؤها وبناتها بالباطل إما على جبهات المغامرات وإما في غياهب سجون الرأي أو ساحات التظاهر السلمية وعليه فالمرأة هنا وليُ دم وصاحبة حقٍ كامل في الوجود الحر الكريم حق المساواة في كل شيء وحق العمل والحياة وحرية الرأي والاختيار، ويدرك النظام أن وجوده وزواله مرهون بنهضة المرأة، أما سر هذا النهج الوحشي مع النساء هو أن المرأة الإيرانية لم تعد تطالب بحقوق معيشية يومية فتلك صفحة قد طوتها المرأة الإيرانية المنتفضة، وهي اليوم الجزء الأهم من مشروع سياسي على رأسه السيدة مريم رجوي وتقوده أغلبية نسوية؛ وارتباط المرأة الإيرانية المنتفضة في الداخل مع المرأة الإيرانية السياسية القائدة التي تمثلها في الخارج وترفع صوتها في كل المحافل الدولية أمر يرعب النظام ويجعله موقِناً بأنه على وشك السقوط والزوال ولا خيار ولا وسيلة أمامه سوى القمع بعد أن فقد شرعيته؛ أما التساؤل حول ما إذا كانت الثورة في إيران ضد الحجاب فهو سؤال وجيه وبالجواب عليه يتم وضع النقاط على الحروف فوصف الثورة الإيرانية الجارية بأنها ثورة ضد الحجاب هو مؤامرة ضدها لتقويضها وتقزيمها والطعن بها ونزع صفة الثورة عنها، والحقيقة هي أنه لا يمكن اختزال ثورة عامة في مفردة واحدة من مفرداتها.. نعم الحجاب مفردة من مفردات الثورة وليس كل الثورة، والثورة ليست ضد الحجاب بل ضد مسعى الإكراه سواء الحجاب بالإكراه أو الرداء بالإكراه أو الرأي بالإكراه أو الحياة بالإكراه، والمنصف يرى ويعترف أن النساء الثائرات في إيران، منهن المحجبات حجاباً كاملاً، ومنهن المحجبات حجاباً خفيفاً وبدون حجاب لكن العفة والقيم متوفرة وحاضرة في المجتمع وإذا أراد الملالي العفة في المجتمع فليعينوا المجتمع على ذلك من باب المنطق والعدل، والسيدة مريم رجوي التي تقود المقاومة الإيرانية وتدعو إلى رفض قوانين الإكراه في كل شيء هي امرأة مسلمة محجبة باختيارها وقناعتها وملتزمة بقيم وأخلاق الدين وبهويتها، وكذلك جميع النساء في منظمة مجاهدي خلق مسلمات محجبات باختيارهن، وبالتالي فإن الثورة ليست ضد مبدأ الحجاب وقد خرجت مظاهرات نسوية عديدة فيها كلا الطرفين من النساء ينادين بحجاب وبدون حجاب ماضون نحو الثورة.. الثورة ثورة شعب مشروعة تقودها المرأة وهذا أمر مفرح لي كامرأة تنادي بحقوق وحرية المرأة.

سمعنا عن بدء شركة إكس لينكس إحدى شركات الطاقة البريطانية في مشروع إنشاء كابل ناقل للطاقة الكهربائية تحت البحر من المغرب إلى بريطانيا فهل يستطيع المغرب أن يكون عنصراً فعالاً في إنهاء أزمة الطاقة في أوروبا؟

سؤالكم في غاية الأهمية عن أمر حيوي لأوروبا، خاصة بعد المتغيرات السياسية والمناخية العالمية، وقبل الإجابة عليه علينا أن ننظر إلى موقع المغرب الجغرافي الاستراتيجي كوقوعه بالقرب من شبه الجزيرة الإيبيرية وفرنسا وبريطانيا وبالتالي فإن كلفة نقل أية سلع، سواء كانت الكهرباء أو غيرها هي كلفة قليلة قياسا بغيرها.. ويمتلك المغرب الحلول والموارد التي تجعل منه عنصراً فعالاً في الإسهام بحل الكثير من أزمات أوروبا سواء كانت الطاقة أو غيرها، وتختلف معطيات اليوم عن معطيات الأمس فالغرب الذي يناور ويساوم بالأمس ولم يستمع له المغرب؛ اليوم فقد خياراته في المناورة والمساومة، ومنطق الحاجة وقلة البدائل هو من يتحكم بالموقف، وأصبحت لغة أغلب الأوروبيين لغة مرنة تخضع لمبدأ المصالح بعيداً عن النهج الاستعماري القائم على استنزاف مقدرات الغير، وطاقة الرياح والهيدروجين المغربية كفيلة بالإسهام في حل جزء من أزمة الطاقة في أوروبا وبشروط المغرب واحترام مبدأ سيادته ومبدأ التعاون والمصالح المشتركة فالمغرب يمتلك أفضل موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العالم، وكذلك يعد المغرب مؤهلاً أكثر من ذي قبل ليصبح منتجاً ومصدراً وممراً للطاقة نحو أوروبا التي هي الأخرى بحاجة إلى ذلك كسلعة ولدى المغرب القدرات والكفاءات في هذا المجال ويمكن للمغرب أن يغطي جزءاً كبيراً من عجز الطاقة في أوروبا وتزويدها بطاقة نظيفة.

هل ستؤثر كارثة الزلزال في المغرب سلباً على أزمة التضخم وغلاء الأسعار في البلاد؟

نحن بشر كسائر البشر في العالم ولسنا وحدنا من يواجه أزمة الغلاء والتضخم لأي سبب كان، وبعد كارثة الزلزال بالمغرب أو أثنائها لا يمكن للمغرب أن يسمح بالتلاعب بالأسواق في ظل حالة الطوارئ التي نعيشها؛ ولن تؤثر كارثة الزلزال على السوق في المغرب، وأي افتعال للأزمات سيقابل بصرامة وحزم ولا تهاون بأمن البلاد وقوت العباد؟ وقد تؤثر هذه الأزمة على أساسيات الحياة لدى المتضرر لفترة وجيزة لكن الدولة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وحفظه تعمل على قدم وساق لتغطية أي عجز وسد الثغرات ومكافحة أي خلل، وشعبنا محب لقيادته ومتعاونٌ معها، والمغاربة متكافلون اجتماعياً ولله الحمد، ولدينا مخارج وحلول كثيرة تتحملها الدولة من أجل تعويض المواطن وتخفيف تأثير الأزمة العالمية المفروضة على الجميع وتبعات الزلزال الكارثية التي واجهناها ونواجهها بنجاح، ومن لا يعلم فإننا في المغرب لا نصنع حلولاً لتلك الأزمات فحسب بل وعلى الرغم من موجة الجفاف التي مر ويمر بها المغرب وأزمة الزلزال ما زلنا أحد مصادر الغذاء إلى أفريقيا وأوروبا ونتحكم في تحركات السوق بدقة فيما يتعلق باحتياجات السوق المحلي وفقاً لسياسات الدولة ومؤسساتها وأجهزتها الرقابية، ولا تهاون مع تجار وصيادي الأزمات، ونحمد الله أن المغرب بلد منتج ومصدر ومكتف بفضل الله وحكمة قيادته الرشيدة.

ليفانت – د. زهور الشقافي

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!