الوضع المظلم
الأحد ٢٢ / ديسمبر / ٢٠٢٤
Logo
قصر السلام.. وإن جار علينا
 صبحي ساله يي

ترشيح أكثر من شخص لمنصب رئيس جمهورية العراق، لا يعدّ نسفاً للديمقراطية ولا تهديماً لخطوات تشكيل الحكومة الوطنية ولا يخلّ بالتوازنات السياسية القائمة ولا يلقي بظلال داكنة على العملية السياسية في كوردستان أو العراق، كما يدّعي البعض ويجانب الحقيقة عمداً وعن سابق إصرار، لأن المنطق والديمقراطية وأعرافها والتعهدات والوعود المتكررة التي أوجعت رؤوسنا وآلمت آذاننا، خلال السنوات الماضية، تبيح التنافس الحر الكامل والواضح، ولا تستثني أحداً حتى لو كان انتقائيّاً في تفكيره وحاول أن يضحك على ذقوننا بعبارات وجمل مكررة أو عبر إغداق الأموال بسخاء على المنجمين والمنافقين وأفراد ومجاميع انتهازية مستعدة لرفع اللافتات في الشوارع، أو كتابة مقالات وتقارير باهتة في الصحف والمواقع الإلكترونية أو الدخول في مهاترات على الفضائيات.

شخصياً، كنت أتمنى أن يتم الاتفاق والتوافق خلف الأبواب المغلقة وفي جلسات سرية وبطريقة صائبة وسليمة، على مرشح كوردي واحد لمنصب رئاسة جمهورية العراق. مرشح يمتلك تاريخاً نضالياً ومؤهّلاً علمياً وذو خبرة في العمل السياسي والدبلوماسي الحكومي، ولائق بالكورد وبالحركة السياسية الكوردستانية، لأن الذي يجلس في قصر السلام يجب أن يحظى بأوسع تقدير واحترام ومهابة في الأوساط السياسية الإقليمية والدولية، ولكن يبدو أن الرسائل الواضحة الموجهة من البارتي إلى يكيتي والتي احتوت على حلول بديلة ودعت إلى ترشيح أكثر من شخص من يكيتي للمنصب ليتم اختيار أحدهم، قد تم فهمها وتفسيرها بشكل خاطئ وأثارت المطامع ودفعت نحو الدخول في مغامرة عجيبة وغير محسوبة.

وسارت السفن كما لا نشتهي عندما سمعنا العناد الغريب على إعادة ترشيح الدكتور برهم صالح بحجة الإصرار على امتلاك الإرادة، رغم اليقين من ضعفه وعدم تمكنه من مواجهة مرشح البارتي السيد هوشيار زيباري، ورغم اليقين من أنه قد حصل على الولاية السابقة بطريقة مضطربة، وكان لا يستحق هذا المركز المرموق والجلوس في قصر السلام، ولأنه لم يؤدِّ دوره الحيوي الأمين في صيانة الدستور ورعاية أحكامه ومراقبة تطبيقاته.

وبموازاة ذلك الإصرار العجيب، انتشرت الشكوك والإشاعات، والكثير من القيل والقال في وسائل الإعلام، بعضها أزال الغموض عن القضية وتحدّثت بصراحة متناهية عن فشل مساعي التوافق بين الطرفين وحاولت وضع الأمور في سياقها الطبيعي وقدمت حججاً مقنعة، وبعضها الآخر حاولت إخفاء الحقائق عن أناس من حقهم أن يسمعوا ويفهموا ما جرى، وزادت الإرباك وسعت لتبرئة مواقف مزاجية تم إدانتها واهتزّت الثقة بها وخضعت لانحيازات وإملاءات مخالفة. وبين هذا وذاك أراد البارتي، ولأنه يدرك الأخطار التي تحدق بالعراقيين عموماً، التمتع بموقع أفضل في عملية صنع القرار في بغداد، ليسهر على ضمان الالتزام بالدستور وتمثيل المكونات القومية والدينية والسياسية في العراق، من جهة، وليترك انطباعاً طيباً لدى الرأي العام العراقي من خلال مواقف وخطوات موزونة تعبأ بأمن واستقرار الشعب وتراعيه وتقدم المصالح العليا على المصالح الحزبية، ورشح السيد هوشيار زيباري لاستلام مفاتيح قصر السلام خلال الدورة المقبلة.

أخيراً.. ورغم أننا لا نريد أن نسبق الأحداث، إلا أننا نقول إن زيباري الذي يمتلك الخبرة والحكمة والحنكة السياسية والدبلوماسية، هو الأوفر حظاً للجلوس في قصر السلام، وسيفوز بفارق كبير عن أقرب منافسيه.

 

ليفانت - صبحي ساله يي

 

كاريكاتير

من وحي الساحات في سوريا

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!