الوضع المظلم
الأحد ٢٨ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
في ذكرى المحرقة اليهودية
غسان المفلح

السوريون اليوم هم يهود العالم. مع فارق مهم ومأساوي بالطبع. هو أن من يتحدثوا باسم المحرقة اليوم، يساهمون في قتل الشعب السوري. أقصد زعماء العالم والحكومة الاسرائيلية، واللوبيات المساندة لإسرائيل في دول العالم الكبرى.


هذه الجوقة لم تحترم دماء ضحايا المحرقة التي ارتكبها الحزب النازي الألماني بين عامي 1939 و1945.

المفارقة هنا أن حكومة إسرائيل ولوبياتها في الغرب، تتحالف مع بقايا النازية والفاشية في ألمانيا وأوروبا عامة، من أجل دعم المقتلة الأسدية في سورية.


تتوجه وفود من نحو 50 دولة إلى القدس اليوم لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لتحرير معسكر الموت في أوشفيتز واتخاذ موقف واضح ضد معاداة السامية. وسيحتضن مركز ياد فاشيم التذكاري للهولوكوست هذا التجمع.

وينظم احتفال الخميس من قبل الملياردير المقرّب من الكرملين ورئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي موشيه كانتور. وسيلقي بوتين، الذي يصل إلى القدس مع وزير خارجيته سيرغي لافروف إحدى الخطب الرئيسية.


منتدى خاص لإحياء ذكرى المحرقة تنظمه إسرائيل لأول مرة بتاريخها. ينتقل الفاعلون من دافوس حيث يديرون هناك اقتصاد العالم اإى القدس!

من المفارقات الطريفة هنا حيث "حثت بولندا بوتين" على عدم استخدام ذكرى ضحايا المحرقة في الألعاب السياسية. رغم ذلك هذه الحكومة البولدنية، تدعم بوتين والأسد في قتل السوريين.


في السابع والعشرين من هذا الشهر تحل هذه الذكرى. هؤلاء الذين يريدون إحياء ذكرى المحرقة: دعموا الأسد على مدار خمسة عقود، قتلاً ونهباً وتشريداً للشعب السوري، دعموا بوتين وإيران من أجل مزيد من قتل الشعب السوري، كي لا تنتصر ثورته، وينال حريته. كي يبقى الأسد قاتلاً.


من الاحتمالات السوداء الممكنة "أن يعطوه هؤلاء السادة المجتمعين في القدس جائزة نوبل للسلام" أو الذين كانوا مجتمعين في دافوس السويسرية.

دعموا وغطوا الاحتلال التركي لشمال سورية. الجيوش الأمريكية والفرنسية والإنكليزية متواجدة أيضاً وتحتل ثلث المساحة السورية. متجاورة متحابة إسرائيلياً مع قوات الأسد. إسرائيل سلاح طيرانها وصواريخها لم ينقطع عن الغارات على سورية مستهدفاً غالباً مواقع إيرانية. دون أن يقترب من الأسد ومواقعه.


بعد كل هذا كيف يمكن أن نصدق دموع التماسيح هذه التي تذرفونها على ضحايا الهولوكوست؟ لم أجد متحدثاً من هؤلاء القادة متعاطفاً مع السوريين. أو يريد دعم مطلب السوريين في الحرية في أن يعيشوا بسلام وأمن لهم ولجيرانهم. العكس هم مع مزيد من قتلنا.


إننا كسوريين متضامنين مع ضحايا المحرقة. نستنكر أي صوت يحاول التشكيك بحدوثها. لكن أحفاد ضحايا المحرقة كما يدعوا" يدعمون من يقتلنا".

هؤلاء يتفرجون على الملالي وحرسها الثوري وفيلق قدسها "الإيراني" يقتل شعوب المنطقة في العراق وإيران ولبنان. دون أن نخوض في جوهر خلافهم مع الملالي القتلة.


في الواقع إن ذكرى المحرقة تستدعي قيام منتدى لأجل إحلال السلام في العالم، ومنع القتل لشعوب المنطقة من قبل عصابات حاكمة تربطها علاقات مع هؤلاء الفاعلين في إحياء ذكرى المحرقة.

أنا السوري أحيي ذكرى المحرقة كي أقول للعالم: إن الإنسان واحد في هذا الكوكب. لأنكم كررتم وتكررون فعل المحارق في بقاع العالم.


أنا السوري الذي اقتلعتموه من أرضه. ودعمتم قتله، ولازلتم تدعمون قتله على يد الأسد وبوتين وخامنئي. اعتبر الآن كإنسان إن ضحايا المحرقة هم أجدادي.

واسمحوا لي أن أقول لكم يا من تحيوا ذكرى الهولوكست: أنكم قتلة. أنكم تكتبون تاريخ قتل السوري فقط لأنه طالب بحريته من عصابة أسدية قاتلة وإبادية. خمسة مليون طفل سوري الآن، خارج التعليم وخارج الحد الأدنى من حق الحياة. اثني عشر مليون لاجئ ونازح اقتلعتموهم من ديارهم وشردتموهم في بقاع لئيمة عليهم أيضاً. تم قتل واعتقال أسدي لأكثر من مليون سوري.


يتسائل السوريون: ما سر تمسككم بالأسد؟ تختلف الأجوبة عندهم: مصالح، الخيار الإسرائيلي الأمريكي، الخيار الأوروبي، بوتين والصين، ملالي إيران. في الحقيقة يمكن أن تكون كل هذه الإجابات صحيحة. لكن المشترك بينها كما أرى:

إنكم قتلة. هل يمكن للسوري أن يطلب من القتلة حمايته من بعضهم مثلاً؟


هنا قصتنا كسوريين. مع ذلك مطلب حريتنا وكل هذا القتل لم يمنعنا أن نكون إنسانيين ومع الإنسان أينما كان. ردود افعالنا الغاضبة أحياناً ناتجة عن مذبحتكم الأسدية. أنتم تعرفون ذلك. الخبراء بشؤون المنطقة عندكم يعرفون ذلك.

نعم إنكم قتلة. أتحتاجون إلى دليل أكبر من أن يتحالف أحفاد المحرقة مع بقايا - حزب البديل الألماني وحزب خيرت فليدرز الهولندي وحزب ماري لوبان الفرنسي- من ارتكبها في أوروبا وألمانيا من أجل بقاء الأسد! لهذا أنتم قتلة.


إنها ليست صرخة غضب فقط، بل هي توثيق أيضاً لجريمة القرن الحادي والعشرين. هولوكست هذا القرن. كما كان الهولوكوست الأصلي في القرن العشرين. للقول إنكم أسوأ وريث لهذا الهولوكوست.

نعم إنكم قتلة.


غسان المفلح - كاتب سوري

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!