الوضع المظلم
الخميس ٢٥ / أبريل / ٢٠٢٤
Logo
  • فرنسا والانتخابات.. مفترق طرق ينتظرها مع الناتو والعنصرية

فرنسا والانتخابات.. مفترق طرق ينتظرها مع الناتو والعنصرية
الانتخابات الفرنسية \ ليفانت نيوز

في يوليو 2021، أعلنت الحكومة الفرنسية، توقيتات إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلاد، حيث ستشهد فرنسا في أبريل 2022، انتخابات رئاسية، تليها انتخابات تشريعية في يونيو، ويعد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، المرشح الأوفر حظا حتى الآن، فيما تحل مارين لوبان الشعبوية اليمينية المتطرفة في المركز الثاني طبقاً للاستطلاعات، من بين نحو 30 مرشحاً، أعلنوا عن مشاركتهم في الانتخابات.

فرنسا تخفّض التأشيرات الممنوحة للجزائر والمغرب وتونس بنسبة تصل لـ 50%

ماكرون والترشح

انتُخب الرئيس إيمانويل ماكرون في السابع من مايو عام 2017، لولاية مدتها خمس سنوات وتولى منصبه يوم 14 من نفس الشهر، ورغم أنه الأوفر حظاً، إلا أن ماكرون أعلن في الخامس من يناير الماضي، أنه "يرغب" في الترشح للانتخابات الرئاسية لكنه لم يحسم قراره بعد، قائلاً في مقابلة مع صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية: "أرغب بالترشح، عندما تسمح الظروف الصحية وتتضح الأمور بالنسبة لي وبالنظر إلى المعادلة السياسية سأكشف عن القرار"، مضيفاً رداً على أسئلة قراء الصحيفة: "هذا القرار يتعزز في داخلي، واحتاج إلى التأكد من أنني قادر على تحقيق ما أصبو إليه".

اقرأ أيضاً: الجمعية الوطنية في فرنسا تقول لا لطلب لجوء أسانج

فيما أظهر استطلاع للرأي أجرته BFMTV، في الثاني عشر من يناير، أن حوالي نصف الفرنسيين يعتقدون أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيعاد انتخابه رئيساً لفرنسا لولاية ثانية، وأن ماكرون هو المرشح الأوفر حظاً في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وذلك قبل أقل من ثلاثة أشهر على الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2022.

كما أظهر الاستطلاع، أن ما يقرب من واحد من كل اثنين من الفرنسيين (48٪) يعتقدون أنه ستتم إعادة انتخاب رئيس الدولة في أبريل المقبل، كذلك، توقع 14٪ من المشاركين في الاستطلاع فوز فاليري بيكريس، مرشحة الجمهوريين أو المرشحة مارين لوبان، ورأى 6٪ منهم فقط انتصارا للمنافس القومي إيريك زمور، في حين وجد 5٪ أن زعيم أقصى اليسار، المرشح جان لوك ميلينشون سيفوز بالانتخابات الرئاسية، أما جميع المرشحين الآخرين فقد حصلوا على أقل من 3٪.

لوبان والناتو

أما مارين لوبان، المرشح الثاني على سلم الترجيحات، وهي زعيمة حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني، فقد صرحت حول جملة قضايا، لعل أهمها وجود فرنسا ضمن حلف الناتو، إذ دعت في الثاني عشر من يناير، إلى انسحاب فرنسا من القيادة المشتركة لحلف الناتو، قائلةً إن الناتو بحاجة إلى إعادة توجيه لمحاربة الأصولية الإسلامية، التي رأت أنها أكبر تهديد للعالم.

ومن شاشة القناة التلفزيون "BFMTV" قالت لوبان: "أعتقد أنه أولا وقبل كل شيء يجب إعادة توجيه الناتو.. لمحاربة الأصولية الإسلامية، لماذا؟ لأنها تشكل أكبر تهديد للعالم اليوم"، فيما قال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، في الثالث والعشرين من يناير، إن زعيمة حزب "التجمع الوطني" مارين لوبان، هي أخطر شخص على البلد، معتبراً فرضية وصولها إلى السلطة، بأنها تعني زرع التفرقة والحرب الأهلية بفرنسا.

اقرأ أيضاً: منتدى الإسلام في فرنسا.. حواري غير مسبوق

موضحاً في مقابلة مع صحيفة "لوجورنال دو ديمانش"، إن لوبان "عندما تقول إنها ستجبر القضاة على اتخاذ عقوبات جنائية إلزامية، فهذا ليس ممكناً دستورياً، وسيكون ذلك بمثابة إنهاء لمبدأ أساسي وهو فصل السلطات، فهي عندما تتحدث عن صفر هجرة، فهذا ليس ممكناً تقنياً، ولا مرغوباً فيه لمستقبل الأمة، إذا تقلدت السيدة لوبان المسؤوليات، فسيكون ذلك يعني التفرقة الوطنية، ثم الحرب الأهلية".

بينما انتقد كليمان بون، سكرتير الدولة المكلف بالشؤون الأوروبية بالوزارة، بشدة دعوات عدد من السياسيين الفرنسيين المعارضين، إلى خروج فرنسا من حلف الناتو، واصفاً إياها بالمتهورة، وقال في تصريحات متلفزة: "هناك من انتهز الفرصة وقال إنه يجب (على فرنسا) الخروج من الناتو، ستكون مثل هذه الخطوة متهورة في هذه اللحظة"، مشيراً إلى أن على الدول الغربية إظهار وحدة صفها في ظل الوضع المتوتر الحالي المتعلق بالأزمة في أوكرانيا، مضيفاً أن "انقسام الغرب سيكون أفضل هدية منا لروسيا".

لكن ذلك لم يمنع مارين لوبان، في الخامس من فبراير الجاري، من العودة للتأكيد على أن فرنسا ستغادر حلف الناتو في حال فوزها بالانتخابات، قائلةً خلال لقاء مع ناخبيها عقد في مدينة رانس شمالي البلاد: "علينا أن ندافع عن مصالحنا بحرية ونخرج من منطق الأحلاف العسكرية.. لذا فسوف نخرج من قيادة الناتو الموحدة، كيلا نسمح بجرنا مرة أخرى إلى صراعات لا طائل لنا منها".

زمور والعنصرية

وبعيداً عن المرشحين الذين يدعون للخروج من حلف الناتو، يوجد من يحض على الكراهية والعنف والعنصرية، إذ فرضت محكمة الإصلاح الباريسية في السابع عشر من يناير، غرامة قدرها 10 آلاف يورو على السياسي اليميني والمرشح الرئاسي عن حركة "الاسترداد" إريك زيمور، بسبب إدانته بالتحريض على الكراهية العنصرية.

وقد أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية التي نشرت الخبر، إلى أن "سبب المحاكمة تصريحات السياسي الفرنسي حول المهاجرين القصر، التي صدرت عنه عام 2020 في مقابلة تلفزيونية"، مضيفةً: "تحدث زمور حينها عن أن المهاجرين القصر جميعا لصوص وقتلة ومغتصبين"، داعياً إلى "إعادتهم إلى بلادهم وعدم السماح لهم بعبور الحدود الفرنسية"، فيما أكد أوليفييه باردو محامي السياسي الفرنسي بعد جلسة المحكمة، أن "موكله يعتزم الاستئناف".

اقرأ أيضاً: مرشحو اليمين في فرنسا يتنافسون بصخب على مقعد الرئاسة

والإشكال، هو في أن الحكم ليس الأول الذي يصدر بحق زيمور في جريمة "التحريض على الكراهية العرقية"، ففي عام 2011، فرضت عليه محكمة الإصلاحيات الباريسية غرامة قدرها 1000 يورو، بموجب مقال مشابه لقوله إن "معظم المجرمين هم من السود والعرب"، ولم يطعن حينها في قرار المحكمة، كما غرمته محكمة فرنسية عام 2017، بـ5 آلاف يورو لإدلائه بتصريحات وقحة بشأن المسلمين، ورفضت محكمة الاستئناف ثم محكمة النقض طعونه.

وعلى عكس آراءه العنصرية، يملك زمور خطاباً مرناً صوب موسكو، إذ دعا في الثالث والعشرين من يناير إلى رفع العقوبات الأوروبية عن روسيا، زاعماً أنه يجب على باريس أن تكون "صديقة" موسكو، مردفاً خلال حديثه مع قناة "فرانس 5": "يجب علينا أن نكون أصدقاء روسيا، لا يجب علينا بعد الآن أن نكون أداة تخدم المناورات الأمريكية".

متابعاً بأن الولايات المتحدة "تقضي وقتها في تحريض الدول الأوروبية ضد روسيا"، وأن هوس واشنطن الأكبر منذ القدم هو "فصل روسيا عن فرنسا وألمانيا، وكلما كان هناك تقارب بين هذه البلدان تتدخل واشنطن لزرع الانقسام"، مردفاً: "أعتقد أنه يجب على فرنسا، وبإمكانها، إظهار إشارات صداقة مع روسيا عبر إزالة العقوبات مثلاً"، مضيفاً: "لو كنت رئيساً لأزلت العقوبات المفروضة على روسيا".

اقرأ أيضاً: بوتين: لروسيا وفرنسا مباعث قلق مشتركة في مجال الأمن

إذاً، تنتظر فرنسا انتخابات رئاسية حاسمة، قد تحمل لفرنسا فترةً تشبه الفترة التي حكم فيها دونالد ترامب الولايات المتحدة، والذي اعتمد عبارات تخص مصلحة واشنطن دون حلفائها، متشدقاً بعبارة "أمريكا أولاً"، ولعل الأصوات العنصرية التي ترتفع من مرشحي فرنسا للرئاسة، رد فعل على ذلك، فيما تعتبر وعود المرشحين بالخروج من الناتو أو من بعض هيكلياته، والتقرب من روسيا، مفترق طرق بانتظار باريس، قد يعيد تشكيل سياساتها.   

ليفانت-خاص

إعداد وتحرير: أحمد قطمة 

النشرة الإخبارية

اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!