-
عام من الحصاد المر للنظام الإيراني
لم يتسنَّ للنظام الإيراني أن يحفل بسنة تخلو من الاحتجاجات الشعبية والنشاطات المناوئة ضده، مع أن هذا النظام يقوم عاماً بعد عام بتصعيد ممارساته القمعية التعسفية ويشدد إجراءاته أکثر فأکثر على أمل أن ينعم بالأمن والاستقرار ويحد من کل أنواع النشاطات المضادة له، لکن الذي يجب ملاحظته وأخذه بعين الاعتبار أنه لم يتمکن أبداً من تحقيق هدفه هذا، وأن الذي جرى ويجري هو على العکس تماماً مما يريده ويسعى من أجله.
العامل الديني الذي يقوم النظام باستغلاله أبشع استغلال، ولا سيما من حيث تصفية وإقصاء معارضيه، فقد استخدمه أيضاً من أجل التغطية على ماهيته الاستبدادية القمعية فرفع شعارات براقة وطنانة من أجل إظهار النظام على أنه نظام تحرري يدافع عن الشعوب المظلومة والمحرومة، ولا سيما بعد الوعود المعسولة التي قطعها مٶسس النظام الخميني بشأن توسيع أوضاع الشعب الإيراني والقضاء على الفقر، لکن صار من المعلوم الواضح للشعب الإيراني کذب وزيف الغطاء الديني أن ما فعله ويفعله هذا النظام لا يمت للدين بصلة.
الاصطدام الذي حصل بين هذا النظام وبين الشعب الإيراني کان أمراً لا بد منه، ذلك أن الشعب تيقن من أنه قد انتقل من تحت يد نظام ملکي ديکتاتوري جائر إلى تحت يد نظام ديني استبدادي أکثر فظاعة وظلماً، بل إن الشعب صار يعي جيداً ما قد أعلنته وأکدت عليه أدبيات منظمة مجاهدي خلق من أن التغيير الذي حصل هو استبدال التاج بالعمامة، ولذلك فإن الصراع والمواجهة الضارية استمرت على مر العقود الأربعة الماضية، وأن تزامن الاحتجاجات الشعبية مع النشاطات المناوئة للنظام من قبل مجاهدي خلق، يعطي انطباعاً بأن هناك ثمة ليس تنسيق فقط وإنما تفاعل بين الشعب ومجاهدي خلق ضد النظام.
أما بالنسبة للانتفاضات ضد النظام وخلال عام واحد أيضاً، وبشکل خاص من 21 مارس 2021 إلى 20 مارس 2022، فقد اندلعت انتفاضة العطش التي توسعت وانتشرت في 73 مدينة من 21 محافظة واستشهد فيها ما لا يقل عن 21 شخصاً. کما أنه وخلال فصل الخريف من نفس الفترة فقد کانت هناك انتفاضة المزارعين في أصفهان والتي شهدت مواجهة حامية الوطيس بين المنتفضين وبين عملاء النظام في قاع نهر زايندە رود لعدة أيام، وشهد فصل الخريف 2021، أيضاً انتفاضة أبناء المدن الكردية، وفي مايو 2022، اندلعت انتفاضة الأهالي والتجار ضد ارتفاع الأسعار والضرائب الباهظة التي فرضها عليهم النظام وتشكلت احتجاجات في 30 مدينة في 8 محافظات.
وفي يونيو 2022، اندلعت انتفاضة شعبية في عبادان بعد انهيار مبنى ميتروبول، وبسبب تقاعس النظام، هرع الأهالي وبدؤوا في إخراج الجثث والمصابين من تحت الأنقاض بأياديهم الفارغة. ودعماً لانتفاضة أهالي عبادان، فقد اندلعت في 29 مدينة من أصل 11 محافظة انتفاضة ضد النظام.
وبالنسبة لنشاطات وحدات المقاومة وشباب الانتفاضة من أنصار مجاهدي خلق، والتي تزامنت على الأغلب مع التحرکات الاحتجاجية، فإنها شهدت تزايداً کبيراً وبالأخص بعد تنصيب رئيسي الذي هدف من ورائه خامنئي أن يسيطر على زمام الأمور وأن يغير في معادلة الصراع والمواجهة القائمة لصالح النظام، وخصوصاً من حيث السيطرة على الأزمات الاجتماعية المستعصية الكبرى والتغلب عليها في أيام قليلة، لکن خاب ظن خامنئي ذلك أنه وبعد مرور عام صار واضحاً فشل مشروع رئيسي عندما اندلعت انتفاضات واحتجاجات غير مسبوقة، فضلاً عن عمليات كسر أجواء الاختناق والكبت على يد وحدات المقاومة وشباب الانتفاضة.
أکثر شيء أصاب النظام الإيراني بالإرباك وسبب له الصداع هو الارتقاء التنظيمي والأيديولوجي والسياسي لوحدات المقاومة والتزامها بإسقاط النظام کهدف لا يمکن التخلي عنه وهو أمر أثار دهشة وإعجاب المراقبين والمحللين السياسيين المعنيين بالأوضاع في إيران، وأن زيادة حملات وعمليات وحدات المقاومة بمقدار ضعفين على الأقل مقارنة بالعام السابق يٶکد حقيقة عزم وإصرار هذه الوحدات في صراعها ضد النظام.
ومن المفيد أن نشير هنا إلى أنه قد نفذت وحدات المقاومة عدة عمليات في 4 أشهر، بما في ذلك الاستيلاء على قنوات النظام الإذاعية والتلفزيونية وبث شعار "الموت لخامنئي، وعاشت رجوي"، وتعطيل عشرات أنظمة وزارة الرقابة والقمع المعروفة بوزارة الإرشاد في حكومة النظام، وتعطيل والاستيلاء على أكثر من 100 خادم وحاسوب وعشرات الأنظمة وقواعد البيانات و37 موقعاً و12 نظاماً داخلياً لوزارة النهب في النظام المعروفة باسم الجهاد الزراعي، وكذلك تعطيل والاستيلاء على 5138 كاميرا مراقبة في بلدية طهران، إضافة إلى ضبط وثائق منظمة السجون القضائية لجلادي النظام، مما أتاح الوصول إلى الكثير من المعلومات، بما في ذلك أسماء وصور 33 ألف شخص من عملاء وجلادي وسجاني سجون النظام.
إضافة لما فات ذکره، فقد کانت هناك عمليات واسعة النطاق من قبل وحدات المقاومة المتمثلة في الهجمات والانفجارات المتتالية في معسكر مالك الأشتر، وهجوم وتفجير واسع النطاق في معسكر القدس التابع للحرس الثوري، وتفجير والهجوم على معسكر ياسر في مشهد، وهو قاعدة ومركز عمليات لقيادة عمليات القمع في مشهد، ومهاجمة وزارة العمل والتعاون، وهي عمليات تزامنت مع ذكرى وفاة الخميني، إلى جانب هجوم وحدات المقاومة على الإدارة العامة لهيئة العقوبات الحكومة في خراسان رضوي، ونشر وبث رسائل قيادة المقاومة وصورهم خلال عشرات العمليات، تحديداً في طهران والمدن الكبرى، مثل تبريز، وأصفهان، وشيراز ومشهد ورشت ومدن أخرى، وأيضاً كان هناك أكثر من 2000 هجوم على لافتات ورموز النظام القمعية وتم إضرام النار فيها، وسلسلة من عمليات الكتابات المناهضة للنظام على الجدران وتركيب لافتات قادة المقاومة، والتي كانت مؤثرة جداً.
ليفانت - فريد ماهوتشي
قد تحب أيضا
كاريكاتير
من وحي الساحات في سوريا
- December 19, 2024
من وحي الساحات في سوريا
ليفانت-خاص
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!